بوكو حرام : التعليم الغربي حرام!

07:54 مساءً الإثنين 10 يونيو 2013
أحمد محمد حسن

أحمد محمد حسن

كاتب ومخرج بالتليفزيون المصري، القاهرة

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

تقع نيجيريا في غرب القارة الأفريقية وهي أكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان حيث يبلغ تعدادهم 154 مليون نسمة وتعتبر من أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم وعاصمة نيجيريا هي أبوجا منذ عام 1991 بينما كانت لاجوس هي العاصمة السابقة ، واسم نيجيريا مأخوذ نسبة إلى نهر النيجر الذي يمر في البلاد ، وأعلن إستقلال نيجيريا عن بريطانيا عام 1960

أثارت أعمال العنف التي تتعرض لها شمال نيجيريا وتتبناها جماعة تدعى “بوكو حرام” العديد من التساؤلات حول هوية هذه الجماعة وما تطرحه من تأثيرات على مستقبل الإستقرار في نيجيريا .

وجماعة بوكو حرام أي التعليم الغربي حرام بلغة الهوسا السائدة في شمال نيجيريا هي جماعة إسلامية مسلحة تدعي العمل على تطبيق الشريعة الإسلامية في جميع ولايات نيجيريا وهي مجموعة مؤلفة خصوصا من طلبة تخلو عن الدراسة وأقاموا قاعدة لهم شمال شرقي البلاد على الحدود مع النيجر .

وتأسست الجماعة في يناير / كانون الثاني عام 2002 على يد محمد يوسف وهو شاب ترك تعليمه في سن مبكرة ولم يجد وظيفة مناسبة فلجأ إلى التعليم الديني الغير نظامي مما أدى به إلى الغلو الذي بات واضحا في أفكاره حيث أصبح يطالب بالفصل بين الجنسين وقلب نظام الحكم وهو ما منح حركته اسم (طالبان نيجيريا) .

والأوضاع الداخلية في نيجيريا كانت عامل رئيسي في ظهور محمد يوسف وشعبيته فمعظم اتباعه من العاطلين الذين قد يصل عددهم في نيجيريا إلى 40 مليون شخص الكثير منهم من المتسربين من التعليم وجماعة بوكو حرام التي تعني حرمانية التعليم الغربي تسعى لفرض شكل متزمت من الشريعة أو القانون الإسلامي ووقف فساد الحكومة.

وفي يوليو / تموز عام 2009  بدأ تنظيم بوكو حرام تمرده في محاولة إقامة إمارة إسلامية في شمالي نيجيريا حيث تسكن أغلبية مسلمة وأسفرت الإشتباكات بين جماعة بوكو حرام وقوات الأمن عن مقتل اكثر من 800 قتيل واعتقل الأمن زعيم الجماعة محمد يوسف وأعدموه بالتوازي مع عشرات من أتباعه .

ووفقا لهيومن رايتس ووتش فإن إنتشار الفقر على نطاق واسع في الشمال وانتهاكات الشرطة والإفلات من العقاب على الجرائم لفترة طويلة قد تركت أرضا خصبة للعنف المسلح واستهدفت هجمات بوكو حرام في المقام الأول الشرطة وغيرها من الجهات الأمنية والمسيحيين والمسلمين الذين يعملون في الحكومة أو المتهمين بالتعامل معها كما قصفت الجماعة مكاتب الصحف ومكتب الأمم المتحدة في العاصمة أبوجا وهاجمت حانات واستولت على بنوك وأحرقت مدارس وارتفعت أعداد القتلى بين الجماعة وقوات الأمن .

وبعد إعدام زعيم الجماعة في عام 2009 عاودت الجماعة ظهورها مرة أخرى في عام 2010 بقيادة أبو بكر شيكاو النائب السابق ليوسف  والذي تعهد بالإنتقام ممن قتلوا أعضاء الجماعة وهاجم أعضاء بوكو حرام أكثر من 60 من مراكز الشرطة في ما لا يقل عن 10 ولايات شمالية ووسطى وقصفوا مقر قيادة الشرطة في أبوجا وقتل 211 رجل شرطة على الأقل في هذه الهجمات .

وقد أدى فشل الدولة في حماية مواطنيها إلى لجوء المواطنين إلى الدين كوسيلة لتفسير الواقع الإجتماعي وأسباب الفقر فأولويات النخبة السياسية في نيجيريا لا تنسجم مع واقع مواطنيها .

وعلى الرغم من أن جماعة بوكو حرام تمثل إحدى الجماعات المتطرفة التي أعلنت إنضمامها إلى تنظيم القاعدة وأكدت وجود روابط تجمعها بالجماعات ذات الصلة في أفريقيا كتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وحركة شباب المجاهدين في الصومال فإن الوسائل التي اعتمدتها السلطات النيجيرية في التعامل معها قد أدت إلى تصعيد هذه الجماعة من عملياتها وزيادة المؤيدين لها .

فقد اعتمدت السلطات النيجيرية على استخدام العنف المفرط في مواجهة تحركات الجماعة منذ بداياتها وتصوير عمليات القتل الجماعي لأعضائها وإعدام زعيمها بدون محاكمة واعتقدت السلطات النيجيرية وخصوصا قائد الجيش أن هذه الإجراءات ستؤدي إلى القضاء على هذه الجماعة إلا أن أعضائها قد ازدادوا إصرارا على مواجهة عنف الأجهزة الأمنية بفوضى تنتشر في عدد من مدن الشمال وتهدد الإتحاد النيجيري بأكمله وتهدد المصالح الغربية في نيجيريا .

ومن ثم يجب على السلطات النيجيرية اللجوء إلى وسائل أخرى في التعامل مع إرهاب جماعة بوكو حرام التي ينظر إليها بإعتبارها تهديدا عسكريا من قبل الإرهاب الدولي الذي يتزعمه تنظيم القاعدة وعلى السلطات الفيدرالية إستيعاب مطالب الشباب المحروم إقتصاديا وحل المشكلات المزمنة التي يعاني منها المجتمع الإسلامي منذ عقود طويلة وتتجاهلها الحكومات المتعاقبة .

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات