الإستقالة التاريخية للبابا بنديكت السادس عشر

02:57 مساءً الجمعة 22 فبراير 2013
أحمد محمد حسن

أحمد محمد حسن

كاتب ومخرج بالتليفزيون المصري، القاهرة

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

البابا بنديكت السادس عشر ، حين زار ريجنسبرج، جنوب ألمانيا، سبتمبر 2006

 “أنا العامل البسيط المتواضع في كرم الرب..قبل كل شئ أنا أطلب صلواتتكم لمساعدتي..دعونا نمضي قدما وسوف يساعدنا الرب..شكرا لكم”.

كلمات جاءت قبل 8 سنوات على لسان البابا بنديكت السادس عشر لتكون أول كلماته وقت تنصيبه عام 2005

لكن مر الوقت سريعا ليختار الرجل بإرادته أن يسدل الستار على بابويته نهاية الشهر الجاري بعدما أعلن بشكل مفاجئ إستقالته قائلا:

“أنا بسبب تقدمي في السن لا يمكنني ممارسة مهامي بشكل جيد وأعلن إنسحابي لما هو خير للكنيسة وسأخصص حياتي للصلاة وخدمة الكنيسة”.

والبابا بنديكت السادس عشر اسمه الأصلي جوزيف راتسنجر من مواليد بافاريا في المانيا يوم 16 ابريل / نيسان 1927 وهو البابا الخامس والستون بعد المئتين في الكنيسة الكاثوليكية وكان خليفة للبابا يوحنا بولس الثاني وأعلن عن إستقالته بدءا من 28 فبراير / شباط 2013 نتيجة تقدمه في السن ليكون أول بابا يستقيل منذ ستة قرون ولم يكن قراره بالإستقالة سهلا لأن الرجل كان يتحمل مسئولية منصب هام له مئات الملايين من الأتباع .

وأيا كانت الأسباب الحقيقية التي حدت بالبابا السادس عشرإلى التخلي عن البابوية فهناك منتقدون لهذه الخطوة يرون أن فيها خروجا على القانون الكنسي إلى حد وصل إلى إعتبار التنحي مشكلة بالقول:”إن من كان على الصليب لا ينزل عنه” في إشارة إلى أن المنتقدون يرون أن البابا عليه أن يستمر في رسالته حتى الرمق الأخير على الرغم من معاناته الجسدية البادية عليه أما المؤيدون لهذا القرار والذين تعاطفوا مع البابا فيرون أنها خطوة تاريخية من شأنها أن تدفع المؤسسة الكنسية إلى إعادة النظر في علاقاتها مع السلطة .

وقالت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل أنها تحترم قرار البابا بنديكت بالإستقالة بسبب وهنه وأضافت:”اذا كان البابا نفسه بعد تفكيرعميق توصل إلى النتيجة بأنه لم يعد قادرا على القيام بمهامه فإننا نحترم ذلك تماما” .

واعتبر الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند أن قرار البابا بنديكت السادس عشر بالإستقالة موضع إحترام شديد .

وقال رئيس جواتيمالا:أعتقد أنه قد آن الأوان ليكون بابا الفاتيكان الجديد من أمريكا اللاتينية حيث ان 50% من الكاثوليكية في العالم في امريكا اللاتينية .

وقد أعلن الناطق بإسم الفاتيكان أن البابا بنديكت السادس عشر سيودع المؤمنين خلال لقاء عام في ساحة القديس بطرس في

27 فبراير / شباط وأنه سيكون آخر لقاء حيث دعا الفاتيكان الكاثوليك إلى المجئ بأعداد غفيرة للإعراب عن محبتهم للبابا المستقيل الذي اشتهر بتحفظه ورفضه للمغالاة في التكريم وقد أظهر الكثير من المسيحيين رغبة كبيرة في حضور اللقاء الأخير مع البابا المستقيل وأن أكثر من 35 ألف طلب قدمت لإدارة الفاتيكان حتى الآن لحضور هذا اللقاء الأخير .

واذا كان القول أو الفعل هما الخالدان بعد مضي الرجال فإن البابا بنديكت السادس عشر برهن على أنه إنسان متواضع لا يدعي الكمال وإنما الضعف والنقصان حينما يعترف مباشرة أمام محبيه بهذا الضعف وبأنه له نقائص كسائر البشر.ففي وضعية كالتي يوجد فيها بنديكت السادس عشر قليلون هم من يتنازلون ويتواضعون أمام الناس ليقروا بضعفهم ونواقصهم مما يؤكد حكمته العميقة ومعرفته الجيدة بالله.

وفي النهاية فإننا لايجب ان ننظر إلى إستقالة البابا بنوع من التعجب بل يجب ان ننظر إليها بكثير من الإحترام لأنها خطوة لا يستطيع ان يقوم بها إلا الإنسان القوي المتسق مع نفسه الذي يتمتع بالحكمة والقدرة على مواجهة نفسه والآخرين .

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات