حياته من أجل كرسى؟؟ إخص

08:17 صباحًا الخميس 4 يوليو 2013
محمد فتحي

محمد فتحي

كاتب مصري، وأكاديمي وإعلامي، معد للبرامج التلفزيونية. وتنشر مقالاته في الصحف المصرية والعربية

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

فقدنا إنسانيتنا بالكامل حين أصبحنا نسأل بعد كل قتيل يسقط إن كان إخوانياً أم لا.

الدم المصرى كله حرام، لكن «مرسى» يجرنا لاقتتال أهلى، وبعد أن كان «مبارك» يقول: «أنا أو الفوضى»، ها هو «مرسى» يخرج فى أنصاص الليالى ليقول: «أنا أو العنف».

ستة عشر قتيلاً نحتسبهم عند الله جميعاً من الشهداء فى منطقة بين السرايات بعد أن قال «مرسى»: «سأبذل حياتى دفاعاً عن الشرعية»، أحدهم هو أحمد عبدالحميد، الشاب السلفى الجميل الذى كان يجلس بجوارى قبل أيام فى صحبة الحبيب على الجفرى نتحدث عن الإسلام الجميل والسمح وكيف يجب أن نعيش جميعاً معاً وأن يحتوى الإسلامُ الجميعَ، وأنباء عن سقوط نائب مأمور قسم بولاق شهيداً هو الآخر فى هذه الأحداث، و«مرسى» يتوارى جبناً فى دار الحرس الجمهورى لا يجرؤ على النزول وسط الناس، ويدفع شباباً مغيبين إلى الموت فى سبيل شرعيته المزعومة التى أسقطها هو بنفسه منذ أريقت دماء على باب قصره ولم يتحرك فى أحداث الاتحادية، ولم يمنع نزول مؤيديه لضرب المعتصمين السلميين، ولم يسمع لأحد مستشاريه الذى قال لى إنه حذره من نزول مؤيديه ومن مجزرة قد تحدث فرد بأنه من حقهم أن يعبروا عن رأيهم.

أكتب هذه السطور وأنا لا أعرف ما الذى حدث بعد انتهاء مهلة القوات المسلحة لجميع الأطراف، التى واجهها «مرسى» بـ«كبر»، ساعياً لإحداث فتنة، ولإراقة مزيد من الدماء، رغم أنه يعرف جيداً أنه سقط بالفعل، وأن نظراته الزائغة التى خرج بها علينا كانت بسبب معرفته لمصيره المحتوم الذى اختاره لنفسه بغبائه وعناده.

أكتب هذه السطور وأنا لا أعرف كم شهيداً سقط، لكننى متأكد أن «مرسى» هو من سيتحمل ذنب إراقة هذه الدماء أمام الله، عز وجل، وستحل لعنتها عليه إلى يوم القيامة.

«مرسى» الذى خسر الجميع عدا أهله وعشيرته والمغيبين والمخدوعين والمنوَّمين بمخدر الدفاع عن الدين ضد أعدائه، لم يقدم حتى فى خطابه حلاً واحداً، أو مبادرة واحدة، لم يُقِل حتى الحكومة التى استقال نصفها، لم يعلق على الشهداء الذين سقطوا، ولا الاقتتال الأهلى الذى سيأخذ أبعاداً طائفية بفضله وبفضل مشايخ العار والندامة والمحرضين على القتل والموت باسم الشهادة، خوفاً -فقط- من أن يعودوا للسجون مرة أخرى.

أنا الشرعية اللي … أكثر الكلمات تكرارا في خطاب مرسي

لم يحاول «مرسى» تقديم أى حل، لم يفعل شيئا سوى أن كرر كلمة الشرعية الشرعية الشرعية الشرعية.. وكأن لا هم له إلا الكرسى، ولو خرج وقال إنه لن يرضى أن تراق قطرة دم واحدة بسببه لخرج باحترام ورصيد كبيرين، لكنه أبى واستكبر.

أعرف شيوخاً من كبار مشايخ السلفية ومن لهم كلمة وتأثير كانوا يستطيعون نزع فتيل الأزمة بمجرد أن يجهروا برأيهم ورفضهم لأن تراق قطرة دم واحدة، وأن نجر لسيناريو السنوات السوداء التى عاشتها الجزائر وراح ضحيتها عشرات الآلاف من الضحايا، لكننى أعرف أيضاً شيوخاً أقنعوهم بالصمت أو موافقة آراء الأغلبية المحرضة وخدعوهم بكون المتظاهرين فى مصر أقباطاً وبلطجية ونظاماً قديماً.

وأعرف منتفعين من نظام «مرسى» وأرزقية وأراجوزات وبهلونات باعوا ضمائرهم يمارسون الآن تهييجاً وشحناً طائفياً وتحريضاً على الجيش والشرطة فى معركتهم الأخيرة لتدمير مصر.

ناس يعرفون أن الجيش والشرطة والقضاء والإعلام والإدارات المحلية، وقبل وبعد كل هؤلاء جموع الشعب الحقيقية، تولوا عنهم ولن يقفوا إلى جوارهم، وبدلاً من أن ينسحبوا من المشهد فهم يجروننا لحرب سيخسر فيها الجميع، ويراهنون على تدخل الغرب والأمريكان الذين عقدوا معهم صفقاتهم ولا يزالون.

الإخوان ومؤيدوهم ومرشدهم ومندوبهم فى قصر الرئاسة يعرفون أن الموضوع انتهى، وأن الجميع أعطى ظهره الآن للرئيس الفاشل، لكنهم يأبون أن يخلصوا مصر من كل هذا ويواصلون رقصة وداعهم الأخيرة بمبدأ شمشون.. علىَّ وعلى أعدائى..

ولن يستطيعوا.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات