الأسلحة في الدول العربية والشرق أوسطية بين الصين وتركيا

07:11 مساءً الجمعة 24 مايو 2013
أحمد محمد حسن

أحمد محمد حسن

كاتب ومخرج بالتليفزيون المصري، القاهرة

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

من منتصف القرن الماضي خضعت سياسات التسليح في الشرق الأوسط لمقتضيات الصراع العربي الإسرائيلي بشكل أساسي ، كذلك لطبيعة النظام العالمي ثنائي القطبية وبعد أن أحدثت حرب أكتوبر / تشرين الأول عام 1973 نقلة في سياسات التسلح بإبراز أهمية الأسلحة الموجهة جاءت حرب الخليج عام 1991 لتشكل نقطة تحول تاريخية في نوعية الأسلحة المستخدمة في الشرق الأوسط وبعضها كان يخدم في الميدان لأول مرة مثل الصواريخ الكروز والطائرات الشبح والصواريخ جو- أرض الموجهة بالليزر والأشعة تحت الحمراء .

ولم تدخل هذه الأسلحة إلى سوق السلاح إلا أخيرا حيث بدأت الولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول الإتحاد الأوربي والصين في إمداد الدول العربية ببعض هذه الأسلحة المتقدمة تكنولوجياوأخيرا أصبحت تركيا من بين الدول المصدرة للسلاح إلى الشرق الأوسط . وأصبحت مصر وغيرها من الدول العربية مثل ليبيا وتونس من الدول المستوردة لبعض أنواع السلاح من تركيا .

ويتوقع الخبراء أن عقودا كثيرة سوف توقع مع تركيا بعد إستقرار الأحوال في دول الشرق الأوسط وتعتمد تركيا على جهودها الدبلوماسية في بناء علاقات سياسية طيبة مع دول الإقليم حيث تقدم نفسها كدولة معتدلة ولها علاقات قوية مع معظم الدول المؤثرة في المنطقة مثل إسرائيل وإيران ومصر ودول الخليج وفي مثل هذه الصفقات الكبرى يكون التركيز على نظم الأسلحة الأساسية مثل الدبابات والطائرات والصواريخ والسفن الحربية .

وبينما تقوم الدول الأوربية بتقليص ميزانياتها العسكرية قررت تركيا تعزيز صناعة الأسلحة لديها على أمل أن تستقل تقنيا وتجد مكانة في سوق التصدير .

وإستفادت تركيا من كونها عضو في حلف شمال الأطلسي لتكثيف المشاريع مع المؤسسات الغربية العملاقة في هذا القطاع للحصول على التكنولوجيا .

وذكر تقرير صادر عن (شبكة الدراسات الأمنية الأكاديمية) في زيورخ أن هناك إرتفاعا ملحوظا في صناعة السلاح في تركيا خلال السنوات الأخيرة انعكس على زيادة صادراتها في هذا المجال  بدعم من سياسة خارجية نشطة لهذا البلد ويستند التقرير في تحليله إلى بيانات وزارة الدفاع التركية التي أوضحت تضاعف صادرات المعدات الدفاعية .

وأشار التقرير إلى أن مشاريع التصنيع العسكري التركية طموحة وتتضمن مثلا إنتاج طائرات بدون طيار ومقاتلات نفاثة ومروحيات عمودية وربط التقرير هذا التوجه التركي مع إشكاليات حصولها على مقاتلات أمريكية الصنع بسبب التكاليف الباهظة والقيود الأمريكية على توريد المكونات وتبادل المعلومات وإن كانت قد تغلبت جزئيا على هذه المشكلة من خلال التعاون مع إسرائيل .

ويشرح التقرير عمق الشراكة الإستراتيجية بين تركيا وباكستان التي أدت إلى قيام صناعة الطيران الحربي التركي بتحديث قدرات القوات الجوية الباكستانية وتزويد الجيش بالأجهزة اللاسلكية .

كما عززت تركيا علاقاتها الإستراتيجية مع ماليزيا إذ وقعت الدولتان إتفاق بقيمة 600 مليون دولار في المجال العسكري ويشير التقرير إلى العلاقات المتميزة بين تركيا وأذربيجان كحليف موثوق به وشريك منذ وقت طويل في مجال المشتريات الدفاعية.

وبالنسبة لمصر فقد وقعت مع تركيا إتفاقية إشترت بموجبها 10 طائرات من دون طيار من طراز “انكا” لتصبح بذلك أول دولة أجنبية تشتري هذا النوع من الطائرات من أنقرة .

حجم التسليح في المنطقة

وتتميز طائرات “انكا” التركية بمواصفات أعلى من الطائرات من دون طيار الإسرائيلية وهي قادرة على القيام برحلات إستطلاعية في الليل والنهار ويذكر أن تركيا هي ثالث دولة بعد الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل تصنع طائرات من دون طيار .

وقد صرح أحد الخبراء أن تركيا قادرة على فرض نفسها كالمزود الأساسي للأسلحة لدول الخليج وجنوب شرق آسيا .

أما الصين التي تقدمت على بريطانيا وأصبحت تحتل المرتبة الخامسة بين الدول المصدرة للأسلحة فقد ذكر المعهد الدولي لأبحاث السلام في ستوكهلم أن هذه هي المرة الأولى منذ عام 1950 التي لا تحتل فيها بريطانيا واحدة من المراتب الخمس الأولى في العالم بالنسبة للدول المصدرة للأسلحة .

وقد تكون الصين فقدت سمعتها كمصدر للسلع الرخيصة لكن عندما يتعلق الأمر ببيع الأسلحة يتضح نوع الأسواق الذي تبحث عنه بكين فأينما تكون بلد فقيرة بحاجة إلى أسلحة بخسة الثمن أو نظام يحظر عليه إقتناء الأسلحة الغربية المتقدمة لا يجد بدا من قصد الصين لشراء البنادق والأغلال وتجهيزات مكافحة الشغب والسيارات المصفحة فالصين مثلا أكبر مزود بالأسلحة للحكومة البورمية كما أصبحت الصين من أهم مصادر الأسلحة للسودان .

أما المعادلة التي تعزز بها الصين علاقاتها مع دول النفط الخليجية العربية وإيران فهي “النفط مقابل السلاح” وهذه المعادلة توفر ميزة لطرفيها فالصين في حاجة متزايدة لنفط المنطقة حيث تستورد 40% من وارداتها النفطية من الشرق الأوسط في حين تسعى الدول العربية لتنويع مصادر السلاح تدريجيا وإقامة علاقات تجعلها تفلت من الطوقين الأمريكي والغربي .

وتهدد صادرات المقاتلات الصينية والأسلحة الأخرى بتغيير التوازن العسكري في جنوب آسيا ومناطق أخرى من العالم .

 

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات