الحرب الكورية تفجر (صوت الرعد) داخل أبنائها

03:54 مساءً الأربعاء 20 مارس 2013
فاطمة الزهراء حسن

فاطمة الزهراء حسن

مخرجة تليفزيونية، وكاتبة من مصر، مستشار شبكة أخبار المستقبل (آسيا إن)

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

أغلفة النسخ المترجمة من صوت الرعد: (1) Раскаты грома, Kim Joo-young, РИК Культура, 1999 (2). The Sound of Thunder
Kim Joo-young, Sisayongosa, Inc., 1990 (3). 《惊天雷声》Kim Joo-young, 上海译文出版社, 2008 (4). صوت الرعد
Kim Joo-young, Dar al-Adab, 2006 (5(. Der Stachelrochen im Joo-young, Peperkorn, 2001 (6). Mopcka Komka
Kim Joo-young, CEMA PШ, 2006 (7).《洪鱼》Kim Joo-young, 上海译文出版社, 2004 (8). La raya
Kim Joo-young, Solar Editores, 2009.

رواية (صوت الرعد) هي واحدة من الأعمال التي تم اختيارها لكي تكون في صدارة الأعمال المترجمة من اللغة الكورية إلى اللغة العربية مباشرة دون مرورا باللغات الوسيطة وقد قام بترجمتها د.تشوي جين يونج، قسم اللغة العربية بجامعة هانكوك للدرسات الأجنبية, والدكتورة رشا صالح. نشرت رواية (صوت الرعد) عام 1986 وهي من تأليف (كيم جو يونج) , كان العمل الأول للمؤلف قد نشر عام 1970 بعنوان (وقت خامل),ثم قدم عددا من القصص القصيرة على رأسها (امرأة على حصان خشبي), ثم انتقل إلى سيول عام  1976, وقد انعكست حياته في العاصمة على موضوعاته التي يقدمها,فأصبح يهتم بالحركات النسائية التحررية وأصبحت رؤيته للأحداث بعيدة عن الصور المظلمة والدنيوية التي طالما تميز بها أسلوبه قبل انتقاله إلى سيئول. في عام 1983 نشر(كيم جو يونج) سلسلة من القصص الرومانسية بعنوان (بيت الحانة ), وهي عن سلالة (جوسون) , وتصف هبوط الأرستقراطية القديمة ,وإلغاء نظام العبودية وصعود الطبقة التجارية . تدور أحداث الرواية في فترة ما بعد الاستقلال عام 1945 التي مرت بها شبه الجزيرة الكورية, مرورا بالحرب بين الكوريتين 1950 , حيث مر الشعب الكوري بفترات من المعاناة انتهت بمأساة التقسيم . غالبا ما تكون المرأة هي الضحية في فترات الحروب فتكون عرضة للقهر والاغتصاب والأذى النفسي والبدني. وتصور لنا هذه الرواية مأساة أرملة شابة تعرضت للإغتصاب والمهانة والمصير القاسي غير المحتمل على خلفية الحرب، وكيف واجهت العواطف المشتعلة والرغبات المكبوتة في مجتمع محافظ لا يقبل بالخروج عن العادات والتقاليد مهما كان الثمن ومهما كانت التضحيات.

عندما انضمت السيدة (بارك) إلى عائلة (تشو) أنجبت وريثا وحيدا مريضا ورغم ملازمة المرض له فقد اختارت بنفسها الآنسة (كيليو) من (هام يانج) عروسًا لولدها ولكنه فارق الحياة بعد الزواج بستة أشهر فقط .

ومن خلال تاريخ العائلة الشريف وكرامتها السامقة في قرية (أوول جون ري) لم تستطع (كيليو) أن تعود إلى عائلتها بعد أن مات زوجها ولم تشعر بأي حافز للهروب من البيت خلال التسع سنوات التي أعقبت وفاة زوجها , وفي أثناء حرب المحيط الهادئ التي أخذت كل شئ في طريقها كانت كيليو تعيش غافلة عن العالم الخارجي مع حماتها , ولكنها لم تتوقع أن تجربة ليلة واحدة تظهر حقيقة فاضحة لا تطاق.

لقد تعرضت (كيليو) لحادثة اغتصاب على يد الخادم مجهول الأصل الذي كان يعمل لديهم في البيت (بيونج جو),عندما خرجت ذات ليلة إلى السقيفة بجانب مكان الخدمة حيث أن فيها حزمة من الحطب, ولما وجدت الغرفة التي يسكنها( بيونج جو) مضاءة,حاولت أن تنظر إليه نظرة خاطفة من خلال ثقب الباب , فهجم عليها وهددها بالفضيحة إذا صرخت,وبعد أن اغتصبها غادر البيت نهائيا.

جاء (جوم كاي) البالغ من العمر 40 عاما ليتولى المسئولية كاملة عن تربية الماشية  في بيت عائلة تشو بعد أن ترك (بيونج جو) الخدمة لديهم ,وكان (جوم كاي) يعمل جزارا في جزارة (تشونج كونج).

كانت (كيليو) تخفي بطنها وتربطها بإحكام حتى لا تعلم السيدة (بارك) عن حملها شيئا , ولما جائتها آلام المخاض , خرجت من غرفتها وكان باب السيدة (بارك) مغلقا, وعزمت على الذهاب إلى تل (كالمي), كانت جزارة وراء حائط حجري منهار, وأثناء الاتكاء على الحائط الطيني المتهالك سقطت على الأرض ممسكة العمود بيد وفكت قطعة القطن الملفوفة بإحكام حول بطنها باليد الأخرى ,ذهبت في غيبوبة وعندما استعادت وعيها كانت السماء مليئة بالنجوم .. كان عجيبا أن تضئ السماء في يوم ملئ بصوت الرعد, وبعد أن غسلت يديها الملطخة بالدماء ورتبت ملابسها عائدة إلى البيت الساعة 2 صباحا.

وفي الليل انسلت (كيليو) خارج البيت , كانت تعرف أن ما تفعله هو اليأس بعينه , فعندما ذهبت إلى المذبح ثلاث مرات بعد الإنجاب اكتشفت ان الطفل الرضيع اختفى,ولم تعرف هل هذا من حسن حظها أو من سوءه ..

ولما عادت ليلا إلى البيت ودخلت غرفتها وجدت فيها قماش القطن الملطخ بالدماء الذي استعملته لربط بطنها , وشكت أن حماتها تعرف , فذهبت إليها ودفعت إليها اللفة , ولكن السيدة بارك قالت لها : “أعرف تقريبا ياعزيزتي , لكني لم أحضر هذه اللفة .”

كيف أشتمك,أنا أيضا تحملت ذات الآلام ومازالت تثقب قلبي منذ سبعين سنة , لو لم تكوني هنا بجانبي ربما كنت فقدت مبادئي في وقت مبكر“.

ترك (جوم كاي) البيت بعد أن وصلته أخبار أكيدة عن التحرير, وأخبر السيدة بارك أن زوجته حاملا وأنها إذا انجبت ولدا فهو لايريد لابنه أن يراه وهو يعمل في المذبح ,لذا قرر مغادرة قرية (أوول جون ري).

عاد( بيونج جو) إلى (أوول جون ري) في وقت مبكر من الشتاء بعد التحرير لاأحد يعرف أين عاش خلال العامين ونصف العام الماضيين, ومجددا ذهب إلى منزل تشو بعد أن فارقت السيدة( بارك) الحياة, واغتصب (كيليو) بوحشية على وقع صوت الرعد الذي سمعته في الصيف حينما تركت طفلها الرضيع المولود في المذبح , كان صوت الرعد مثل صوت انحدارصخرة هائلة.

دخل مجموعة من الرجال بيت (تشو) وحملوا (كيليو) على المحفة بالقوة وذهبوا بها إلى حانة (جانج تشون أوك) في (سوك بوري) وعرفت من صاحبة الحانة أنها مجرد رهينة لأن (بيونج جو) مدين لها بأموال لم يسددها , وأنه سيقوم ببيع البيت لكي يسددها واضطرت (كيليو) أن تعمل في مطبخ الحانة مقابل الطعام والنوم , وكانت هناك إمرأة تساعدها في أعمال المطبخ تدعى (جي دونج داك) التي اتفقت مع (كيليو)على أن تدبر لها طريقة للهرب من الحانة مع سائق شاحنة يدعى (جي سانج مو) ولكنها في طريقها معه للهروب تكررت المأساة واغتصبها تحت الشاحنة بطريقة ماكرة وغادرة ,كان صوت الرعد عميقا كما لو أن الصخور الضخمة تتعاقب أسفل جبل (كال ماوي), وأدركت وقتئذ أن (جي دونج داك) هي من قبضت الثمن نظير تسليمها له, سحب (جي سانج مو) كيليو إلى حانة صغيرة على الطريق في قرية بائسة تسمى (أون جون) أسفل تل (هوانج جانج).

كانت في الحانة عجوز غريبة تجلس وحدها وعلى وجهها صورة الموت,ظنت (كيليو) أن هذه الحانة مكان مناسب للعيش بعيدا عن الناس في قرية (أوول جون ري), تردد عليها سائق الشاحنة واعتبرها إمرأته ,شعرت نحوه بأحاسيس جميلة وأخبرها أنه لن يتركها أبدا,ولكنه اختفى بعد أن وعدته أن تخبره بنبأ سعيد عندما يعود المرة القادمة : لقد كانت حاملا , لكنه لم يعد وكانت تشعر أنه رجل طيب القلب ولايمكنه أن يهجر إمرأة ..

وفي ليلة ظهرعلى باب الحانة رجل لم تكن تتوقع ظهوره,إنه (جوم كاي), ولكنه كان يرتدي ملابسا خشنة كأنه شحاذ, وبدا جائعا وكأنه سيسقط على الأرض, وعرفت منه أن خادمة المطبخ في حانة (جانج تشون أوك) هي من دلته على مكانها مقابل مبلغ من المال…

سألته (كيليو) عن ولده الذي أنجبه في سن متأخرة والتي كانت متأكدة أنه هو من سرقه من أمام المذبح, ولما سألته ماذا سميته ؟ قال : (تشو بوك) وهو اسم حصل عليه من كاهن مشهور, وأخبرها أنه ترك البيت وترك زوجته لأنه لا يريد لابنه أن يسمى بابن الجزار.

أتون الحرب كان يلتهم الجميع

كان (جوم كاي) قد انضم إلى اليساريين وكان يأمل أن تتحقق المساواة بين الأغنياء والفقراء , المنبوذين والنبلاء : “عندما يتحقق مثل هذا العالم , سيكون مثل الجنة بالنسبة له . وهو عالم كل شخص , مهما يكن أصله يمكن أن ينجح لو كانت له قدرة , وقد يكون أبناء المنبوذين على رتبة من أبناء الناس الذين يدعون أنفسهم بالشرفاء.

ترك (جوم كاي) السيدة (كيليو) بعد أن تحسنت حالته بعض الشئ وأعطته حذاء كان قد تركه أحد اليساريين قبل أن يلقى مصرعه، وأخبرته أنه سيساعده على السير حتى لو مشى به ألف ميل دون أن تتلف النعال ..

وضعت (كيليو) مولودتها الجديدة في غياب أبيها,وجاءها مرسال من (جوم كاي) وكان معه الحذاء وأخبرها أنه يتعرض للتعذيب بصورة رهيبة لأنه متورط مع غيره من اليساريين وأنه فقد إحدى عينيه بسبب التعذيب المروع   وأعطاها خريطة تفصيلية لمكان المعتقل .

في صباح اليوم التالي وضعت الطفل الرضيع على ظهرها وصعدت تل (هوانج جانج جاي), واستأجرت غرفة بجوار المعتقل حيث يوجد مخزن معدني للملح, بدا وكأنه كان يستعمل لتخزين الملح في أثناء الفترة الإستعمارية اليابانية.

كان صاحب الغرفة رجلا يعمل في شحذ المناجل ,اتفق معها أن يساعدها في تهريب (جوم كاي) مقابل مبلغ من المال .

وبالفعل دبر الرجل حيلة لتهريب ( جوم كاي) في أثناء ترحيل سبعة من  المعتقلين عبر شاحنة كانت تقلهم على الطريق وبالتحايل على سائق الشاحنة.

لم يكن هو( جوم كاي) الذي تعرفه! كان هزيلا وعظام خده بارزة، كما بدا الجرح حول عينه المفقودة مثل الكعكة المسحوقة بسبب قلة الرعاية الطبية. فرت (كيليو) مع ( جوم كاي) من منزل الرجل صاحب البيت- الذي كان يعتقد أن (كيليو) زوجة (جوم كاي)- حتى لا يتم القبض عليهما .

هي التي تربت على الفراق دائما , وهي بحكم ظروفها لم تستقر مع أي شخص .. وعندما كانت تحاول كان هذا الشخص يتلاشى مثل فقاعات الماء“.

وقف الكون لها معاديا وذلك من خلال عجزها في أمور الحياة , كما أن اضطراب عصرها المجنون رفض السماح لها أن تقف على قدميها“.

هذه هي حياتها الضبابية .. شئ واحد واضح في هذه الحياة هو الوحدة التي لايمكن وصفها , والشعور العميق بالحظ العاثر“.

ولكنها تذكرت طفلتها الصغيرة , هنا انبثق الأمل ,فأصبح لديها حلم في المستقبل وهو أن تربي الطفلة الصغيرة حتى تسير في الطريق بمفردها , ويتاح لها أن ترى ابنها الذي اختطفه (جوم كاي) ونسبه إلى نفسه .. كل هذه الأماني أعطت كيليو دافعا للحياة وللتمسك بها حتى لو لم يكن عندها مأوى تذهب إليه “.

أقنعها (جوم كاي) بضرورة أن يفترقا لأنها بالتأكيد سوف تذهب للبحث عن والد طفلتها ,واتفقا أن يتجه أحدهما للشمال والآخر إلى الشرق, كان من الواضح أن كليهما بنى حياته بصلابة ,أنه لا يوجد أي ثغرة لأحد كي يدخل من خلالها حياة الآخر.

توجهت (كيليو) لمنزل أسرة (تشي), ولكن (تشي سانج مو) لم يكن هناك, وبعد اندلاع الحرب في شبه الجزيرة الكورية بحوالي شهر قررت أن تعود إلى (هام يونج) لزيارة والديها, ولكنها لم تلق أي ترحيب منهما بل على العكس كانت هناك كارثة تنتظرها في منزل أسرتها :إنه (بونج جو) والد طفلها الذي فقدته عند المذبح , والذي كان مطاردا من قبل (الحمر) اليساريين الكوريين الإشتراكيين ,وقد أخبر والديها أنه على علاقة بإبنتهما وقد ظن والداها أن الطفلة التي تحملها هي ابنتهما من علاقة غير شرعية.

قبض رجال الثورة الإشتراكية على والد (كيليو) حتى يخبرهم عن مكان (بونج جو) ,وفي مركز القيادة طلبوا منه أن ينضم إلى الحركة الثورية , وأخبروه:

نحن نحارب لإنشاء حكومة شعبية ديقراطية وثورية تحترم كل اهتمامات الطبقة العاملة“.

الروائي الكوري كيم جو يونج

تعلل الرجل بكبر سنه وأنه لن يستطيع الإنضمام إلى صفوف القتال ولكنه رفض الإفصاح عن مكان (بيونج جو), كان يعتقد أنه يحمي حفيدته حتى لو كان كارها لأمها التي لطخت سمعة العائلة وشرفها.

حكت (كيليو) قصة ولدها الذي فقدته عند المذبح على مسامع  (بيونج جو) فاتهمها بأنها قاسية القلب ونهرها ولكنها أرادت أن تخبره بالحقيقة ,وتتفق مع أمها على أن تترك الطفلة (هام يانج) لفترة بحثا عن (تشي سانج مو) والد طفلتها في منزل عائلتة. وبالفعل تقابله وتخبره بأمر طفلتهما إلا أنه لا يبالي , فتعود مجددا إلى (هام يانج) لتجد الثوار الحمر يبحثون عن ( بيونج جو) إلا أنها تكتشف بالفعل أنه غادر منزل أسرتها.

ذهبت (كيليو) إلى مكتب المحافظة بحثا عن والدها الذي كان معتقلا هناك ولكن عقلها وتفكيرها كان مع (بيونج جو), ولما عادت وجدت (جوم كاي) يرتدي ملابس لا تختلف كثيرا عن تلك التي كان يرتديها هؤلاء الرجال الذين قبضوا على والدها، ماعدا الشارة التي توضع على الكم, وكان جلده أسمر من تأثير الشمس. طلبت منه أن يساعدها في إنقاذ والدها ووعدها أنه سيفعل ما في استطاعته, واعترفت له أن (بيونج جو) كان مختبئا في منزل أسرتها فأخبرها أن هذا خطأ فظيع لأنه رجل كان يجب أن يمثل أمام العدالة في المحكمة الشعبية .

تفضي (كيليو) إلى (جوم كاي) بسر كون (تشي سانج مو) هو والد طفلتها وأنه تعامل معها بطريقة سيئة لم تكن تتوقعها لما أخبرته بأمر المولودة , وأنها غير قادرة على تحمل هذه المهانة من شخص مثله.

ينفذ (جوم كاي) وعده لها ويعود والدها لمنزل الأسرة ثم يتجه إلى (كانجو) حيث يقيم (تشي) ليلتقي به في الميناء, ويسأله عن علاقته بها وعن طفلهما, إلا أنه لم يبد اهتماما بالأمر قائلا:

النساء معروفات بإسقاط قالب من التهويم دوما“.

ويرد عليه (جوم كاي):

لا يوجد وغد في العالم لديه حق في أن يسئ معاملتها خاصة ابن كلبة حملت منه طفلا“.

حين استرد الجيش الكوري الجنوبي (هام يانج) في زحفه نحو الشمال , بدأوا يستجوبون (تشين) عن سبب افراج القوات الثورية الشمالية الإشتراكية عنه دون تنفيذ حكم الإعدام رغم ان اسمه كان ضمن القوائم السوداء التي سينفذ فيها الحكم والتي سقطت في أيديهم ولم يكن لدى المقاتلين الإشتراكيين الوقت لكي يدمروها قبل فرارهم .

ظن (تشين) أن الرجل الأعور الذي أتى لزيارة (كيليو) ولم يعرف والدها شيئا عن هويته- وإن كان واضحا بدرجة كافية أنه إما كان في الجيش الشمالي أو واحد من المتحمسين له- هو من تدخل من أجل الإفراج عنه .

لم يجب الأب عن السؤال , ورد عليه الضابط الجنوبي قائلا:

لو لم تعطني إجابة مباشرة فأنا آسف لأنك ستكون في الجحيم “.

وتم اقتياده إلى الخارج في عربة متربة كان محركها يدور , وتسلق (تشين) السيارة كما أمره الجندي ووجد نفسه بين ثلاثة رجال ,وانطلقت الشاحنة أسفل الطريق بعيدا عن مكتب الإقليم ..

نزوح الكوريين الجنوبيين، 1952

توجهت (كيليو) إلى مكتب المقاطعة بحثا عن والدها السيد (تشين هايون جيك) وسألها الضابط مباشرة إذا كان والدها قد تلقى مساعدة خاصة جعلته ينجو من عقوبة الإعدام كواحد من ملاك الطبقة البرجوازية , وأخبرها أن إطلاق سراح والدها يعتمد عليها ما إذا كانت ستعطيهم إجابات مباشرة ,أم لا.. وذكرت لهم اسم (جوم كاي) الذي كانت متأكدة أنه غادر المكان ووعدها الضابط بإعادة والدها لمنزل الأسرة ولكن الأب غادر الحياة في ذات الليلة التي عاد فيها إليهم .

تحدثت النساء المعزيات عن الحرب والرعب وعن الناس الذين قتلوا والذين تم تعذيبهم وبالنسبة لموت ( تشاين) لا أحد تحدث عنه أو أشار إليه, إنهم عرفوا أن موته لا صلة له بالإتصالات السرية بين (كيليو ) والشيوعيين.

وعندما كانت (كيليو) غير موجودة همست النساء وتحدثن عن سيرتها

المرأة التي تتحول من رجل لآخر تكون عديمة الإحساس, فهي لاتفكر إلا في الشهوة فقط “.

هذه الكلمات التي قالتها امرأة خلف (كيليو) لم تذكر اسمها ولكن (كيليو) كانت المرأة الوحيدة في الحجرة التي كانت مع رجل بالإضافة إلى زوجها الراحل.

لقد شعرت (كيليو) بأنها أصبحت عارا بالنسبة للأسرة وبالنسبة لأمها التي لم تفعل شيئا سوف تتحمل الإحتقار والاتهامات الموجهة من الآخرين.

كانت السماء تفيض بالنجوم اللامعة عندما خرجت بعيدا تحمل طفلها وحيدة من جديد .

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات