الدول المفلسة تندد بفاشية (ميركل) المالية

11:10 صباحًا الإثنين 15 أبريل 2013
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

أحد المتظاهرين ملصقا لصورة المستشارة الالمانية انجيلا ميركل ترتدي الصليب المعقوف تحت عنوان “أسبوع في الجحيم” مشبها إياها بأدولف هتلر ردا على مطالب الإصلاحات والتقشف في مقابل أموال خطة الإنقاذ. (الصور من أ.ب / Pitarakis )

في هذه الصورة التي التقطت يوم 11 نوفمبر 2012 يحمل أحد المتظاهرين ملصقا لصورة المستشارة الالمانية انجيلا ميركل ترتدي الصليب المعقوف تحت عنوان “أسبوع في الجحيم” و ” اليونان تتجرع السم” أمام البرلمان في أثينا. مؤخرا دعا زعيم حزب مناهض لليورو يوم الأحد 14 أبريل 2013 إلى أن تترك ألمانيا العملة الموحدة، وقال إن الألمان افعي الضرائب يتدخلون لانقاذ اليورو في بلدان جنوب أوروبا المفلسة بينما ترفض شعوبهم  وتصفهم بالنازيين على جهودهم. وقال أمام حشد من نحو 1،500 من كبار السن هتفوا باسم زعيم حزب ألمانيا البديل ، أستاذ الاقتصاد بيرند وكه: اليورو لم يفعل شيئا يذكر لجلب الأوروبيين معا”، مستندا إلى الغضب الشعبي لمحتجين جنوب أوروبا الذين قارنوا المستشارة الالمانية انجيلا ميركل بأدولف هتلر ردا على مطالب الإصلاحات والتقشف في مقابل أموال خطة الإنقاذ.

ونشرت جريدة (الخليج) تحليلا لردود أفعال أوروبا، بينما تستعد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للانتخابات العامة في سبتمبر/ أيلول وهي في ذورة شعبيتها :

عبر بقية أوروبا – أصبحت ميركل مكروهة إلى درجة أن كثيرين يشبهونها بهتلر . والسبب هو أن ألمانيا – بغناها ومتانة اقتصادها – تسهم بالنصيب الأكبر في إنقاذ تلك الدول الأوروبية التي تصل إلى حافة الإفلاس، ولكن بشروط قاسية، أولها تقشف صارم أثار ضدها نقمة شعبية عارمة عبر أوروبا .

ويشير الباحث الإعلامي الأمريكي جيفري غيدمين، في مقال نشره في موقع “فوراين بوليسي”، إلى أن ميركل تتولى المستشارية منذ ثماني سنوات، وقد أصبحت أقوى امرأة في العالم . ولكن في اليونان، وقبرص، وإيطاليا، وفرنسا، وإسبانيا، أصبحت ألمانيا الشرير الذي يثير نقمة الجميع، بينما ميركل أصبحت موضوعاً للشيطنة، حيث يصفها محتجون بأنها “فاشية مالية” .

وقد لخص الاقتصادي الألماني لودر جيركن المشكلة على النحو التالي: “نعطي اليونانيين الأموال التي يحتاجون إليها، ونقول لهم أن يصلحوا اقتصادهم . وعندما لا يقومون بالإصلاح، نعطيهم مزيداً من المال” . وفي الواقع، اليونانيون يقبلون المرة تلو المرة برامج الإنقاذ المالي الألمانية، ولكنهم يعبرون عن سخط رهيب عندما يقول لهم الألمان ما يتعين عليهم أن يفعلوا . وخلال آخر رحلة قامت بها ميركل إلى أثينا، رفع مئات آلاف المتظاهرين يافطات تشبهها بهتلر وتندد ب”الرايخ الرابع الجديد” .

والفرنسيون أيضاً أصبحوا ساخطين، لأسبابهم الخاصة . ففي عز تراجع اقتصادي حاد، ضاق الفرنسيون ذرعاً برئيسهم فرانسوا هولاند، الذي تستمر شعبيته في الانهيار . والفرنسيون ضاقوا ذرعاً أيضاً بالمحاضرات التي تلقيها عليهم ألمانيا بشأن فضائل التقشف . ومثل هذه التوترات الفرنسية  الألمانية تحتدم أيضاً عبر أوروبا . وقد نشر موقع محطة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” تقريراً حول ظاهرة النقمة على ألمانيا وميركل، كتبه مراسل المحطة ستيفن ايفانز، وجاء فيه:

ف ألمانيا، يشعر المواطنون بأنهم مظلومون . وهم يرون أن بلدهم مانح سخي يقدم أموالاً كسبوها بفضل كدهم إلى شعوب تركت مالياتها تتعرض للخراب . وحسب هذه الحجة، فإن دافعي الضرائب الألمان يمنحون المال لمساعدة أولئك الذين لا يكدحون مثلهم . وهم يتساءلون: “ماذا نلنا في المقابل؟ لا شيء سوى الإساءة” . هكذا يبدو الأمر بالنسبة إلى بعض الألمان .

من الجهة الأخرى، الأمور خارج ألمانيا لا تبدو على هذا النحو إطلاقاً . بل إن التصورات معكوسة . فبدلاً من أن يكافأ الألمان بالامتنان على العطايا التي يمنحونها، يشعرون ببرودة نكران الجميل بسبب الشروط التي تفرضها حكومتهم مقابل تقديم المساعدات .

ويصل الأمر أحياناً إلى حد إهانة الألمان في فورة غضب . وكمثال، نشرت صحيفة “الباييس” الإسبانية تعليقاً (اعتذرت عنه لاحقاً) قالت فيه إن المستشارة الألمانية المحافظة ميركل “أعلنت، مثل هتلر، الحرب على بقية القارة” .

وإلى الجنوب من جبال الألب، يرفع المحتجون ضد التقشف دائماً يافطات تظهر فيها صلباناً معقوفة وصور سياسيين ألمان تضاف إليهم شوارب شبيهة بشارب هتلر .

وفي بريطانيا، تحدثت صحيفة “ذا ديلي ميل” عن الطريقة التي تم بها التعامل مع أزمة قبرص باعتبارها “أحد أقذر الأعمال السياسية وأكثرها لاأخلاقية في الأزمنة الحديثة” . وشبهت الصحيفة ألمانيا بمجرم حق عام بسبب الطريقة التي استهدفت بها في البداية ودائع المدخرين في قبرص، قائلة: “الأشخاص الذين يسلبون سيدات مسنات في الشوارع، أو يسطون على عربات شحن أمنية، يوصمون بأنهم لصوص” .

وتحدثت صحيفة “دايلي تلغراف” البريطانية عن إمبراطورية ألمانية جديدة، قائلة إن الطريقة التي تعاملت بها ألمانيا مع الأزمة القبرصية كانت “الأسلوب الأصيل لقوة إمبراطورية . اليوم هذه القوة هي ألمانيا . فها هم الألمان يقولون للقبارصة بلهجة متعجرفة: اخرسوا وافعلوا ما نريد!” .

فما هو رد فعل الألمان؟ في بعض الأحيان، يشعرون بالصدمة . وهم دائماً يعترضون بقوة على استخدام رموز نازية للتهجم عليهم . هذه الرموز هي أصلاً محظورة قانونياً في ألمانيا . وعندما تحدثت ال”بي بي سي” إلى أناس عند بوابة براندنبورغ، حيث يتجمع سياح من جميع أنحاء ألمانيا، قال كثيرون إنهم مغتمون لرؤية صور مثل هذه الرموز في شوارع نيقوسيا، أو مدريد، أو أثينا .

وقالت امرأة شابة من بافاريا: “عندما ترون أشخاصاً يونانيين وهم يحاكون التحية الهتلرية، يكون ذلك أمراً مشيناً . هذا غير مسموح به في ألمانيا، ويجب ألا يسمح به في بلدان أخرى . إننا مصدومون . هم يحصلون على الكثير من المال من ألمانيا . فلماذا لا يحبوننا؟” .

وقال رجل في منتصف العمر: “من غير المقبول أن يقول أناس إن ميركل هي مثل أدولف هتلر . نحن نعيش في العام 2013 وليس في عام 1945” .

وقال رجل مسن إنه لا يفهم لماذا تلام ألمانيا على محاولتها تقديم المساعدة: “هذا يجرح مشاعرنا، لأننا نعتقد أننا نعطي مالاً ونحاول مد يد العون . هذا أمر لا نفهمه” .

هذا الشعور بالإساءة عام في ألمانيا . وقال يان شافير، المحرر الاقتصادي في صحيفة “بيلد” الأكثر انتشاراً في ألمانيا، إن الصور التي تقارن ألمانيا اليوم بالدولة النازية بغيضة . وأضاف بلهجة تحذير أن الرأي العام في ألمانيا قد يتحول ضد تقديم أي إعانات إنقاذ إضافية بسبب نكران الجميل إزاء الإعانات السابقة . ورفض شافير أية مقارنات بين المستشارة ميركل وهتلر، وقال: “لا يمكن المقارنة . نحن نساعدكم، فلماذا إذن أنتم تصرخون وتزعقون وتحتجون ضدنا؟” .

بعض السياسيين في ألمانيا يظهرون قلقاً إزاء رد الفعل هذا في أوروبا . وعلى سبيل المثال، قال وزير الخارجية غيدو فيسترفيله، عقب إنجاز الاتفاق بشأن قبرص إنه كان من الممكن التعامل مع هذه الأزمة بصورة مختلفة . وقد أبدى امتعاضه من “الشعارات الصاخبة على الساحة العامة ووسائل الإعلام التي كثيراً ما كانت ظالمة ومسيئة” .

إن جزءاً من مشكلة ألمانيا هو أن هذه سنة انتخابية، ما يعني أن أي سياسي لا يريد أن يبدو ليّناً في ما يتعلق بإغداق أموال من دافعي الضرائب، وهم أيضاً ناخبون .

ولهذا، عندما ظهر وزير المالية الألماني وولفغانغ شويبله على التلفزيون ليتحدث أمام جمهور محلي، بدا أنه يلقى قبولاً في الداخل أكثر منه في الخارج عندما شبه أولئك الذين يتذمرون من ألمانيا بأطفال مدارس لا يؤدون أداء جيداً جداً في الامتحانات: “الأمر يشبه ما يحدث في مدرسة عندما يحصل أحدهم على علامات أفضل، بينما أولئك الذين واجهوا صعوبة يصبحون حسودين بعض الشيء” .

وفي الواقع، التشدد يعطي مردوداً داخل ألمانيا رغم أن له ثمناً خارج البلاد . ففي الوقت الراهن، تبقى السيدة ميركل متفوقة كثيراً على أي سياسي ألماني آخر من حيث الشعبية . وهي تهيمن على المسرح السياسي الألماني

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات