على يمين الرئيس!!

05:29 مساءً الخميس 6 ديسمبر 2012
محمد فتحي

محمد فتحي

كاتب مصري، وأكاديمي وإعلامي، معد للبرامج التلفزيونية. وتنشر مقالاته في الصحف المصرية والعربية

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

من رسوم فنان الكاريكاتير علي قنديل (أنديل)، تستطيعون مشاهدة بعض أعماله على هذا الرابط http://vdo.big5.com/watch/yrP9Dw8BR2I/-.html

على الرغم من انتقادات الكثيرين له أصر الرجل الوطني المحترم على قبول دعوة الرئيس ليكون أحد مستشاريه. كان يرى أن الرئيس يجب ألا يترك في يد جماعته، وأن جسراً يجب أن يظل ممتداً بين الرئيس ومعارضيه أو القوى الوطنية التي يحظى المستشار لديها باحترام كبير لم يقلله قبوله للمنصب، لكن السر الذي لم يفهمه أبداً هو إصرار مسئول البروتوكول- الذي ينتمي لنفس جماعة الرئيس- أن يظل على يمين الرئيس
 حين يحدثه، ولم يقنعه أبداً تبرير المسئول الكبير، والقريب من الرئيس أنه يؤثره على آخرين، ولا ترديده للدعاء (ربنا يجعلنا من أهل اليمين)، ولم يتوقف المستشار عند الأمر سوى الفترة الأخيرة، فقد همس للرئيس وهو عن يمينه في أكثر من اجتماع أن هناك أخطاء كثيرة فيما يفعله ستجلب سخط الناس، وتؤدي لثورتهم ضده، لكن المتحدث عن يساره كان يهمس له يا فندم لازم كمان نصر على هيبة الدولة، لأن تراجعك هو سقوط لهذه الهيبة، وكان الرئيس يكتفي بالصمت، لكن قراراته كانت تزعج المستشار ، وتأتي مؤيدة لمستشاريه من جماعته والمقربين منه، حتى فاض به الكيل حين خرجت جموع عديدة في طريقها للقصر الرئاسي اعتراضاً على قرارات الرئيس. فتوجه للرئيس وسط إحدى الاجتماعات، وأصر على الدخول، ثم وقف عن يمينه وهمس له أن الناس تحتاج لأن يقدر مواقفها، وأن المعارضة ليست خائنة كنا يصور له البعض، وأن احترام الدستور والقانون وجمع الناس في صف واحد أفضل بكثير من المعارك التي سيخسر فيها الجميع، في وقت لا تتحمل فيه البلد أي خسارة من أي نوع. لم يبد على الرئيس أي اهتمام فاحتد المستشار وعلا صوته، لكن المتحدث الرسمي تدخل بصرامة: عفواً سيادة المستشار..لرئيس لديه موعد مع الطبيب الآن. صرخ المستشار باستنكار:لكن الناس على باب القصر، ويجب أن يخرج لهم أو يصدر بياناً يحترمهم، لكن المتحدث الرسمي كان حازماً وهو يقول: موعد الطبيب الآن وسيتوجه له الرئيس في عيادته لاستحالة أن يأتي الطبيب وسط هذه الظروف. حاول المستشار أن يتحدث لكن رجال الحرس الجمهوري والبروتوكول أحاطوا بالرئيس واصطحبوه في سرعة للخارج أمام نظرة المستشار المصدومة. خرج الرئيس في موكبه من القصر وعن يمينه يهتف الناس :ارحل، بينما يصطف على يسار الموكب جنود الأمن المركزي. لكن الوضع داخل القصر كان ساخناً لأن مستشار الرئيس كان يصرخ في الجميع وهو ممسك باستقالته ملوحاً بها في وجه كل من يقابله، حتى وجد أحد المستشارين من جماعة الرئيس فهدأ من روعه وهو يقول له: يا سيادة المستشار استقالة إيه بس..احنا لازم نتكاتف ونخرج بمصر لبر الأمان.قال المستشار: يعني انت عاجبك يسيب كل اللي بيحصل ويروح للدكتور..دكتور إيه؟..ثم أشار بإصبعه في غضب ووعيد للرجل : هل لدى الرئيس ما يمنعه صحياً من أداء مهامه كما كان يتردد.صاح الرجل: فال الله ولا فالك يا أخي .. ده مجرد تعب في ودنه

تهدج صوت المستشار وهو يقول: إوعى تقول لي ف ودنه اليمين

فرد الرجل: أيوة..ودنه اليمين ما بيسمعش بيها خالص.

ثار المستشار وهو يصرخ: وكل ده كان مصدَّرلي الطرشة؟

لكن الرجل حاول التهدئة من روعه وهو يقول: أرجوك ماتاخدش الموضوع بشكل شخصي..هو مصدرها للناس كلها.

يومها قدم المستشار استقالته، وعاد لصفوف المعارضة.

المقال من كتاب تحت الطبع للمؤلف يحمل عنوان: مرسي ودموعي وابتسامتي

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات