عالم الشعر النسائي: يفيض بالأحاسيس والمشاعر

04:13 صباحًا الخميس 24 يناير 2013
رضوى أشرف

رضوى أشرف

كاتبة ومترجمة من مصر، مدير تحرير (آسيا إن) العربية.

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

الشعر له مكانة خاصة في الأدب، والشعر النسائي بالذات. الشعر النسائي قدم رؤية ولوناً جديداً لعالم الشعر، قدم أحاسيس لم يقدمها الشعر الرجالي. ويجزم كلا من قارئئ وكاتبي الشعر، أن الشعر النسائي تفرد بموضوعاته وأحاسيسه، التي إستفاد منها فيما بعد الشعر الرجالي.

على مر تاريخ الشعر كانت هنالك العديد من الشاعرات المميزات مثل نازك الملائكة، فاطمة ناعوت، إيمان مرسال، جمانة حداد، سوزان عليوان، مرام المصري، سعدية مفرح وغيرهن، ممن كتبوا الشعر، كلاً بأسلوبها ومواضيعها وأحاسيسها.

سوزان عليوان .. الفراشة الرقيقة

سوزان عليوان .. الفراشة الرقيقة

وعلى سبيل المثال لا الحصر، سأعرض تاريخ وأشعار بعض الشاعرات المميزات، أولهن هي سوزان عليوان. هي تلك الفراشة الرقيقة التي يجزم كل من قابلها أو من يتمنى أن يقابلها برقتها وعذوبتها بصدقها وعاطفتها. هي تلك الفنانة الشاملة، فهي بجانب كتابتها الشعر، ترسم وتكتب مقالات متعددة في صحف و مجلات مثل الصدى والشروق.

ولدت سوزان في 28 سبتمبر 1974 في بيروت، من أب لبناني وأم عراقية، وقد قضت معظم حياتها في ترحال دائم بسبب الحرب. حتى تخرجت عام  1997 من كلية الصحافة والإعلام من الجامعة الأمريكية في القاهرة، و هي تعيش الأن في بيروت، مع زيارات بين الحين والأخر للبلاد المختلفة.

رصيدها بجانب رسوماتها الرائعة ومقالاتها، 13 ديوان شعري وديوان مختارات. أولها كان في عام 1994 و كان باسم “عصفور المقهى”، لتسير على نمط متقارب و تفصل بين كل ديوان لها سنة أو إثنتان على الأكثر، و قد صدر في 2007 مختارات “بيت من سكر” ضمن سلسلة أفاق عربية بعد رحلة 8 دواوين أخرى. لتتلوها بعد ذلك بأعمالها “كل الطرق تؤدي إلى صلاح سالم”، “ما يفوق الوصف”، “رشق الغزال” و أخرها “معطف علق حياته عليك”.

إحدى رسومات سوزان الجميلة

إحدى رسومات سوزان الجميلة

يمتاز أسلوب سوزان بالخيالات الرقيقة و الكلمات التي تمس القلوب حال قرائتها.

ومن شعرها:

” على التلّ المطلّ
كطائر أسطوريّ
على مدينتنا
غيم وشجر صنوبر
وصغار بالأبيض والأسود
فوق ظلّيْنا يركضون

خطوة على جفنك
أختها على خدّي ”

و يعلق محب جميل، أحد قارئي و كاتبي الشعر على شعر سوزان قائلاً، “سوزان شاعرة تتميز قصائدة بسيميائية وتراكيب خاصة مكتسبة من مواقف ومشاهد حياة متنوعة, تكرار السفر والإقامة في أكثر من مدينة مثل باريس, القاهرة, وبيروت أعطاها حالة من التكامل والتداخل الثقافى مع الإحتفاظ برائحة اللغة العربيّة المميّزة. القصائد عندها حالة من اكتشاف الحياة المحيطة ورسم صور للأشخاص والأماكن. وقد ساعدتها موهبتها فى الفن التشكيلىّ أن تُكسبَ القصائد هذه الرقة والعذوبة الواضحة”.  ويكمل قائلاً عن أعمالها، “صورها الشعريّة تفيض بالألوان  ورائحة الأماكن , ليست قصائد جامدة أو صامتة. لها رقة وبريق خاص يتمكن من سحبك لقصيدة نقيّة لم تتلوث أبداً بخشونة الحياة وقسوتها. وبالرغم من ذلك نجد لها الكثير من اللوحات والقصائد التى تثور وتنتفض من أجل الحرية والطفولة”.

الشاعرة الأنثوية "مرام المصري"

الشاعرة الأنثوية “مرام المصري”

شاعرة أخرى مميزة هي مرام المصري، وهي شاعرة سورية ولدت باللاذقية في عام 1962 ودرست الأدب الإنجليزي بجامعة دمشق، قبل أن تنتقل إلى فرنسا فى عام 1984 و تستقر فيها. وقد تأثر شعرها بنشأتها في بيت إهتم بالفن والجمال، وبتجاربها الحياتية حيث إختارت أن تعيش منفردة بعد زواجين سابقين.

وقد صدر لها 3 دواوين شعرية وهم “أهددك بحمامة بيضاء” في عام 1984، “كرزة حمراء على بلاط أبيض” في عام 1997، و “أنظر إليك” في عام 1998 وقد ترجمت أعمالها كافة إلى الإنجليزية، الأسبانية و الفرنسية. و قد نالت جائزة أدونيس للإبداع الفكري في عام 2000.

أغلفة أحد أعمالها باللغة الفرنسية

أغلفة أحد أعمالها باللغة الفرنسية

يمتاز شعر مرام مثلها بالرفض للخضوع للعادات والتقاليد الثابتة، فهي تعشق الحرية والتغيير. فهي إستطاعت ان تجمع بين الثقافة والحياة الشرقية والغربية، وجمعت بين حياتها في سوريا وفرنسا في أعمالها بطريقة مميزة. هي تفضل ألا تصنف كشرقية أو غربية، تفضل أن تُصنف كانسانة. ومن المتوقع كذلك أن يصدر لها ديوان جديد في باريس.

وأحد قصائدها تقول:

“لأنه لم يعد بيننا حساء دافئا نتناوله،
حديث فاتر نكرره،
لأنه لم يعد بيننا غير سرير،
لا تنبت عليه إلا الطحالب
وليل لا يمحو تعب النهار،
لأنه لم يعد بيننا سوى أطفال
نجهز لهم أوهامنا على طبق”

ويعلق محب جميل، على أشعار مرام المصري كذلك قائلاً, ” مرام شاعرة محترفة, استطاعت أن تثبت خلال فترة قصيرة موهبتها البارزة, تؤمن دائماً بإختزال الفكرة وتكثيفها, حتى تصل للقارىء مُصفاه كأنها عصير رمان. جريئة فى صورها وتسللها إلى مواقف وأحاسيس المرأة. شعرها يأسرك من الوهلّة الأولى وتنبض به دائماً أبجديات الأنثى التى تطمح للحريّة و الثقافة. مرام إمرأة تدون حياتها اليومية فى قصائد تحمل اللغة العربية و تستفيد من الثقافة الباريسية. أعتقد أننى صدقتها عندما قالت “خسرت كل شىء فى حياتى من أجل الشعر” فهى تؤمن بأهمية الكلمة ودور الشعر فى توصيل رسالة المرآة فى الكون.”.

الشاعرة المصرية "إيمان مرسال"

الشاعرة المصرية “إيمان مرسال”

أما من مصر، فهنالك الشاعرة إيمان مرسال التي ولدت في المنصورة عام 1966، وعملت محررة لمجلتي “بنت الأرض” و”أدب ونقد” الأدبيتين في مصر لسنوات عديدة قبل أن تهاجر إلى أمريكا الشمالية. لتقيم بعض الوقت في الولايات المتحدة الأمريكية لتستقر بعدها في كندا مع زوجها و إبنيها. و هي تعمل حالياً  أستاذة مساعدة للأدب العربي في جامعة ألبيرتا بكندا.

ورصيدها الشعري يتكون من 4 دواوين هي، “اتصافات” عام 1990، “ممر معتم يصلح لتعلم الرقص” عام 1995، “المشي أطول وقت ممكن” عام 1997، و “جغرافيا بديلة” عام 2006. وقد ترجمت أعمالها إلى لغات عديدة  ومنها الانجليزية والفرنسية والألمانية والاسبانية والهولندية والايطالية، كما أن ديوانها “جغرافيا بديلة” قد ترجم بأكمله للعبرية، لتكون من الكُتاب القلائل الذين يُترجموا للعبرية. وكذلك إُختير ديوانها “ممر معتم يصلح للرقص” كأفضل مجموعة شعرية في عديد من المجلات الأدبية العربية في عام صدوره.

أغلفة أحد دواوينها "جغرافيا بديلة"

أغلفة أحد دواوينها “جغرافيا بديلة”

ومثلها مثل العديد من الشعراء الذين هاجروا لبلاد أخرى، يجمع شعرها بين مفاهيم الحياة الغربية والشرقية. ويتصف أسلوبها بقدرتها على إستخدام الكلمات المناسبة التي يشعر قارئها بأنه ينتمي لعالمها. كما ترجع شهرتها لقدرتها الدقيقة على وصف الأحاسيس الأنثوية برقة مفرطة.

وقد مدحتها دينا نبيل، إحدى قارئات الشعر، ومدحت ديوانها “ممر معتم يصلح للرقص” لما فيه من صور و أساليب جذابة. و تقول عنه ” استمتعت بالديوان البسيط ده المعقد جدا فى ذات الوقت…يتناول العائله من منظور اخر غير منظور العائله التى تجتمع على الفطور يوم الجمعه ولا اجتماع عيد ميلاد ابن الاخت الصغير، يتناول العائله و الشريك عموما دائما من مفهوم الضياع. ماذا لو ضاع كل ذلك؟ ديوان يذكرك بلحظه سوداء مرت عليك….او لحظات سوداء اتيه لا محاله ترهبها حتى الموت”.

ومن أمثلة شعرها:

“رسمُ القلب
كان يجب أن أصيرَ طبيبة
لأُتابع رسمَ القلبِ بعينيّ
وأؤكدَ ان الجَلْطة مجردُ سحابة،
ستنفكُّ إلى دموع عادية،
إذا توفر قليلٌ من الدفء
لكني لستُ نافعةً لأحد
والأبُ العاجز عن النوم خارجَ سريره الشخصيّ
ينامُ عميقاً، فوق طاولةٍ
في بهوٍ واسع”

الشاعرة اللبنانية الجريئة "جمانة حداد"

الشاعرة اللبنانية الجريئة “جمانة حداد”

وأخيراً وليس أخراً، الشاعرة اللبنانة الجريئة جمانة حداد، ولدت عام 1970 ببيروت بلبنان، و تعود أصول عائلتها إلى بلدة يارون العاملية بجنوب لبنان. وتعمل جمانة حداد حالياً مسؤولةً عن الصفحة الثقافية في جريدة النهار اللبنانية، وأستاذة في الجامعة اللبنانية الأميركية في بيروت. هي ناشطة في مجال حقوق المرأة، ومؤسسة مجلة “جسد” الثقافية المتخصصة في آداب الجسد وعلومه وفنونه. تولّت بين عامي 2007 و2011 مهمّة التنسيق الادراي للجائزة العالمية للرواية العربية “البوكر”.

ورصيدها الشعري يتضمن 11 ديوان يتنوعون بين الشعر والنثر. بدأت ديوانها الأول “وقتٌ لحلم” عام 1995، وأخر ديوان لها كان “كتاب الجيم” عام 2011. وهي تعمل كذلك في الترجمة والصحافة، وقد أجرت مقالات صحفية مع العديد من الكُتاب العالميين مثل إمبيرتو إيكو، جوزيه ساراماغو، باولو كويلو وغيرهم.

أحد الترجمات العديدة التي قامت بها

أحد الترجمات العديدة التي قامت بها

نالت العديد من الجوائز على مدار حياتها مثل: جائزة الصحافة العربية عام 2006، جائزة “شمال جنوب” للشعر في إيطاليا عام 2009، جائزة بلو ميتروبوليس للادب العربي في كندا عام 2010، وجائزة كوتولي العالمية للصحافة في إيطاليا عام 2012.

يتميز شعرها بالجرأة الشديدة الأمر الذي لا يفضله العديد من قراء الشعر ولكنها تعلن بأنها تفخر بنوع الشعر الذي تقدمه، فهي تشعر بأن هذا يمثل صدق منها تجاه نفسها وأفكارها. ولكن لا نستطيع إنكار أن شعرها ورغم جرأته إلا أنه رقيق و حيوي.

ومما كتبته:

“من تكونين أيتها الغريبة .. يا نفسي
يحسبونك المتمردة
وما أنت إلا شبق يخترق ذاته
وذلك الذي يحسبونه رفضا
ما هو إلا دوّار التيه
ومن فرط الأقنعة .. يمحي وجهك !”

بالطبع هنالك العديد والمزيد من الشاعرات العربيات المميزات، وكلهن أثبتن أهميتهن و القيم التي أضفنها للشعر.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات