انتهاء صلاحية “فكر”

01:54 صباحًا السبت 16 فبراير 2013
محمد سيف الرحبي

محمد سيف الرحبي

كاتب وصحفي من سلطنة عُمان، يكتب القصة والرواية، له مقال يومي في جريدة الشبيبة العمانية بعنوان (تشاؤل*، مسئول شئون دول مجلس التعاون في (آسيا إن) العربية

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

المواطن لا يستهلك بضاعة فقط.. لننتظر هيئة حماية المستهلك لتمنع عنا “الموبقات” الضارة بصحتنا وسلامتنا.

فما يملأ بطنه مأكلا ومشربا ليس كل شيء.

وما يستخدمه في سائر حياته من ضروريات وكماليات لا تعني أنه أصبح في حكم المستكفي لتسير معيشته كما يجب، أو كما يفترض على الأقل.

قد تكون الهيئة معنية (بشمولية لا تحتملها ولا تقدر على عبئها) بالعمل على الحد من المضرّات المهددة لصحتنا (الجسدية) ولكن ماذا عن سلامتنا (العقلية) من أفكار (انتهت صلاحيتها) .. بعضها آن له أن يعود إلى كتب التراث ليسكنها بعيدا عن حياتنا المعاصرة، وبعضها عليه واجب المراجعة لأن زمن العبث بالعقول عليه أن يتراجع.

فنحن بين محاولات دائبة ودائمة للعبث بسلامتنا العقلية، والترويج لأفكارها باعتبارها الأفكار السليمة والصحيحة والواعية والقادرة على بناء وطن هم وحدهم العارفين بكيفية تسييره، إزاء أخطاء ترتكب يتم استغلالها لتوسيع منطقة الهجوم المضاد والتقليل من أي منجز وطني، صنعه المواطن أولا وأخيرا.. قبل أن يحسب لصالح الحكومة.

وفي موازاة عدد واسع من المسئولين الحكوميين (والموظفين كبارا وصغارا) من انتهت مدة صلاحيته (ولياقته) لتحقيق استفادة أكبر من مقدرات الوطن والشروع في أفكار عصرية جديدة تتطلبها المرحلة الحالية والمستقبلية.. في موازاة هؤلاء هناك من يمارس دور (المخلص) الذي على يديه ستجري أنهار الخير بين يدي المواطن لو أعطي فرصة لتمرير أفكاره (النيرة) وتنفيذها، بينما هي لا تعدو أكثر من تنظيرات تتسم بالحنق والنقمة على كل شيء.. وتقزيم كل شيء.. والحديث عن مثاليات لم يستطيعوا الوصول إلى النذر البسيط منها في حياتهم الشخصية، فإذا هم يطالبون مسيرة بلاد بأن تكون أفضل مما كان في عصر النبوة.. بينما لديهم الجاهزية للعب دور عبدالله بن أبي سلول وبني قريظة بأداء يواكب المرحلة.

مثلما لا نريد، ونكره، ونحتقر المسئول البعيد عن واقعنا، ويسقينا أوهام التصريحات أكثر مما نرى الواقع مستقرا على الأرض منجزا حقيقيا.. فإننا نفعل ذات الشيء مع رافع الشعارات التقليدية الذي يريد إعادتنا إلى أزمنة الكهوف.. ونرفع صوت الاحتجاج بقوة أيضا في وجه الليبرالي (الحداثوي) الذي يريد لنا الانسلاخ من قيمنا، يميل مع الريح حيث تميل، هو مع كل من يقول لا في وجه الآخر.. بينما حرية التفكير والرأي بالنسبة له ليست إلا ملبسا مفصلا على مقاسه وحده: معي، أو انك ضد الحرية.

لا ينبغي أن نكون مع أحد ضد أحد..

فقط، أن نكون مع بلادنا.

هي ليست الجنة حيث يريد البعض الترويج لذلك بينما تعطينا جهتين فقط (هيئة حماية المستهلك وجهاز الرقابة) ما ينفي ذلك تماما..

وهي ليست النار كما يريد البعض تضخيم الأخطاء وترويج أنفسهم كدعاة للحرية، أو كما يرسمها لنا البعض الآخر عقب كل صلاة وفي جمعة.

هي بلاد كما بقية بلاد الله، بها بشر يجتهدون، يصيبون ويخطئون، وبحبنا لها نريدها أن تكون جنة، مهما سعى البعض أن يصورونها لنا بأنها شيء بعيد ذلك تماما.

ومن يسعى أن لوضع علم بطولاته على تلال الأخطاء فإنه يتمسك بفكر انتهت صلاحيته حيث جبال الأعمال الرائعة شاهد، مهما حاول البعض وضع (منخل) على شمسها.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات