باسم يوسف نموذجًا

03:28 مساءً الأربعاء 5 ديسمبر 2012
محمد فتحي

محمد فتحي

كاتب مصري، وأكاديمي وإعلامي، معد للبرامج التلفزيونية. وتنشر مقالاته في الصحف المصرية والعربية

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

كنا نجلس فى مسرح راديو الذى دبت فيه الروح فجأة بعد سنوات من سكن الفئران والعناكب، قبل أن نسمع عبر السماعات الداخلية تنبيهاً بدخول دورات المياه لأن العرض سيبدأ خلال 20 دقيقة أعقبه مؤثرات صوتية تساعد على تفريغ المثانة!!.

هذا هو العرض الأول للموسم الثانى من برنامج باسم يوسف (البرنامج). أنا واحد من آلاف المعجبين بهذا الطبيب، جراح القلب، الذى وجد استخداماً آخر لمشرطه الجراحى ليغوص فى تفاصيل حياتنا السياسية و«يزغزغنا» بمشرطه فيضحكنا، ويبكينا، ويدمينا على حالنا، وهو محافظ على ابتسامته الواثقة وحاجبه المرفوع، ولم أكن أعرف باسم عن قرب حتى سافرنا معاً إلى دبى لحضور منتدى الإعلام العربى الذى احتفى به وببرنامجه الذى يعد أول برنامج ينجح على الإنترنت للدرجة التى تغرى قنوات كبيرة على التنافس عليه، وكان باسم -ولا يزال- إنساناً طيباً وموهوباً ومخلصاً لعمله إلى أقصى درجة يظهر فى السفر بوجه (الجدع) الذى يسأل على الجميع ويحدثك بين الحين والآخر: مالك؟ مش عاجبنى.. فيك حاجة متغيرة، لمجرد أنه لمحك دون ابتسامتك المعتادة، ووقتها كان باسم يحدثنى عن حلمه بتطوير البرنامج ليحاكى البرامج الأمريكية مثل برنامج جون ستيوارت وجاى لينو وديفيد ليترمان وإيلين وغيرها من البرامج العالمية، فيصور فى مسرح بحضور جمهور حقيقى، يضحك تلقائياً، وليس بالزغزغة أو بأوامر المخرج، ويضفى الحياة على ما يقوله، فيجعله أكثر تفاعلاً. ومرت الأيام واستضاف جون ستيوارت باسم يوسف ليحتفى به وبنجاحه، قبل أن تنجح قناة سى بى سى فى التعاقد مع باسم بعد شهور قضاها (قاعد فى بيتهم) لرفضه أى عروض لا تحقق لبرنامجه ما يحلم به، ثم كانت الحلقة الأولى التى شرفت بحضور تصويرها أمس الأول وتذاع اليوم، لأجد فريق عمل محترفاً تظنه للوهلة الأولى مستورداً من الخارج، نظراً لأنك لم تعهد هذه الدقة فى كثير من المصريين، ثم جمهوراً واعياً ومثقفاً ومحترماً، ثم حلقة غاية فى التميز يعوض بها باسم الشهور التى ابتعد بها عن جمهوره، ويعود بقوة ليؤرق مضاجع كثيرين استخفوا بنا، فاستحقوا أن يجعل منهم (أضحوكة).

مارس باسم هوايته الأثيرة فى السخرية من الجميع، وبدأ بنفسه، وبمن معه، ليقدم سخرية طازجة، وضحكاً «بيور» مصفى حتى لآخر فرحة وسط كل ما نحياه من كآبة. قد يزايد البعض على باسم ويقول له: ضحك إيه والناس جنبك بتتضرب فى محمد محمود؟ لكن باسم يظهر فى الحلقة بعد يومين من وفاة صديقهم وزميلهم مصمم الجرافيك الخاص بالبرنامج الذى مات وهو يعمل، فأهداه باسم الحلقة الأولى، كما أن أصحاب التاريخ المحترم لا يستطيع أحد أن يزايد عليهم، لأن من سيرد عليهم هو ذلك التاريخ، وحلقات باسم المتميزة التى قدمها وسط كل أحداث العامين الماضيين.

أنا متحيز لباسم يوسف وبرنامجه وفريق عمله المحترم، وتجربته الاستثنائية التى ستفتح الباب أمام عمل محترم فى هذا المجال، وأتمنى أن تكون الحادية عشرة من مساء كل جمعة هى موعد ثابت لكى ننسى كل الكآبة التى نحياها ولو لفترة عرض برنامج: البرنامج، الذى سنشكر سى بى سى حين تذيع حلقته الأولى كاملة خصوصاً فى جزئها الأول الذى سيكون مفاجأة، وسندرك إذا لم تفعل أن الزملاء هناك من لميسهم وجلادهم وخيريهم وعماد أديبهم، وصولاً إلى أمينهم، لم يهضموها جيداً.. صحة وعافية إن شاء الله.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات