مصر هبة النيل .. بين سد النهضة وتحويل مجرى النيل الأزرق

07:59 مساءً الجمعة 31 مايو 2013
أحمد محمد حسن

أحمد محمد حسن

كاتب ومخرج بالتليفزيون المصري، القاهرة

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

لم يكن قرار أثيوبيا بالبدء في تحويل مجرى مياه نهر النيل الأزرق (أحد روافد نهر النيل) تمهيدا لبناء سد النهضة أو سد الألفية الكبير مفاجئا إلا في توقيته إذ بدأت أثيوبيا في إدارة ملف مياه نهر النيل بعيدا عن مصر منذ توقيع ست دول من دول المنبع على “اتفاقية عنتيبي” لإعادة تقسيم موارد مياه نهر النيل في عهد الرئيس السابق محمد حسني مبارك كما دشنت أثيوبيا مشروع بناء سد النهضة في عهد المجلس العسكري وأعلنت البدء في تحويل مجرى النيل في عهد الرئيس محمد مرسي وكأنها كانت تنتظر زيارة الرئيس مرسي لأراضيها لإبلاغه بهذا القرار الذي منذ إصداره أثار غضبا وقلقا في الشارع المصري حول مستقبل مياه مصر كما أنه من الواضح أن أثيوبيا إستغلت عدم إستقرار الحال في مصر والظروف المتدهورة التي تمر بها وإنشغالها في بناء إقتصادها من جديد بعد عامين ونصف من الثورة المصرية التي أطاحت بالرئيس مبارك .

شريان الحياة، أكثر من تهديد

حيث قامت أثيوبيا بطرح هذا المشروع  في مدينة عنتيبي الأوغندية في مايو / آيار عام 2010 وقررت ست دول من دول منابع النيل التوقيع على معاهدة جديدة لإقتسام موارد نهر النيل ومنحت القاهرة والخرطوم مهلة عاما واحدا للإنضمام إلى المعاهدة التي تنص على أن التعاون بين دول حوض النيل يعتمد على الإستخدام المنصف والعادل لموارد مياه نهر النيل .

ووصفت مصر وقتها إتفاقية عنتيبي ب” المخالفة للقانون الدولي  وللقواعد المعمول بها من جانب الجهات الدولية المانحة” ، وأن عدم إعتراف أثيوبيا بحصة مصر المائية هو السبب الرئيسي لعدم توقيع مصر والسودان على إتفاقية عنتيبي ، ولم يتم تفعيل الموقف المصري مع الجهات الدولية المسؤولة .

وفي أول أبريل / نيسان عام 2011 أثناء إدارة المجلس العسكري للبلاد دشنت الحكومة الأثيوبية سد الألفية الكبير أو سد النهضة لإنتاج الطاقة الكهرومائية .

وفي 29 أبريل / نيسان من نفس العام أرسلت مصر وفد “الدبلوماسية الشعبية” المصري الذي ضم 48 من القيادات السياسية والحزبية ومن شباب الثورة لمناقشة مشكلة مياه النيلومشروع سد الألفية وإعادة العلاقة بين مصر واثيوبيا .

ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن مصدر مسؤول بوزارة الموارد المائية أن مصر طلبت رسميا من الجانب الأثيوبي توفير كافة البيانات الخاصة بسد الألفية المقترح على النيل الأزرق بأثيوبيا في إطار تقييم المشروع بشكل دقيق وتحديد تأثيره على دولتي المصب مصر والسودان ، وأن أثيوبيا رفضت السماح لمصر بفحص سد النهضة إذا لم توقع القاهرة إتفاقا جديدا تتخلى بموجبه عن حقها في نقض إتفاقية عنتيبي بشأن توزيع مياه النهر .

وعندما أعلنت الحكومة الأثيوبية على نحو مفاجئ أنها ستبدأ في تحويل مجرى النيل الأزرق إيذانا ببدء العملية الفعلية لبناء سد النهضة أصبحت مصر تواجه  أصعب إختبارات السياسة الخارجية العالقة منذ سنوات طويلة وهي ملف المياه الذي شهد تطورا خطيرا بعد تحويل أثيوبيا لمجرى النهر لإستكمال سد النهضة الأثيوبي الذي يهدد الأمن القومي المصري حيث أنه من المقرر أن يخزن السد عند إكتماله 73 مليار متر مكعب من المياه ولدى إكتماله سيحدث عجز بنسبة 20% من حصة مصر بالمياه وبذلك ستكون أثيوبيا هي المتحكمة الأولى والأخيرة في نسبة المياه التي تأتي إلى كل من مصر والسودان .

فيما أكد الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الري الأسبق أن مصر أمامها أسابيع وينفلت زمام الأمور من يديها فأثيوبيا تمضي قدما في بناء السد ولا يمكن أن يستوقفها أحد مطالبا بضرورة التفاوض بشكل جدي أو اللجوء إلى التحكيم الدولي وإذا لجأنا إلى الحل الأول وهو التفاوض فلابد من إيقاف البناء والتحول إلى سياسات الأفعال الرشيدة بدلا من سياسة ردود الأفعال واستمرار الجهود البناءة مع الجهات المانحة لمنع تمويل مثل هذه السدود وأيضا زيادة إيراد النهر وتعويض النقص الناتج عن المشاريع الأثيوبية هو الحل الأمثل لأن مصر لا تملك ما تقدمه لأثيوبيا لتتنازل عن أحلامها .

وقال ان تصريحات رئيس الوزراء الأثيوبي بأن سد النهضة لن يؤثر على حصة مصر والسودان كذب وإفتراء وتغطية للحقائق التي يعلمها العالم كله وفيه تخدير للشعب المصري مشيرا إلى أن هذا السد ستكون له آثار وخيمة على مصر .

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات