اضاءة جديدة على يهود مصر

المحرر: في دورية (Cairo Review of Global Affairs. ) نشرت مها القاضي مقالة بعنوان (NEW SPOTLIGHT ON EGYPTIAN JEWS, Maha El-Kady, May 09, 2013 Cairo Review of Global Affairs.) وقد تفضل الكاتب عمر جاسم بترجمتها مع تدوين ملاحظته بأن ما ورد من اراء تعبر عن كاتبه ولا تعبر عن رأي المترجم بالضرورة، وهو الأمر نفسه بالنسبة (لآسيا إن) التي ترى أن أية تناول لحدث تاريخي يجب ألا يؤخذ من سياقه، أو تجتزأ وقائعه.

ملصق فيلم عن يهود مصر

في الثالث عشر من ابريل هذا العام صرحت رئيسة الجالية اليهودية في القاهرة (كارمن وينشتاين) التي ناهزت الرابعة و الثمانين من عمرها .قبل يوم واحد من وفاتها ، انها تنوي تجديد الكنيس اليهودي في المعادي كجزء من جهودها للحفاظ على المعابد اليهودية الخمسة عشر و مقبرة اليهود في القاهرة . وارادت كارمن من ذلك ان تبين ان اليهود البالغ عددهم اربعون شخصا في القاهرة يتمتعون بذات الحقوق التي يتمتع بها نظرائهم المسلمين والمسيحيين وهم مجتمع ضمن المجتمع المصري .

و في سبتمبر 2012 ضمن الموسم السينمائي الخامس للافلام الاوربية في القاهرة انتج اليهود في مصر فيلما ، و الذي كان من المقرر عرضه في دور السينما في مارس 2013،ولكن قبل بضعة ايام فقط من العرض حظر مكتب الرقابة المصرية الفلم الوثائقي دون ابداء الاسباب على الرغم من وجود موافقة مسبقة لانتاج الفلم وعرضه ضمن المهرجان الدولي . وقد وصف المخرج امير رمسيس هذا الحظر باعتباره انتهاكا لحرية التعبير ومخالفا للدستور المصري وشن حملة لالغاء الحظر .

استمر بعض اليهود في مكافحة الاستعمار في الشرق الاوسط و بالخصوص هنري كورييل مؤسس الحركة الديمقراطية للتحرير الوطني الذي قدم لثروت عكاشة معلومات مهمة عن ازمة السويس و سلمه خطة العدوان الثلاثى على مصر قبل حدوثه. وتجاهل عبد الناصر دافع عكاشة لاعادة الجنسية المصرية لكورييل ، واستمرت السلطات بتهجير اليهود .

كان رد الفعل على حرب 1956 اسوأ من انشاء دولة اسرائيل ، ويمكن تفسير ردة الفعل هذه بانها ناتجة عن القومية ومعاداة السامية “وما فعله ناصر ليس الا نتيجة لحرب 1956” وقال خالد فهمي انه ايضا يأتِ في اعقاب التمصير و القومية ومحاربة الاستعمار وما الى ذلك.

و في ديسمبر 2012 اثار عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية و العدالة جدلا في مصر حول دعوته لليهود المصريين بالعودة الى مصر و على الفلسطينيين ان يعودوا الى وطنهم . وذكر ان اليهود طردوا ظلما و حرموا من منازلهم ، وصودرت املاكهم و بالتالي يجب تعويضهم . وتبرأ مكتب الرئيس مرسي من تصريحات العريان وعزى السبب في هذه التصريحات الا ان العريان استقال من منصبه كمستشار للرئاسة .

صار مصير اليهود المصريين موضوع جدل ساخن بين نشطاء حقوق الانسان و المثقفين و صاروا ينادون بتوفير العدالة لهم واستهجنوا تحول مصر الى مجتمع غير متسامح وصار المصريين يقولون بان هذه المأساة يمكن ان تنعكس ايضا على المسيحيين الاقباط واعتقد البعض بان ذلك ممكن جدا .

ثم استدعى مكتب الرقابة امير رمسيس وابلغه برفع الحظر (مرة اخرى،دون تفسير) والفيلم حاليا يتم تفحصه في ثلاث دور سينما في القاهرة و الاسكندرية . اثار هذا الحظر مخاوف اليهود حول حرية التعبير في مصر و أججت النقاشات حول حقوق اليهود المصريين.

في اواخر القرن التاسع عشر و اوائل القرن العشرين جاء العديد من المهاجرين اليهود الى مصر من دول حوض البحر المتوسط فانغرسوا في المجتمع و مارسوا الاعمال التجارية . الا انهم تعرضوا للتهجير الجماعي و القسري في عامي 1950 و 1960 وادعى جمال عبد الناصر ان الكثير من اليهود ينتمون الى شبكات تجسس اسرائيلية .

ذكر مواطن مصري بعد ان شاهد فيلم “اليهود في مصر “ان ما فعله عبد الناصر لليهود في مصر سوف يحدث لمسيحي مصر.

و قد ” تحولنا الى مجتمع عنصري” و الفيلم لم يحظى حتى بالتصفيق لأنه عن اليهود . وقال امير رمسس مخرج الفيلم ان الفلم ليس فقط عن المجتمع اليهودي في مصر بل ايضا عن غياب الديمقراطية و التسامح في مصر و قال “دعونا نكن واقعيين، الجيل الاول من اليهود المصريين في طريقه للزوال تقريبا،فلم نشهد خطوات عملية لإعادتهم الى مصر ونحن بحاجة فقط لقراءة التاريخ لتجنب مآس مماثلة في المستقبل”

المعبد اليهودي في مصر

ويعرض اليهود المهجرون قسريا قصصهم ومعاناتهم فقال جويس بلاو وهو ناشط يساري يظهر في الفيلم الوثائقي ان عملاء المخابرات المصريين قاموا باحتجازه و استجوابه عدة ايام قبل ترحيله الى فرنسا .

كما تعرض اندريه حزان للتعذيب و السجن لأنه رفض مغادرة مصر وتم ترحيله اخيرا الى فرنسا ، وظل بعض اليهود في مصر مثل البرت ارييه الذي اعتنق الاسلام ليتزوج مسلمة ومع ذلك لم تتركه السلطات ان يعيش بسلام هو و اسرته .

على الرغم من ان الصراع بين مصر واسرائيل كان سببا في تهجير اليهود من مصر الا ان معظم اليهود المصريين لم يهاجروا الى اسرائيل ، فهم كانوا يعيون حياة سهلة و جيدة ، و اوضح خالد فهمي رئيس قسم التاريخ في الجامعة الامريكية في القاهرة ان اليهود المصريين اعتبروا الهجرة الى اسرائيل لا معنى لها فقد ترك العديد منهم اموالهم عهدة في ايدي المسلمين ثم سيعودون لاخدها مرة اخرى .

وذكر خالد فهمي ان التحديات التي تواجه المجتمع القبطي اليوم لا يمكن مقارنتها مع ما حدث لليهود و اضاف”انهم نسبة كبيرة ولا يمكن طردهم الا باراقة الدماء و انا لا اعتقد ان احدا في مصر على استعداد لذلك” ان الخوف الاكبر هو ليس استهداف جهة معينة ، بل هو زيادة التوترات على اسس دينية .

حسن ومرقص وكوهين: ذهب كوهين فهل يبقى حسن وحده؟

في عام 1945 قدم الممثل الكوميدي المصري المشهور نجيب الريحاني مسرحية”حسن ومرقص وكوهين” عن ثلاثة شركاء في اعمال تجارية”مسلم و قبطي و يهودي” وتم تحويل القصة الى فيلم في عام 1954 و، وخلال الاعوام السابقة عرض الفيلم فقط بين حسن ومرقص و يسخر بعض المصريين بقولهم ان النسخة الجديدة ستكون فقط حسن .

هل يمكن لمصر ما بعد الثورة ان تشهد مجتمعا عادلا ؟ قال الزعيم القبطي تاضروس الثاني انه متفائل حول مستقبل مصر ويعتقد ان الاعتدال هو السبيل الوحيد لبناء المجتمع المصر ونهر النيل يمر في منتصف الاراضي المصرية وهو يعلمنا ان نكون معتدلين .