كان دائماً رمز الشموخ و العظمة ، قامته تطاول عنان السماء ، تكاد تلمس النجوم وأوتار الشمس الذهبية التى عشقته فتعامدت على وجهه مرتين فى كل عام ، الأولى صباح 22 أكتوبر بمناسبة جلوسه على عرش مصر ، و الثانية صباح 22 من فبراير بمناسبة ذكرى مولده .. انه الفرعون العظيم ، سيد البنائين فى التاريخ و الذى يوافق اليوم ذكرى مولده وتعامد الشمس على وجهه بمعبده بابو سمبل جنوب اسوان ، ذلك الحدث الفريد الذى يستمر لمدة 25 دقيقة ، ينتظرها العالم و تتطلع اليها كل العيون بدهشة وانبهار ..
دوى اسم الملك رمسيس الثانى فى سمع الدنيا كما لم يدو إسم فرعون آخر ، بسبب تكاتف العالم لإنقاذ معبديه اللذين أنشأهما فى ابوسمبل من الغرق باعتبارهما من تراث الإنسانية و من اروع واجمل الآثار المصرية ، و سيظل الالوف يتوافدون على معبده ليشاهدوا معجزة رمسيس الثانى صاحب أشهر المعابد والصروح فى تاريخ اجدادنا الفراعين ، ومن العسير ان يتم حصر جميع الآثار المجيدة التى شيدها رمسيس الثانى فى طول البلاد وعرضها ، إلا ان اهم تلك الآثار سكنت منطقة سيناء و شرق وغرب الدلتا بالقرب من مناطق القنطرة والسويس و المنصورة وميت غمر و هليوبوليس و القاهرة و الجيزة وميت رهينة و المنيا و الاقصر واسوان ..
ففى منطقة غرب الاقصر شيد رمسيس الثانى مقبرته الفخمة فى وادى الملوك و معبد ( الرمسيوم ) العظيم الذى اعتبره الإغريق القدماء من عجائب الدنيا ، و ها هى نقوش معبد الاقصر العظيم تتذكر الملك رمسيس الثانى بكل الفخر والحنين ، فهو الذى منح المعبد رونقه و بهاءه بتوسعته و اقام فيه قاعة للأعمدة الشامخة ، وشيد به بوابة ضخمة ذات برجين هائلين صور عليهما جميع وقائع معركة قادش بكافة تفاصيلها الحربية الدقيقة ، و امام تلك البوابة اقام الملك رمسيس الثانى لنفسه ستة تماثيل ضخمة و مسلتين ضخمتين من الجرانيت الوردى انتقلت احداهما لتسكن فى قلب العاصمة الفرنسية ، باريس و بالتحديد فى ميدان الكونكورد الشهير ، وما تزال الثانية بمكانها فى المعبد .
و من معبد الاقصر تمتد بصمة الملك رمسيس الثانى لاشهر المعابد فى التاريخ ، معبد الكرنك الذى تم بناء وتشييد و زخرفة قاعة الاعمدة الكبرى به و التى تتكون من 34 عموداً ضخما ً ، و فى بلاد النوبة جنوب اسوان ، حرص الملك العظيم رمسيس الثانى على بناء مجموعة من المعابد الرائعة كلها منحوتة فى قلب الصخر ، اهمها و اضخمها و افخمها معبد ابو سمبل العظيم و بجواره معبد حتحور الذى اهداه لزوجته الجميلة ( نفرتارى ) ، اما اهم الانشاءات المعمارية التى شيدها رمسيس الثانى ، مدينة ( بر رعمسيس) اى بيت رمسيس بشرق الدلتا و التى تعد عاصمة ادارية عسكرية ..
عقد الملك العظيم رمسيس الثانى اول معاهدة سلام فى التاريخ مع الحيثيين ، مما اتاح له ان يتفرغ للأشراف على تلك الحركة المعمارية العظيمة التى شملت البلاد كلها و ان يتفرغ ايضاً لإجراء الاصلاحات الإدارية و السياسية التى جعلت عصره يتميز بأنه اوسع انفتاح شهدته مصر القديمة على العالم الخارجى ، فقد نشطت الحركة التجارية و السياحية بين مصر و جزيرة كريت باليونان ..
و كما اهتم الملك العظيم سيد البنائين ببناء و تشييد الصروح و المعابد ، إهتم اكثر ببناء شخصية المصرى القديم ، فإهتم بالآداب والفنون و فى عهده ازدهرت الحركة الادبية و الفنية حيث انتشرت كتابة القصص و المسرحيات ، وازدهرت صناعة الآلآت الموسيقية ، اما فنون النحت و التصوير فقد بلغت فى عهده اعلى واروع درجات الجمال و التفرد .
رحل رمسيس الثانى وعمره 92 عام ، وقد سمى عشرة من الفراعنة انفسهم باسم رمسيس تشبهاً به و تيمناً بعظمته وشهرته التى ماتزال تدوى فى سماء العالم تشيد بعظمة المصرى القديم الملك رمسيس الثانى سيد البنائين .
مؤسس جمعية الصحفيين الآسيويين، ناشر (آسيا إن)، كوريا الجنوبية
الرئيس الشرفي لجمعية الصحفيين الآسيويين، صحفي مخضرم من سنغافورة
روائية وقاصة من الكويت، فازت بجائزة الدولة التشجيعية، لها عمود أسبوعي في جريدة (الراي) الكويتية.
آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov
كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.
خضير من بور سعيد
4 مارس, 2013 at 12:29 م
رائع