كم ندفع لتحسين صورة الإسلام في الغرب؟

09:24 مساءً الأربعاء 23 يناير 2013
أحمد محمد حسن

أحمد محمد حسن

كاتب ومخرج بالتليفزيون المصري، القاهرة

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

من الموضوعات المهمة التي طرحت نفسها على الساحة و خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول عام 2001 علاقة الإسلام بالغرب..ويمكن القول بأنه ثمة عدة عناصر يمكن أن تؤدي إلى توتر العلاقة بين الإسلام و الغرب فعبر التاريخ كان إتساع رقعة العالم الإسلامي على حساب الغرب ثم إبتداءا من القرن السادس عشر بدأ يحدث العكس حيث إتسعت رقعة العالم الغربي على حساب العالم الإسلامي .

وحاليا فإن وجود الأقليات الإسلامية في الغرب يزيد من مخاوف هذه الدول وعدم إحساسها بالأمان..ومع تزايد النضج السياسي للحركات الإسلامية ودخولها معترك  الحياة السياسية بدأ يظهر العداء الغربي للإسلام وبدأ الحديث عن الإرهاب الإسلامي و ضرورة إصلاح الخطاب الديني الإسلامي .

ونظرا لأن الإعلام هو المصدر الرئيسي للمعلومات..ولأن معظم وكالات الأنباء و القنوات التلفزيونية المختلفة قادمة من الغرب فإن لها دور واضح وملحوظ في تعزيز الصورة السلبية عن الإسلام والمسلمين في الغرب كما أنها تقوم بوصف المسلمين بالمتطرفين أو الإنتحاريين مما يعزز الصورة المغلوطة عن الإسلام .

يضاف إلى ذلك تصرفات الكثير من المسلمين غير اللائقة وسلوكهم الذي لا يتناسب أحيانا مع تعاليم الدين الإسلامي مما يساعد على التأكيد على الصورة السلبية عن المسلم في الغرب…أيضا هناك تقصير من المسلمين في إستخدام وسائل الإعلام الحديثة لتحسين صورة الإسلام و تصحيحها عند الغرب والتأكيد على عدم إرتباط الإسلام بالعنف والكراهية والتعصب و الإرهاب..وهي الصورة الذهنية للمسلم في نظر الغرب .

ولا يمكن إنكار دور اللوبي اليهودي في إظهار المسلمين بأنهم يهددون دولة الإحتلال الإسرائيلي و يتطلعون بأمل إزالتها من الوجود وأن الإسلام مرادف للإرهاب و التعصب و التخلف .

ولو نظرنا مثلا إلى إنفجار أوكلاهوما عام 1996 نرى العداء للإسلام قد إزداد بعد هذه الحادثة على الرغم من أن الذي قام بها غير مسلم ولكن وسائل الإعلام الغربية إستغلت الحدث في تشويه صورة الإسلام وإدعت أن أحد الإسلاميين هو الذي قام بهذا التفجير وأخذت تسرد القصص عن أن الإسلام هو دين التطرف و العنف و حتى بعد أن ظهر أن الفاعل غير مسلم لم تتخل وسائل الإعلام الغربية عن موقفها واستمرت في مهاجمة الإسلام و المسلمين .

وهنا يظهر السؤال المهم و هو كيف نحسن صورة الإسلام في الغرب..؟ولا شك أن الإجابة على هذا السؤال ليست بالهينة فهي تحتاج إلى تضافر جهود الإعلام الإسلامي والمنظمات و الحكومات الإسلامية لتصحيح المفاهيم الغربية عن الإسلام و المسلمين و يظهر هنا أيضا دور المغتربين المسلمين في البلاد الغربية في تحسين صورة الإسلام من حيث إلتزامهم بالسلوك الحضاري و الصدق في التعامل مع الآخرين .

وهنا تحضرني قصة تتعلق بهذا الموضوع و هي : أن رجلا مسلما سافر للعيش والعمل في بريطانيا و كان يستخدم الأوتوبيس في الذهاب لعمله و العودة إلى منزله يوميا..و مع مرور الوقت تعرف الرجل بسائق الأوتوبيس فهو يركب معه بشكل يومي وتقع المحطة القريبة من منزل الرجل بجوار أحد المراكز الإسلامية التي كان يمر عليها هذا الرجل بعد نزوله من الاوتوبيس .

وقد لاحظ سائق الاوتوبيس هذا…ويدفع الرجل كل يوم مبلغا للسائق هو قيمة التذكرة…وفي أحدى المرات بعد دفع ثمن التذكرة أعاد له  السائق الباقي وبه زيادة 20 بنسا .

فكر الرجل هل يعيد النقود إلى السائق و لكنه وجد أنه مبلغ زهيد لا يستحق عناء المراجعة..ولكنه إستدرك في نفسه أنه سيتم خصم هذا المبلغ من السائق ثم رد على نفسه بأنه مبلغ بسيط يمكن للسائق أن يتحمله كما أن وزارة النقل في الحكومة البريطانية تحصل مبالغ كبيرة من ركاب المواصلات العامة ولن يؤثر معها هذا المبلغ البسيط..ثم فكر مرة أخرى و أخيرا قرر أن يعيد النقود الزائدة إلى السائق..وفعلا إقترب من السائق وأخبره أن الباقي الذي أعطاه إياه به زيادة 20 بنسا وأنه قرر إعادتها لأنها ليست من حقه .

إبتسم السائق وقال له : أنا أعرفك أيها الرجل لأنك تركب معي منذ فترة و أعرف المركز الإسلامي الذي تمر عليه عند نزولك من الأوتوبيس ..و قد قصدت أن أعطيك هذه الزيادة  في النقود لأختبرك وأعرف كيف ستتصرف حيال هذا الموقف وأنا أفكر فعلا في زيارة المركز الإسلامي الذي تمر عليه.

 فكر الرجل المسلم بينه و بين نفسه وقال : ماذا كان سيحدث لو أنني أخذت هذا المبلغ..؟كان سائق الأوتوبيس سيتأكد أنني غير أمين و كنت سأشوه صورة المسلم في نظره…لقد قمت برسم صورة جميلة للمسلم و الإسلام بمبلغ 20 بنسا…..

انظر عزيزي القارئ كيف قام هذا الرجل برسم صورة صادقة امينة للإسلام بهذا المبلع الزهيد…نحن لا نحتاج لدفع أموال كثيرة لتحسين صورة الإسلام…فقط نحتاج إلى أن نتصرف بسلوك حسن وصادق مع الآخرين أو بمعنى أدق نتصرف بأخلاق الإسلام .

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات