«كالسون» السيد الرئيس!

07:50 صباحًا الأحد 13 يناير 2013
محمد فتحي

محمد فتحي

كاتب مصري، وأكاديمي وإعلامي، معد للبرامج التلفزيونية. وتنشر مقالاته في الصحف المصرية والعربية

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

رئيس يعرف التوك توك ويلقى التحية على سائقيه فى أول خطاب رئاسى رسمى له، هو بالتأكيد رئيس يعرف معنى احتساء (الحلبسة) فى الشتاء. يعرف مزمزتها، وبالتأكيد كان يقف على العربات التى تبيعها ويطلب من صاحبها أن (يكتر اللمون)، ونحن جميعاً (كترنا اللمون يا ريس)، وما زلنا نشرب.

رئيسنا ابن بلد يا جماعة، من الوارد جداً، بل أكاد أقسم، أنه مثل أهالينا جميعاً يرتدى «الكالسون» تحت الحاجات. ويضرب طبق شوربة العدس الساخن فى تلك الليالى التى تأكدنا من خلالها أن شتاء ما بعد النهضة يختلف تماماً عن شتاء ما قبل النهضة، على الأقل فى درجة (السقعة) التى نشعر بها ولا تجدى معها كل الدفايات، حتى لتشعر أن الجو داخل ثلاجة بيتكم أهون بكثير من الجو خارجها.

بالطبع لست مع هؤلاء الذين سخروا مما حدث فى الإسكندرية التى تحول فيها سائق الكارو إلى قبطان بعد غرق معظم شوارعها، رغم أن (البرنس) نائب المحافظ يكاد يكون المسئول عنها، ورغم أننى أعجبت بما قدمته حركة 6 أبريل بما كان يجب على سيادته القيام به، لكن الإنصاف يقول أن نعترف أن مصر تغرق فى شبر ميّه من زمان، وليس من الآن، وبسبب تراكمات لم يحلها عبدالناصر نفسه، وليس بسبب مرسى الذى أكمل ستة أشهر فى حرقة دم متواصلة لم يشعر معها أنه رئيس جمهورية بعد أن سرق المعارضون فرحته وراحوا ينكدون عليه آناء الليل وأطراف النهار، لكن الإنصاف كذلك أن نتساءل عن دور مشروع النهضة فى تسليك بلاليع الوطن، وصرف مياه الأمطار، وكيف أغفل خيرت الشاطر هذه النقطة فى المشروع الذى لم نعرف عنه حتى الآن سوى اسمه، لكننى سأتجاوز عن الأمر لأتحدث فى أمر (أعمق) منه تماماً، حيث اتضح أن رئيسنا، ابن البلد، لديه إدارة شئون قانونية فى الرئاسة، على ما يبدو أنها بلا شغل أو مشغلة نعرفها عنهم على الأقل، ويبدو أنها لا ترتدى بطانية النزاهة فى هذا الشتاء، ولا حتى الملابس القطنية فى الصيف، لأنها على ما يبدو أيضاً تفرغت لملاحقة منتقدى الرئيس والانتقام منهم بالزج بهم فى بلاغات وقضايا بتهمة إهانته، والغريب يا أخى أن كل هؤلاء إلى الآن صحفيون وإعلاميون معارضون للرئيس، والأغرب أن هذه الإدارة التى يجلس فيها عدد من القانونيين ليشاهدوا التليفزيونات ويقرأوا الصحف قبل أن يفترسوا خصوم الرئيس ببلاغ هنا أو هناك لم نسمع عن باقى (شغلهم)، ولم نعرف من يعاونهم فى هذا (الشغل)، وما إذا كان لإخواننا فى جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة دور فى هذا، أو تمثيل داخل هذه الإدارة أم لا، لكننا نعرف أن الإدارة لا تجرؤ أن تحرك بلاغاً ضد هؤلاء المحسوبين على التيارات الإسلامية من مؤيدى الرئيس مهما فعلوا، ومهما تسببوا لمرسى فى حرج أو تقولوا عليه، أو تحدثوا باسمه بطريقة (تخرب البلد) وأحيلك إلى تصريحات قديمة لحسن البرنس عن رئيس الهيئة العربية للتصنيع الذى عرض -وفق كلام البرنس- نسبة من المبيعات على الرئيس لأن هذا هو المتبع، فرفض الرئيس واستعصم!!

هذه الإدارة التى قدمت بلاغات ضد محمود سعد ومنال عمر وعلا الشافعى وخالد صلاح ومؤخراً جمال فهمى، جعلت الرئيس فى موضع خصومة تهوى بمقامه، لأن هؤلاء لو تجاوزوا فى (شخصه) بعيداً عن (منصبه) أو تطرفوا فى أحاديثهم ومقالاتهم وتصريحاتهم لدرجة (إهانة) أفراد أسرته مثلاُ لتفهمنا وتعاطفنا مع البلاغات المقدمة ضدهم، إحقاقاً للحق، وترسيخاً لمبدأ أن الرئيس بنى آدم مثلنا يتألم كما يرتدى «الكالسون»، لكن هذه السوابق الحديثة على مؤسسة الرئاسة والتى لم نسمع أن مؤسسة رئاسة محترمة فى مكان آخر فعلتها تجعلنا ندخل فى (عركة بلدى) ستترك علاماتها على وجه (مؤسسة الرئاسة)، لأن كل خصومها سيتحولون -بمعاونتها- إلى أبطال حقيقيين يبقون هم، وقت أن يذهب الآخرون.

يا إدارة يا قانونية فى مؤسسة الرئاسة.. اتعظوا وتعلموا أن الرئيس هو بشر مثلنا، يشرب الحلبسة، ويرتدى «الكالسون».

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات