لغة الأشياء / من كانوا أصدقائي!

10:01 صباحًا الإثنين 27 يناير 2014
باسمة العنزي

باسمة العنزي

روائية وقاصة من الكويت، فازت بجائزة الدولة التشجيعية، لها عمود أسبوعي في جريدة (الراي) الكويتية.

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

لم تكن (ابتهاج) بفستانها المشجر بالجوري صديقة مفضلة لدي، لم أستوعب سلبيتها وصمتها وخضوعها لزوجها العنيف حتى لا تخل بمنظومة زواج فاشلة، كانت تعمل في وزارة الشؤون الاجتماعية و المفارقة أنها تستمع لمشاكل الآخرين، تحدثت مع أقاربها وأناس سمعوا عنها، ولم يكن بيدي حل لمشكلتها سوى أن تنقذ نفسها بتمرد فاقع ستشكرني عليها لاحقا.

أيضا لم أكن مقتنعة بوصول (بو عبث) لكرسي مجلس الأمة و أنا أخبر تاريخه المشين، من تدخينه المبكر ونمره والرسم على محولات الكهرباء و سور المدرسة إلى خدش سيارات زملائه في الجامعة، المشكلة لم تكن في سلوكه الفظ و كراهيته للمجتمع بل في عدم قدرته على التوقف، قلت انني لم أكن مقتنعة بنهايته رغم أنها الأكثر انسجاما مع واقعنا. لم أفاوضه عليها، قبل بها سعيدا ولم أعرف هل فاز في الانتخابات بعدها أم لا؟

وحده عيد معتوق تعاطفت مع قلقه وبراءته و هو يدخل عالم الوظيفة حاملا إخلاصه ومستندا على جهده الذاتي في شركة كبرى، تفهمت دوافع خوفه من أن يجد نفسه خارج تخوم جنته العصرية، قررت مكافأته و مفاجأته على طريقتي، لا أعلم بعد ثلاث سنوات إن ترك وظيفته التي يحبها أم حصل على ترقية جديدة!

تأثرت جدا عندما علمت أن (بو سند) الصقار القديم،المسن المشلول يشكو من شرخ في عظامه ولا يمكنه التعبير عن ذلك لابنه البار (سند)، حنان الابن المتدفق لم يمنع الوحدة من التسلل لغرفة العاجز، ولم ينجح في صد معاناة المرض عن عاشق الطيور الحرة، تركت (بو سند) لمصيره، وبعدها بفترة سمعت خبر وفاته.

(شيخة السراب) الشابة التي قررت رسم طريقها دون تدخل أقاربها، أظنني قدمت لها بعض النصائح قبل أن أجلسها في ديوانية منزلها تتفاوض مع والدها، هل أكملت دراستها الجامعية؟ هل أجبرت على الزواج؟ حقيقة لا أعرف!

ما أعرفه عن أصدقائي القدامي، أن (بتول) تطلقت بعد أن اكتشفت خديعة (ناصر) المبنية على هاجس فقدانها فأزهر التين. وأن (حصة) الجنية الخرساء وسعت نشاطها الإنساني لتغمر لمساتها السحرية مناطق أخرى. و أن (خلي البال) مازال غير مكترث بكوارث البيئة واختلال التوازن. وأن ورثة (بو فالح) باعوا منزله المهجور منذ الغزو بعد أن عثروا على رفات العائلة المفقودة. وأن البنات في (بيت الحريم) توقفن عن مشوار كل يوم جمعة. و(حمد نثاج) اعتزل الفن ومارس تمردا آخر.

مشاهد من فرحة التكريم بعد فوز الكاتبة باسمة العنزي بجائزة الدولة التشجيعية عن مجموعتها القصصية:يغلق الباب على ضجر

أصدقائي القدامى الذين رافقوني فترة طويلة تحرروا من سلطتي، خرجوا من بيتي وسيارتي ودفتي كتابي للعالم، أبطال (يغلق الباب على ضجر) بعضهم كان حاضرا حفل توزيع جوائز الدولة التشجيعية الخميس الماضي، لوحوا لي بود من على مقاعدهم، وقبل أن يتسني لي مصافحة أي منهم خرجوا مسرعين من القاعة المكتظة تاركين لي أبطالا جددا بدأت أرسم ملامحهم و خطواتهم. رحل اصدقائي القدامى دون أن أخبرهم أن الباب لم يكن مغلقا تماما، و أن وجودهم بدد الضجر وأنني ممتنة لهم!

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات