الكاتب محمد فتحي ينعي وفاة أولاد الرئيس المصري محمد مرسي

03:08 مساءً السبت 17 نوفمبر 2012
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

 على صفحته في فيسبوك، سجل الكاتب محمد فتحي موقفه من حادث القطار الذي أودى بحياة 47 مصريا منهم 43 طفلا كانوا يستعدون للذهاب إلى مدرستهم في جنوب مصر، حين دهمهم قطار سريع، فكتب يقول: ولادك ماتوا يا مرسي

البقاء لله يا مرسي.. أنت لها..اصبر واحتسب، فقد أخبروني ، ولم يخبروك. قالوا لي أن أسامة محمد مرسي طبيب المسالك البولية الذي يعمل في الإحساء بالسعودية تعرض للجلد حتى مات بعد خلاف مع أحدهم، ولم يكن أحد يعرف أنه ابن الرئيس المصري، وكانوا يظنونه مجرد مصري. وأنت لم تكن تعرف أنه ابنك رغم الشكاوى التي وصلتك والوقفات الاحتجاجية، فقدظننته شخص آخر، وآثرت السلامة وعدم التدخل بصفتك وقدرك عند الأشقاء في السعودية، ولو كنت تعلم أنه ابنك لأنقذته، لكن أنت معذور، وتركتك ثقيلة، فاصبر واحتسب.

البقاء لله يا سيادة الرئيس، فقبل أيام، وكعادته التي ربيته عليها،استقل اسامة محمد مرسي بصحبة شقيقيه عمر وعبد الله قطارا الفيوم المتجه إلى القاهرة، وبعد قليل، وبينما يسمعون شكاوي الناس البسطاء الذين لا يعرفون أنهم أبناء الرئيس، وبعد أن ظل ثلاثتهم يدعون لك أن يعينك الله على ما ابتليت به من رئاسة،اصطدم القطار بقطار آخر ، في منتهى الإهمال، وسمع الجميع أصوات صرخات الأطفال والنساء والعجائز، بينما كان قدر الله ألا يصرخ أبناءك الثلاثة، فقط تمتموا بالشهادتين ، وصورتك في مخيلتهم، ثم “إنا لله وإنا إليه راجعون”، ووقت أن جاءك خبر القطار لم يكن أحد يعرف أن أبنائك وفلذات أكبادك بين الضحايا، وكنت أنت – كما عهدك جميع من يعرفك – تهلل وتحوقل، وتحاول أن تتماسك أمام مساعديك فلا تبكي ألماً على ضحايا القطار ، متذكراً استجواباتك في مجلس الشعب عند وقوع حادثة مشابهة، وكيف تناقلته الصحف وأنت تطالب بإقالة الحكومة، ثم أنك أشفقت على هشام قنديل، وأشفقت على وزير النقل، وحزنت لوفاة المواطنين المصريين فأمر ت وزرائك باتخاذ اللازمن والواقع أنهم قد فعلوا، فأعطوا للضحايا وذويهم أموالاً لا تكاد تصل لثمن بعض الماشية التي نضحي بها في العيد، وشاء الله ألا تعرف أن أسامة وعمر وعبد الله كانوا معهم.

البقاء لله يا رئيس كل المصريين، فأمس، كانت ابنتك شيماء تودع أحفادك علي وعائشة ومحمود، وهم يركبون (الباص) في اتجاههم للمدرسة بعد أن أوصتهم بأكل السندوتشات وأعطت كل منهم قبلة على جبينه وعملوا لها (باي باي) بعد أن ركبوا، وعندما عادت لمنزلها اكتشفت أنهم نسوا (الكارنيهات) الخاصة بهم، فرددت بينها وبين نفسها (مش مهم..هبقى اشتكيهم لجدهم)، لكن عند المزلقان كان جرار أحد القطارات يأتي سريعاً، ولا أحد يعرف حتى لحظة كتابة هذه السطور إذا كان السائق تهور وخاطر بعبور المزلقان لكي يلحق بموعده ولا يوبخه الناظر، أم أن جرار القطار دخل المزلقان بدون أي إنذار، لكن الأكيد أن المزلقان كان يسمح بمرور الباص وقت مرور القطار(إهمال)، وأن أحداً لم يمنعه(تسيب)، وأن أحداً لم (يغلقه) بالسلاسل الحديد التي تمنع عبور البشر والسيارات(فساد)، وهكذا حدث الصدام،لينحشر (الباص) بأكمله تحت القطار، ولا يعرف أحد إن كان أحفادك وقتها يأكلون الساندوتشات أم يغنون مع أصدقائهم، أم يخططون ماذا سيفعلون في الفسحة،لكن الأكيد أنهم شاهدوا القطاروهو يأتي مسرعاً، ثم………… لا شئ.

ذهبت الجثث إلى المشرحة وكان بينها ثلاث جثث لم يتم التعرف عليها بسبب عدم وجود الكارنيهات، وكنت أنت تبكي في قصر الاتحادية وتضرب كفاً بكف، وتتصل بهذ وذاك بنفسك لتأمرهم بتقديم يد العون لأسر الضحايا، قبل أن تفاجأ بالسيدة أم أحمد تدخل عليك متشحة بالسواد وهي تبكي، وتصرخ، وتبلغك بالمصائب كلها. لم تتمالك نفسك.سقطت على المكتب وأنت تصرخ وتحوقل فيغير تصديق: لا حول ولا قوة إلا بالله ..ولادي ..ولادي.

قالت أم احمد..أنت السبب..ما الذي يعطلك عن اقتلاع الفساد من جذوره وأنت الذي وعدت بذلك؟ما الذي يجعل لا تحاسب المخطئين والمهملين والمجرمين الذين تسببوا في موت الأبرياء والبسطاء بدلاً من تكريم بعضهم والصبر على البعض الآخر ولعب السياسة الذي (ودانا في داهية)، وبالطبع لم تكن تسمعها ، فقد كانت كل ذكرياتك مع أبنائك تمر أمام عينيك وقتها غائمة بسبب الدموع التي راحت تنهمر منك، والتي تشبه دموع عشرات الأسر التي تعاني،والتي لم تنصفها بعد.
عزيزي الرئيس مرسي.. لم أستطع منع نفسي من كتابة هذا المقال بعد أن سمعت أسئلة البسطاء تتردد كما كانت تتردد أيام مبارك: هو لو ولاده اللي حصل معاهم كده كان هيبقى ده اللي هيعمله؟
سيادة الرئيس.. لو المقال وجعك أو وجع مريديك ودراويشك وجماعتك ،فالحوادث السابقة وغيرها أوجعتنا أكثر، ولازالت.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات