أوباما ضد أوباما

01:15 مساءً السبت 6 يوليو 2013
أشرف أبو اليزيد

أشرف أبو اليزيد

رئيس جمعية الصحفيين الآسيويين

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

من الطبيعي أن يكتشف العالم، كل يوم، أخطاء كُبرى للإدارة الأمريكية، ترقى أحيانا لمرتبة الخطايا، وقد تصبح الجرائم التي لا يُمكن التكفير عنها. إن ذلك نتيجة منطقية لطبيعة الانتشار الأمريكي المسلح، في كل مناطق العالم، وأمر بدهي بسبب تدخل السياسات الأمريكية وتداخلها مع قضايا معظم الدول، داخليا وخارجيا.

أمرٌ مهم أن نعيد التفكير في أن هذه الأخطاء، الخطايا، والجرائم، تكشف بجلاء الازدواجية التي تعيش فيها الولايات المتحدة، مجسدة في إدارتها، وممثلة في خارجيتها، وأكثر شيء في رمزها السياسي الأول؛ رئيس الولايات المتحدة الأمريكية: باراك أوباما!

إدوارد سنودين، عميل المخابرات المركزية الأمريكية ، وضع واشنطن في موقف حرج بعد كشفه عن بعض أنشطة التجسس الأكثر سرية للحكومة الأمريكية. حدث ذلك بعد أيام من قمة الرئيس الصيني شي جين بينغ مع نظيره الأمريكي باراك أوباما، والتي عقدت الشهر الماضي في كاليفورنيا، ووسط ما قام به بعض الساسة ووسائل الأعلام بالولايات المتحدة باتهامات تجسس على الإنترنت ضد الصين، في محاولة لجعلها واحدة من أكبر مرتكبي أنشطة التجسس عبر الإنترنت! بل وكشف تقرير لصحيفة ((ساوث تشاينا مورنينغ بوست)) في هونغ كونغ، بعد فرار سنودين إلى الأراضي الصينية، كيف أن واشنطن اخترقت أنظمة الكمبيوتر الخاصة بشركات اتصالات صينية كبيرة وأحد أفضل الجامعات بالبلاد .

وفي الوقت الذي تعلن فيه الإدارة امريكية سعيها لعقد مؤتمر جنيف للسلام في سورية، يكشف المذيع الأمريكي المخضرم جلين خطة أوباما لدعم آكلة لحوم البشر، بعد عرض فيديو لقوات قيل أنها تنتمي للجيش الحر تلتهم أكباد قتلاهم من الجيش النظامي!

آكلة لحوم البشرالقضية الأكثر شهرة هي اشتراك الولايات المتحدة في تأسيس تنظيم القاعدة، كما اعترفت وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون في هذا الفيديو هيلاري كلينتون: اعترافات متأخرة بإنشاء القاعدة! وكيف أنهم بعد تخلصوا من أعداء أمريكا في أفغانستان، الاتحاد السوفياتي، تركوا الحرية لباكستان لمقاومة القاعدة، وغضوا الطرف عن الانتهاكات التي أثمرت في ظهور التطرف الطالباني، وها هي الولايات المتحدة تجلس على طاولة واحدة مع طالبان، في الوقت الذي تقول إنها ضد الإرهاب!

شهوة تزويد القوات المتحاربة بالسلاح لا تنقطع عن الإدارة الأمريكية تحت إدارة أوباما، فقد صادق الرئيس الأمريكي باراك أوباما على تزويد الصومال بالأسلحة يجيز تزويد الصومال “بمواد وخدمات دفاعية “، قائلا إن هذا التحرك سوف “يدعم أمن الولايات المتحدة ويعزز السلام العالمي”. وتم تكليف وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بالتفكير في الأسلحة التي سيتم تقديمها. وبمساعدة قوات الاتحاد الأفريقي ، استعادت القوات الصومالية مدنا كبرى في البلاد في الأشهر الأخيرة، وفي يناير اعترفت واشنطن بالحكومة الجديدة بقيادة الرئيس حسن شيخ محمود باعتبارها أول حكومة مركزية دائمة في البلاد منذ اندلاع حرب أهلية في عام 1991.

 لقد كتبت كثيرًا، في آسيا إن، عن مسار أوباما، ويمكن العودة لهذه الروابط:

العودة إلى مدرسة السلطان أوباما

http://ar.theasian.asia/archives/460

طالبان، والإخوان، والأمريكان … يد واحدة!

http://ar.theasian.asia/archives/14596

أوباما قتل (بن لادن) بالباكستان وساعد أنصاره في مصر

 http://ar.theasian.asia/archives/8242

في هذا المقال كتبت : “الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذي نال جائزة نوبل للسلام في أول عهده، أدرك أن موت بن لادن على فراش المرض سيجعله أيقونة ورمزًا، خاصة حين يؤخذ جثمانه إلى مقبرة معلومة يتخذها أنصاره مزارًا كما يفعلون مع الأولياء. لذلك قرر أوباما استخدام ورقة القضاء على غريم رؤساء الولايات المتحدة كي تضاف دماؤه إلى ميزان حسناته لدى الناخب الأمريكي! لقد كانت بطولة أمريكية أن يقتل الرجل الذي حارب أمريكا دفاعًا عن الإسلام، فكيف تحولت أمريكا أوباما ليناصر ويساعد ويدعم محبي بن لادن الذين يرفعون صوره ويقبلون وجهه في مظاهرات الإخوان المسلمين والسلفيين في مصر؟ لقد فعلت الولايات المتحدة الشيء ونقيضه لكي تحقق مصالحها، حيث لا مبدأ يتسق مع الشيء ونقيضه سوى خطاب البراجماتية الأمريكية، في دعم النقيضين وتسليح الطرفين، والإدعاء بأنها تدعم مفاوضات السلام وهي ترسل جيوشها ترابط أو تحارب في كل أنحاء العالم”.

ورقة التوت الأخيرة سقطت حين قامت الثورتان التوأم في مصر، ثورة 25 يناير، وثورة 30 يونيو، ففي كلاهما تباطأت الإدارة الأمريكية في إعترافها بالثورة الشابة، ثم بحثت في أبوابها الخلفية عن حليف يرضى بكل الإملاءات وعثرت على جماعة الإخوان المسلمين التي كانت على استعداد (للموت) في سبيل الحكم.

بعد عام من حكم الإخوان المسلمين وثبوت فشلهم السياسي والحكومي وخياناتهم الوطنية، ظهرت الإرادة الشعبية مجسدة في استجابة أكثر من 22 مليون مواطن للتوقيع على استمارات حركة تمرد لسحب الثقة من الرئيس محمد مرسي، وتوج الأمر بنزول مظاهرات هي الأكبر في تاريخ البشرية قوامها حسب المصادر الخربية نحو 33 مليوما، والمفاجأة هي التردد المهين للإدارة الأمريكية في وصف ذلك بالثورة وزعمها أنه انقلاب، رغم أن نزول الجيش جاء استجابة للملايين وحفاظا على وطن كان يذوي وسياسة كانت تخبو واقتصاد كان ينهب، على مدى عام من الحسرات.

ها هي الإدارة الأمريكية، والكونجرس، يعيدان تقييم الأمور، ويبدآن في دعم (إرادة الشعب المصري) ولكن تثار الآن في عقر دار أوباما أسئلة كثيرة عن تورطه في مساندة الإخوان المسلمين ماليا وبسخاء من أجل اتفاقات لا وطنية، على الأقل بالنسبة للمصريين، وهو أمر يصبت أن أوباما ضد أوباما، بوجهين كئيبين، وأقنعة متعددة، يسافر ليشيع جثمان الثائر الكبير نيلسون مانديلا (وسط مظاهرات حنوب أفريقية ضد ذلك الأمريكي من أصل أفريقي)، ولكنه يقف ضد الثوار في مصرحتى أن التندر عليه أصبح صورًا يتم تداولها له يرتدي زي القاعدة، حاملا اسم: أوباما بن لادن!

وداعًا أوباما!

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات