محمد الرحبي على حواف الشعر: كأن الرمل يمسك خطوتي

11:00 صباحًا الأحد 13 يناير 2013
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

يجرّب محمد بن سيف الرحبي في منطقة جديدة بالنسبة إليه وهو يقدم لقارئه إصداره الجديد “على حواف الشعر” محاذرا أن يفهم كتابه على أنه ديوان يتضمن مجموعة من القصائد، وإنما يسميها مقاربة لروح القصيدة، جمع فيها نثار كتاباته في الصحف المحلية عبر السنوات الماضية، خاصة تلك التي ينشرها في عموده (تشاؤل) ما يسميه بالأربعائيات.

وتقترب نصوص الرحبي من روح القصيدة لكنه حريص على مقاومة هذا الإغراء إذ يقدم تجربته للنشر، “مصرّا على أنه لا يجب أن تقرأ كشعر، وإن خالط الكتابة بعضا منه.. كتوثيق لكتابات تناثرت سنوات بين صفحات الجرائد، وضنّ بها على النسيان، كأنه يريد حمايتها من الاندثار، وهي المولودة على يديه حرفا حرفا، ونبضة نبضة” كما جاء في الغلاف الأخير.

يقول المؤلف في مقدمة الكتاب “اجتهدت لامتطاء صهوة القصيدة في بواكير عمري إذ كنت أقرأ الشعر وأحفظه واجتهد لتعلم طريقة تعاطيه لكنني لم أصب بالأدمان كون أن مطيته لم تكن سهلة فتعثرت الأوزان كثيرا، وتساقطت حروفي في بحار العروض عميقا، فآويت إلى ركن النثر، مختارا القصة أكتب بها تخيلاتي، والمقالات الصحفية أنشد فيها تأملاتي.. لكنه شيطان الشعر.. أبي إلا العناد، ومواصلة إغوائي على درب القصيدة.. أقول له: لست بشاعر، ويعود ليضلّني أكثر: ما تكتبه هو الشعر، وإن نثرته، وأرد عليه: ليس بشعر، بل نصوص شعرية، وإن أبيت فهو نصوص شعورية”.

يضيف القول: “ووجدت من يقف مع شيطان الشعر ضدي، يقول إن ما تنشره في أربعائياتك هو قصائد تستحق أن تجمع بين دفتي ديوان!! ديوان شعر!! ليس لهذا الشيطان أن يغويني أكثر.. قلت أنها تشاؤلات تقف على حواف النثر وعلى حواف الشعر، بين حافتين يمكن قراءتهما” تاركا لقارئه حرية تذوق النصوص كما يشاء.

قسّم المؤلف إصداره على مجموعة فصول جمعتها كلمة حواف، وهي: على حواف بين أغنية وقصيدة، على حواف الرحيل، على حواف القمر، على حواف الماء، على حواف عشق، ومنها نقرأ:

أفسحي للغيم ورقة كتابة

ليمطرنا خصبا.

سنولد رغم الخريف

أوراقا ناصعة الاخضرار

سنتعلم ألفباء الحياة..

كأنه لا امرأة في فسحة الكون..

سواك؟

أغرسي أصابعك بين أصابعي

واغمضي عينيك..

للفراغات حكاية

ولما قبل العشق حكاية..

من أول أصبع تولد القصيدة

لآخر اصبع يكتمل المعنى:

رائحة الياسمين على وسادتك حبيبتي

كأنك مبتدأ الرائحة.. منتهى الزهر..

ورد الدنيا.. أنت.

كان المطر كالأنثى

يضع تمائمه

وكانت الطفولة تغني

كي يعطي الغيم آخر جواباته للعاصفة.

تساقط البرد غيمتي

وأنا دون مطرك، أترقب مواسمي

تفيض بك، نصفي الأول..

أكتمل بك.

يانصفي المكتمل، بي.

يذكر أن كتاب “على حواف الشعر” هو الإصدار الخامس عشر للكاتب محمد بن سيف الرحبي بعد مجموعة من الكتب السردية تنوعت بين الرواية والشعر والمقالات النقدية والسيرة الذاتية، كما أنه الإصدار الثاني لبيت الغشام للنشر والترجمة بعد كتاب سرديات لنفس المؤلف.

ومن المتوقع أن تدخل المطابع خلال الأيام المقبلة مجموعة من الإصدارات العمانية التي تتولى بيت الغشام للنشر والترجمة دعمها وهي تسابق الزمن للحاق بمعرض مسقط الدولي للكتاب 2013، والمقرر أن يكون أواخر فبراير المقبل حيث ستتواجد المؤسسة الجديدة ضمن دور النشر المشاركة، كما وقعت اتفاقية مع مؤسسة الانتشار العربي بيروت لتتولى توزيع الإصدارات العمانية في معارض الكتب العربية.

من نصوص المجموعة:

على حافة الماء

مرة إثر مرة:

يسألني الموج عنك

اخجل، وأتوارى في الرمل

كأني لم أسمع نايه الحزين

يربك خطواتي على الماء

حيث ينهال التذكر

على سائر وحيد.

ما لي إذ أمشي

يزحف الموج على خطواتي

فيمحوها بعصبية متفجرة!

تعب الرمل من أصابعي

كتبت عليه آلاف المرات حروف اسمك

وفي كل مرة..

أسمع نشيجه كمن يبكي غائبا.

أعيد كتابة اسمك للمرة الألف

ويعود الموج يلقي على الرمل دمعه.

كأي متعب آوي إلى ركن قصي

بين الماء والماء

كأن الرمل يمسك خطوتي

ثقيلة الخطوة دونك

بعيدة الخطوة إليك..

تبرق نجمة من بعيد

أحسبها أنت

هناك – حتما – مسافر يعبر فوق الماء

يمرح بالضوء سائرا بين يديه

أما ضوئك..

فيلتمع في السماء،

لأنك لا تشبهين إلا .. نجمة.

اقتربي أكثر..

للبحر معنى إذ تسيرين على ضفافه

للزرقة فرح

للعتمة التماعة

لليل أنسه

للنور مغزله إذ تلقين الضحكة على شط البحر.

على حواف بين أغنية وقصيدة

وجهك مطلع القصيدة،

عيناك منتهى كلماتي

سأولد مع ضيائك،

أرى النور عبر عبورك..

بين عيني وعيني

سأكتب لحن الشعر الصامت

لعلي أولد حين تبتسمين،

شاعرا يتعلم كيف تكتب،

على وقع ابتسامتك:

نصف القصيدة.

وحين تمرين بين النبضة والنبضة..

يتعلم كيف يدوزن نصفها.. الآخر.

أنثاي، والكلمات تتوقد كجمر..

تذوي كلهب شمع..

بعضي يلتئم على بعضي،

لأسير على ضفاف حروفك

قصيدة جمالها أنها.. أنت.

لا أريد جمالا آخر لأسميها،

“ما يشبه القصيدة”.

أي فعل لم يرتكب خطيئة التحدث..

عنك!

تورطت في أفعالي. سيدتي..

خلفتها وراء..

روت لي حاضري،

وانت الفعل الأبدي..

أنت أول الزمن وما تبقى..

انت اللغة، قواعدها، فواصلها، غيمها، برقها..

من أنفاسك تحتفي الكلمة بحروفها.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات