السرقات الثورية آفات الربيع الكاذب: صحافة الإذاعة التونسية .. سطو مع سبق الإصرار على الثورة المصرية

10:18 مساءً الجمعة 18 يناير 2013
خالد سليمان

خالد سليمان

كاتب وناقد، ،مراسل صحفي، (آجا)، تونس

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

العدد الذي تضمن السرقة الصحفية، أو الفشل المهني

لا ريب ولا شك أن شرارة الانتفاضات العربية التي يحلو للبعض وصفها بالثورات انطلقت من نيران الغضب التي أشعلها محمد البوعزيزي و غيره في أنفسهم لتنشب مخالب لهيبها في عروش الظلم و الطغيان في سائر بلدان العرب ؛ وقد يقول قائل أن موعد إنطلاق إنتفاضة الشعب المصري كان محددا من قبل حادث البوعزيزي و إندلاع الإنتفاضة التونسية من أجل كرامة الشعب و هذا صحيح .. بيد أن نجاح الأشقاء في تونس في الإطاحة بالطاغية كان ملهما لتحرك الشارع المصري و شجعه أيما تشجيع علي الصمود والمثابرة بعد أن أصبح المصريون يغبطون أشقائهم في تونس علي إنجازهم الشجاع و هو ما جعل العدوي المحمودة تسري في أوصال الجسد العربي المريض من بلد إلي أخرى.

كان السبق لتونس و كذلك الإلهام و المساندة الشعبية المعنوية الهائلة من قبل كافة أبناء تونس لكل أشقائهم الذين إنتفضوا من أجل حريتهم و كرامتهم ؛ إلا أن كل إنتفاضة عربية كانت لها سمات عامة تشترك فيها مع الأشقاء و سمات خاصة تميز كل منها عن الأخري ؛ وبغض النظر عن عدم إكتمال تلك الثورات بالمعني العلمي الدقيق لهذا المصطلح و بغض النظر عن النتائج المحبطة في أغلب الأحيان و أولها عدم وقوع محاسبات مرضية لجلادي الشعب .. أو عدم وقوعها أصلا ؛ و حقوق الشهداء و الجرحي الضائعة حتي اليوم ؛ و الغموض الذي يكتنف تفاصيل ساعات النظم الحاكمة الأخيرة و القناصة و المتآمرين إلخ .. ؛ إلا أننا قبلنا جميعا هنا وهناك إطلاق مصطلح الثورات و أن ثوراتنا مستمرة ؟! ربما لكي نمسك أمساكا بتلابيب الأمل في المواصلة و إكتمال ثوراتنا و التي لم ولن تكتمل إلا بالكفاح و الطهر والنقاء .. لا بالتدليس و الكذب و النفاق ؛ و هو ما روعني عندما طالعت العدد الخاص بالإحتفال بالثورة في مجلة “الإذاعة” التونسية إذ وجدتها تضع صورة تعد من أيقونات الثورة المصرية مصاحبة لأحد الموضوعات التحليلية من منظور سوسيولوجي حول الثورة التونسية.

وبكل تأكيد فإن الصحافة المصرية و التونسية و الصحافة في جميع أنحاء العالم بشكل عام من حقها إستخدام الصور من أربعة أركان الأرض مع مراعاة شروط المهنية و مواثيق الشرف الصحفية و التي تحتم الإشارة إلي المصدر و المكان و المناسبة و هو مالم يحدث مع تلك الصورة التي تعد من أيقونات الثورة المصرية ؛ و حقيقة لم أعرف الوزاع الذي دعا مسئولي التحرير في مجلة الإذاعة التونسية لإرتكاب ذلك الجرم المهني الفاضح و الفادح .. فإن كان من فعلها يعلم فتلك مصيبة أو كان لا يعلم فالمصيبة أعظم ؛ فلا الثورة التونسية تفتقر إلي المجد حتي تبحث عنه في ثورة أخري ؛ و لا هي تفتقر إلي الفعل فيما كانت لها الريادة و السبق في هذا المضمار ؛ و لا كانت تبحث عن أيقونة بينما أجساد أبنائها المشتعلة بنيران الغضب تنير درب الحرية و الكرامة للعالم بأسره ؛ و هذا كله يجعلك تتساءل عن الدافع لمثل هذا الفعل الشائن الذي يفتقر إلي كل الضوابط الأخلاقية و المهنية و يعتدي حتي علي أبسط حقوق الملكية الفكرية و هو أمر متوارث في الإعلام العمومي الذي يفترض أنه مسئول منذ العهد السابق و لهذا حديث آخر يمس حقوق المؤلفين و الملحنين و المطربين و غير ذلك و هو ما يسيئ إلي ثورة مجيدة لا يشرفها بالتأكيد أن تكون موشاة بأيقونات مسروقة و من المؤكد أنها ستحاسب كل من يحاول أن يلوث و جهها المشرق النبيل
فلا يغرنكم الوجه المشرق للربيع فهو يحمل معه الآفات و الأمراض لتحوله إلي ربيع كاذب لتسرقه من أصحابه الحقيقين .. أنها عقلية اللصوصية أو الإهمال الآتية من الماضي حيث ترعرعت في تربة الطغيان والفساد

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات