تأجيج الصراع السني الشيعي في العالم العربي

07:21 مساءً الإثنين 29 يوليو 2013
أحمد محمد حسن

أحمد محمد حسن

كاتب ومخرج بالتليفزيون المصري، القاهرة

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

الخلاف السني الشيعي هو خلاف تاريخي بين أكبر طائفتين إسلاميتين : أهل السنة والجماعة والطائفة الشيعية التي كانت ترى أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أوصى بالخلافة من بعده لعلي بن أبي طالب وبالتالي فهم يعتقدون ببطلان خلافة من سبقه (أبو بكر الصديق ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان)

ويرى البعض أن جذور الخلاف الرئيسي بين السنة والشيعة تعود إلى أكبر وأول أزمة مر بها التاريخ الإسلامي وهي الفتنة التي أدت إلى مقتل عثمان بن عفان وما خلفته ورائها من نزاعات عنيفة لاسيما بين معاوية بن أبي سفيان وعلي بن أبي طالب الخليفة الراشدي الرابع مما كان سببا رئيسيا وراء تفتت المسلمين .

ولا شك أن الصراع السني الشيعي منذ بدايته وحتى العصر الحديث له أبعاد سياسية وقد ظهر واضحا في السنوات الأخيرة ومنذ قيام الثورة الإيرانية كيف ساعدت إيران الجماعات الشيعية في الدول العربية على تأجيج الخلاف بين السنة والشيعة وتحول الصراع الفكري إلى صراع سياسي .

ففي مصر التي لم يحدث في تاريخها القديم والحديث أي خلاف أو توتر أو مشكلة بين السنة والشيعة حدثت جريمة إعتداء بشعة أدت لمقتل أربعة من الشيعة في الجيزة ، ويرى الدكتور سعد الدين إبراهيم رئيس مركز إبن خلدون للدراسات الإجتماعية أنه منذ صعود جماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة بدأ معهم الصراع الطائفي على كافة الأصعدة وكان أخطرها الصراع السني الشيعي وأن أهم الحسابات السياسية لتنظيم الإخوان في مصر هو إثارة الفوضى في المجتمع المصري وتقسيمه إلى طوائف وأحزاب وسنة وشيعة وجهادي وسلفي وغيرها وإثارة الفتن بينهم لتحويل البلاد بذلك إلى فوضى عارمة وصراعات طائفية ترسخ بقاءهم في الحكم .

ويرى الدكتور السيد أحمد المفكر السياسي ومدير مركز “يافا” للدراسات أن الصراع السني الشيعي في مصر صناعة إخوانية صهيونية حيث لا يوجد صراع حقيقي بين السنة والشيعة وأن القضية خلاف سياسي بين دول الخليج وإيران يتم تصديره حاليا إلى مصر لكي يتحول المجتمع المصري إلى طوائف متصارعة ومتنافرة كالصومال وأفغانستان بهدف القضاء على الثورة المصرية وأن الذين يدعمون هذه القضية (الصراع السني الشيعي) مدعومون من الولايات المتحدة الأمريكية والغرب لكي يشغلوا الشعب بقضايا ليست حقيقية بهدف تحقيق المخطط الأمريكي الصهيوني وتنفيذ مصالحه في المنطقة وسهولة السيطرة عليها .

البحرين

الصراع السني الشيعي في البحرين :

هذا الصراع هو وجه آخر للنزاع بين حكم الأقلية السنية والغالبية الشيعية ، فمملكة البحرين مساحتها صغيرة جدا (لا تتجاوز مساحتها ال 750 كيلومترا مربعا) وعدد سكانها يزيد عن المليون بقليل والحركة الإجتماعية التي تشهدها البحرين حاليا هي استمرار لنزاع تاريخي بين العائلة المالكة والأقلية السنية التي تحكم البحرين منذ إستقلالها في السبعينات وبين الأكثرية السكانية من الشيعة التي تمثل نحو 70% من السكان والتي تعتبر نفسها مهمشة ومضطهدة من جانب السنة الذين يتحكمون بكل مقدرات السلطة ولا يفسحون المجال أمام الشيعة لتولي المناصب السياسية أو الوصول إلى وظائف الدولة التي تبقى حكرا على المواطنين السنة أو على المجنسين من السنة من مواطني دول أخرى والذين تمنحهم السلطات البحرينية الجنسية بسرعة قياسية من أجل تغيير الميزان الديموجرافي في البلد لصالحهم .

وبلغ التوتر ذروته بين قوى المعارضة الشيعية في البحرين والنظام الحاكم عام 1994 بعد بروز حركات احتجاجية شعبية شيعية طالبت بالإصلاح والمساواة في الحقوق واجهتها الحكومة السنية بالقوة والبطش في قمع حركة المحتجين وكان أهم مطلب للمعارضة الشيعية هو إجراء تعديلات دستورية تقيم توازنا حقيقيا في التمثيل الشيعي في مؤسسات الحكم أما المطلب الثاني المهم للمعارضة الشيعية فهو وقف عمليات التجنيس الجارية في البلاد والتي تهدف إلى تغيير التوازن الديموجرافي للسكان .

المالكي دعا لصلاة تجمع أبناء السنة والشيعة معا

صراع السنة والشيعة في العراق :

بعد انسحاب الجيش الأمريكي من العراق بدأ يتجسد التوتر في العلاقات بين السنة والشيعة وفي الوقت الذي يتوقع فيه السنة أن تتدخل القوى الخارجية كالولايات المتحدة وتركيا لصالحهم ، تستمر إيران في بسط نفوذها في العراق أكثر من أي دولة أخرى فمن مصلحة طهران أن تبقى العراق في وضع غير مستقر ولكن قابل للضبط .

وفي اليمن ، الصراع السني الشيعي يمتد إلى صنعاء :

تحول التوتر بين المتطرفين السنة والمتمردين الشيعة الزيديين إلى حرب من أجل السيطرة على عدد من المساجد في العاصمة اليمنية صنعاء وقد كانت هذه المواجهات بين الطرفين محصورة بمنطقة صعدة الشمالية معقل جماعة أنصار الله التي يتهمها خصومها بأنها آداة بيد إيران وحيث تدور معارك من وقت لآخر بين الزيديين وسنة من أنصار حزب الإصلاح من أجل السيطرة على بعض المساجد يتحول الخلاف بين السنة والشيعة إلى حرب بين أبناء البلد الواحد .

أما الفتنة السنية الشيعية في لبنان :

والتي تصاعدت مع بروز حزب الله اللبناني كفاعل أساسي في المجتمع فقد استخدمتها إسرائيل كهدف إستراتيجي بعد هزيمتها المدوية من حزب الله عام 2006 وللأسف فإن هناك بعض الأنظمة العربية التي تعمل على إذكاء هذه الفتنة وإشعالها بين المسلمين ظنا منها أنها تؤمن بذلك استقرار الحكم واستمراره لها لأن هذه الأنظمة انكشفت أمام هزيمة العدو الصهيوني حيث  تبين أن هزيمة إسرائيل من قبل حزب الله والمقاومة في لبنان كشفت عجز الأنظمة وعرائها كونها حدثت شعوبها على مدى عشرات السنين بأن إسرائيل لا تهزم ونعمل على التوازن معها .

حسن نصر الله: حزب الله اصبح رمزا للتهديد الأمني في ذهنية الكثيرين

وأشارت مصادر سياسية إلى أن مشكلة هذه الأنظمة أنها اعتبرت أن محور إيران الإسلامية وسوريا وحزب الله بات يشكل خطرا حقيقيا بعد العام 2006 لذلك عمدت فورا إلى إيهام المسلمين السنة أن عدوهم الحقيقي هو الجمهورية الإسلامية الإيرانية وحزب الله أي الشيعة في العالم العربي والإسلامي .

أما في سوريا :

فقد أصبح الصراع الدائر هناك يكتسي بصبغة سنية شيعية يلعب فيها حزب الله ومن ورائه إيران دورا رئيسيا لا يمكن تجاهله وهذا ما أكده تصريح السيد حسن نصر الله الأمين العام للحزب حيث قسم المنطقة إلى محورين..محور”الولي الفقيه” الذي يتزعمه الحزب ومحور”التكفيريين” الذي يضم حلفاء الولايات المتحدة وإسرائيل .

وأصبح الصراع في بعض المدن السورية صراع على الهوية الطائفية وهذا ما تشير إليه الأحداث التي تعرف إعلاميا ب”فتنة سوريا” والتي تتكرر يوميا بسبب قيام جماعات مسلحة بقتل أطفال أو أشخاص بتهمة سب الرسول أو سب الصحابة .

إلى جانب ذلك فإن عملية تعبئة العناصر المقاتلة في صفوف المعارضة السورية أصبحت تستند إلى منطق “الجهاد في سبيل الله” سواء من داخل سوريا أو من بعض دول الخليج مثل السعودية والكويت أو من دول عربية مثل ليبيا ومصر وتونس ويقابل ذلك تعبئة حزب الله المجاهدين الشيعة من أجل القتال إلى جانب نظام الأسد من داخل لبنان والعراق ومن داخل اليمن حيث تشير عدة تقارير إلى انتقال الحوثيين اليمنيين إلى سوريا عن طريق لبنان بهدف الجهاد المقدس إلى جانب حزب الله .

لقد أصبح واضحا أن الصراع السني الشيعي في المنطقة ستزداد حدته خلال الفترة المقبلة ولن يقتصر مداه على داخل سوريا بل سيشمل منطقة المشرق على نحو يعيد رسم ميزان القوى فيه كما سيمتد إلى إقليم الشرق الأوسط حيث تشبه سوريا “عش الدبابير” الذي يصعب السيطرة عليه بعد انفراطه .

ولا شك أن الغرب والصهيونية وعلى مبدأ “فرق تسد” قررا عدم إطلاق حرب على الإسلام المتشدد واعتباره عدوا مباشرا مثل الشيوعية ولكن بإطلاق الفتن داخل الدول الإسلامية لتأجيج الصراع بين السنة والشيعة ليقضي المسلمون على أنفسهم بأنفسهم وربما كان ذلك هو السبب الرئيسي وراء إحتلال الولايات المتحدة للعراق وتأجيج المشاكل بين إيران الشيعية من جهة والسعودية السنية من جهة أخرى .

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات