العرب والصين: علاقات دائمة وتواصل مستمر

01:05 مساءً الخميس 29 مايو 2014
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

حضرات الإخوة والأخوات

اسمحوا لي أن أرحّب بالوفد الصيني الشقيق، فهو ينزل مبجّلا ومكرّما في بلد حنبعل وعقبة ابن نافع وابن خلدون وأبو القاسم الشابي صاحب:
“إذا الشعب يوما أراد الحياة
فلا بد أن يستجيب القدر…
ولابـــــــدّ للظلم أن ينجلي
ولا بـــــد للقيد أن ينكسر”
نستقبلهم، أعضاء هذا الوفد، وفي ذهني صورة لشاعر الصين العظيم الذي خلف 1500 قصيدة، ونعني به الشاعر “دي في” (Du Fu) الذي عاش ما بين 712م و770م. والكاتب المسرحي “زهنغ غانغ زي” (Zheng Guangzu) الذي عاش ما بين 1260م و1320م، والذي هو[1] أحد أشهر الكتاب المسرحيين الصينيين في “المرحلة الثانية” من ذلك القرن الذهبي الذي كان عليه عهد سلالة “يان” بالنسبة للنّوع الأدبي “زاجي”.

كلمة ألقيت بمناسبة زيارة الوفد الأدبي الصيني لتونس، نشرت في موقع عال سلامة يوم، 28 مايو,2014 ، بقلم : التهامي الهاني

والزاجي[2] معناها الحرفي “مرح منوّع”، هو تاريخيّا أوّل نوع مسرحي صيني حقيقي، نوع بلغ ذروة اكتماله في عهد سلالة “يان” المنغولية (1276م-1368م).
وتتراءى لي أيضا عبقرية متعدّدة المواهب، أي الشاعر والمسرحي والمترجم والمؤرخ وأعني به “غو مورو” (Guo Moruo) الذي وُلد سنة 1892م وتوفّي سنة 1978 والقائمة تطول، ولا غرابة في ذلك لأنّ الحديث هو: عن الصين.
هيمنة الغرب واستبداده

قسّم صموئيل هنتنغتون الحضارات إلى ثمانية[3]: الحضارة الغربية، الحضارة الأرتودكسية، الحضارة البوذية، حضارة أميركا اللاتينية، الحضارة الافريقية، الحضارة الهندوسية، الحضارة الإسلامية، والحضارة الكونفوشوسية أو الصينية.
واعتقادي، يقينا أن هذا التقسيم يخلط بين العقائدي والإثني والسياسي، وهذا لعمري لا يستقيم، فـ”هنتنغتون” هو أحد أعمدة الفكر الاستعماري الذي يستنير به البيت الأبيض الأمريكي، مثله كـ”فوكوياما” وإلى حدّ ما “برنارد لويس” لذلك لا يعتدّ برأيه لأنّه يروّج للنظريّة الديمقراطية الغربيّة، والتفوّق الغربي في العالم… وفعلا يؤكّد[4] “أنّ تغلّب الغرب على العالم ليس من خلال تفوّقه في الأفكار أو القيم أو الديانة (التي تحوّلت إليها أعداد قليلة من حضارات أخرى) ولكن بسبب تفوّقه في تطبيق العنف المنظّم” أي أنّ هذا التفوّق ارتكز ىعلى الحروب والتي ذهب ضحيتها ملايين من البشر، وهنا تتوجّب الإشارة إلى أنّ الولايات المتحدة الأمريكية هي وحدها قد خاضت حروبا ما شهد التاريخ مثيلا لها..
إذ هي، منذ استقلالها سنة 1776م إلى سنة 2003 أي عام سقوط بغداد واحتلالها للعراق، قد نفّذت 164 تدخلا عسكريّا وقامت بـ180 عملية إنزال، وألقت قنبلتين نوويّتين على هيروشيما وناكازاكي في الأراضي اليابانية سنة 1945[5]. فالسجل الأمريكي مليء بالحروب والضحايا والدمار والخراب.. فحروبها طالت 52 دولة منها 20 دولة أكثر من مرّة، وتعرّضت 11 دولة إسلامية لـ:18 عدوانا أمريكيّا.. أمّا أكثر الدول التي تعرّضت للعدوان الأمريكي، فكانت حسب الترتيب :”باناما” 9مرّات، وهندوراس ونيكاراغوا: 7مرات كلّ واحدة منهما، والصين 6 مرّات.
أمّا “ويليام بلوم” (William Blum) في كتابه: “l’état voyou” أي “الدولة المارقة”[6] فقد تحدّث عن اعتراض الولايات المتحدة الأمريكية على 147 قضية دوليّة قُدّمت أثناء الفترة بين 1978 و1988 للأمم المتحدة[7]، وكان اعتراضها وحدها 71 مرّة، وبمعيّة أحد أعضاء الأمم المتحدة 55 مرّة، وكان العضو الذي عارض مع الولايات المتحدة الأمريكية هو: اسرائيل، وذلك في 47 مرة من 55. وعارضت الولايات المتحدة الأمريكية مع عضوين فأكثر : 21 مرّة.
إنّ الغرب اغترّ كثيرا، واعتزّ بجبروته وقوّته كثيرا حتى شاعت المظالم.. يقول هنتنغتون[8]: “مع سنة 1900 كان العالم واحدا سياسيّا واقتصاديّا أكثر من أيّ وقت مضى في التاريخ.. الحضارة كانت تعني الحضارة الغربية.. القانون الدولي كان قانونا دوليا غربيّا.. إنّ انبثاق النظام الدولي المحدّد غربيّا كان التطوّر الثاني الرئيسي في السياسة العالمية للقرون التي تلت سنة 1500م”.
وشعوب العالم لا تنسى الاستعمار الغربي ومآسيه، فقد اكتسحت دول اوروبا مساحات شاسعة من الكرة الأرضية.. فتقاسموا العالم.. وكانت نسبة مساحة الدولة الاستعمارية مقارنة بالمساحات الدولية التي تحتلّها كما يلي[9]:
بريطانيا تحتلّ مساحات تقدّر بـ: 140 مرّة مساحتها.
بلجيكا // // // بـ:80 مرة //.
هولاندا // // // بـ:58 مرة //.
البرتغال // // // بـ:24 مرة //.
فرنسا // // // بـ:22 مرة //.
ايطاليا // // // بـ: 6 مرّات //.
فهذا الوضع الظالم والمستبد، كان العرب والمسلمون أكثر الشعوب ضحيّة له.. فالغرب احتلّ الأوطان وخرّب البلاد وقتل العباد، وخلّف الضيم في النفوس والكمد في القلوب.. فبدأت الأصوات العربية تنادي بالاتجاه إلى الشرق وربط العلاقات مع شرق آسيا، وخصوصا الصين واليابان وما يُعرفون بنمور آسيا.
وهذا الموقف طبيعيّ ومنطقيّ.. وفي هذا الاتجاه نظّمت مجلة “العربي” الكويتيّة سنة 2011 ندوة فكرية حضرها عدد من الأكادميين والمفكرين العرب من مصر ولبنان والسودان والكويت، وحضرتها “فريدة وانغ فو” من الصين وكانت رئيسة تحرير مجلة “الصين اليوم”، وسمير أرشدي من إيران.. وكتب رئيس التحرير الدكتور سليمان ابراهيم العسكري في المقدّمة: “ونحن في الحقيقة نتمنّى أن تسهم هذه الندوة في إلقاء الضوء على التجارب الآسيوية المهمّة في الاقتصاد والثقافة وغيرها من أجل التعرّف على طبيعة الأسباب التي حققت بها دول آسيا المتقدّمة الآن تجاربها التنموية التي استطاعت بها أن تحقق شوطا بعيدا في نهضتها ورفاهيّة مواطنيها وتحسين ظروف المجتمعات الآسيوية تعليميا واجتماعيا وثقافيا، والاستمرار في النهوض الاقتصادي”.
وما يلحظ المتابع للشأن السياسي والمهتمّ بالمواقف الصينية من مختلف القضايا هو: السياسة السلمية التي تسلكها الصين رغم قوّتها الاقتصادية وعظمتها العسكرية.

سور الصين العظيم

أثناء الفترة الممتدّة بين الثاني والعشرين من مارس وغرّة أفريل سنة 2014، حضر الرئيس الصيني: “شي جين بينغ” القمّة الثالثة للأمن النووي.. وفي الأثناء، زار كلاّ من هولاندا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا ومقرّ منظّمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، ومقر الإتحاد الأوروبي.. واللافت للنظر في هذه الزيارة للاتحاد الأوروبي هو تصريح الرئيس الصيني يوم 27 مارس 2014 في حفل الذكرى الخمسين لإقامة العلاقات بين فرنسا والصين والذي يرى فيه[10]: “أن الحلم الصيني حلمٌ يسعى للسلام، يحتاج الحلم الصيني إلى السلام، لا يمكن تحقيق الحلم إلاّ في ظلّ السلام، يعتبر السلام والانسجام طموحا للأمة الصينية ممتدّا لآلاف السنين.. يحرص شعب الصين على السلام ويرغب في أن يشارك دول العالم في تحقيق وحماية والتمتع بالسلام”.

حرص الرئيس الصيني على الإعلان عن هذه السياسة في أوروبا، لأنها تطمئن المتابعين الدوليّين للسياسة الصينية وتؤكّد على السلم بدءا ونهاية… فهذا التأكيد على السلم كمنهج اتبعته الصّين شديد الأهمّية في الزمان والمكان خصوصا أن الأوضاع في أكرانيا أي أوروبا غير طبيعية – فالصين والإتحاد الأوروبي يمثلان: قوّتين عالميتين، وسوقين كبيرتين وحضارتين تمسحان عشر الكرة الأرضية، وتعدان ربع سكّان العالم ولهما ثلث اجمالي الاقتصاد العالمي. ونهاية نقول أن الصين تنتهج سياسة سلميّة وليس في سجلّها عداوات ولا استعمار للشعوب والدول.
ولكن السؤال الذي يُطرح: إنّ الصين التي تمتلك ثاني أقوى إقتصاد عالمي، وسوف تكون أعظم قوّة في العالم مع منتصف العشرية الثالثة من القرن 21، ماهي علاقة العرب والمسلمين بها ماضيا وراهنا ومستقبلا؟

لافتة حكومية كُتب عليها: “في سبيل قيام أمة قوية مزدهرة، وأسرة سعيدة، رجاءً إلجأ للتخطيط الأسري”

العرب والصين: علاقة في التاريخ
يرى العالم الصيني الكبير “جي شيان لين”[11] أنّ العالم شهد عديد الحضارات، لكنّ الحضارات التي لعبت أدوارا رئيسية في التاريخ، وحرّكت العالم هي أربع: الحضارة الصينية، والحضارة الهندية، والحضارة العربية الإسلامية، والحضارة الغربية.
وذكر المؤرّخ الصيني “فان وان لان” في كتابه: “تاريخ الصين العام” [12] أنّه “لم يكن للحضارة الصينيّة نظير في العالم” وقد قدّرها محمد صلى الله عليه وسلّم حين قال : “اطلبوا العلم ولو في الصين”.
ويعود تاريخ التواصل بين العرب والصين إلى عهود غابرة ذكرتها الآثار التي عُثر عليها في السودان وتحديدا في بلاد “النوبة”، وبرهنت الاكتشافات والبحوث على وجود “أدوات أثرية صينية في مدينة “عيذاب (Aihdab)[13] وهناك مصادر عربية وصينية تؤكّد على وجود روابط بين الموانئ السودانية والموانئ الصينية منذ القرن الأول للميلاد أما طريق الحرير البري المشهور[14]، فإنّنا نذكّر به فهو الذي ينطلق من منطقة الشمال الغربي للصين، وقبل قرنين من الزمان قبل الميلاد ذهب “تشانغ تشيان” مبعوثا إلى المناطق الغربية في الصين، فقيل أنه خطا أوّل ربط في العلاقات الصينية العربية. وحدثت تغييرات جغرافية وتحوّلات جيولوجية في تلك المناطق على امتداد ألفي سنة، فقد ظلّ الطريق مسلكا وممرّا دوليا إلى العصور الحديقة.
وبعد الإسلام، وفي زمن خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وتحديدا في شهر أوت سنة 651م، أرسل الخليفة الثالث مبعوثين لمقابلة امبراطور “أسرة تانغ” الصينية، وحينها كان الامبراطور “قاوتسونغ” في “تشانغآن” أي (سيآن حاليا). ومنذ ذلك الوقت بدأ التواصل الودي بين الصين والعرب. وزار بلاد الصين الرحالة العربي “ابن بطوطة”[15]، وجاب أرجاء البلاد حينها، في سنة 1346م. زار عديد المدن الساحلية مثل: “تشيوانتشو” (مدينة الزيتون) و”قوانغتشو” (كانتون) و”هانغتشو”.
ولأهمية الزيارة، ولأهمية بلاد الصين لدى العرب رغم بعدها، وجهل النّاس لها، أمر ملك المغرب ابن بطوطة بتسجيل رحلته. وفعلا بقيت مرجعا هامّا لكلّ باحث عن تاريخ العلاقات الصينية العربية زمن أسرتيْ “سونغ” و”يوان” الصينيّتين.
وفي القرن الرابع عشر، قام بحار صيني مسلم، وهو “تشنغ خه”[16] بسبع رحلات بحرية عابرا المحيط الهندي إلى أن بلغ بعض الدول العربية والافريقية.
وفي العصر الحديث، وإثر بروز الحرب الباردة سنة 1947 أي مباشرة إثر انتهاء الحرب العالمية الثانية، انتشرت سياسة التحالف، وبدأ التنافس على النفوذ العالمي واصطف المعسكر الغربي خلف الولايات المتحدة الامريكية وتم الاتفاق على معاهدة 4 أفريل 1949 فكانت الشكل المبدئي لحلف شمال الأطلنطي، ويقابله الإتحاد السفياتي الذي أبرم معاهدات ثنائية أفضت إلى تشكيل حلف “وارسو” سنة 1955، حينها برزت ثلاثة من الشخصيات العالمية: أوّلا الزعيم اليوغسلافي “الماريشال تيتو”، والهندي “نهرو” والرئيس المصري “جمال عبد الناصر”.. وانعقد المؤتمر الأول لحركة عدم الانحياز في مدينة “باندونغ” بأندونيسا في 18 أفريل 1955[17]، وحضر ممثّلو 29 دولة أي 23 دولة آسيوية و6 دول افريقية. في هذا المؤتمر التقى الزعيم الصيني “شوان لاي” بالرئيس المصري “جمال عبد الناصر”، وكانت جمهورية الصين فتية قد أُنشئت سنة 1949 ولها مشكل وحدة الدولة/الأمة، وكان للعرب قضية فلسطين.. فتوطّدت العلاقات بين الزعيمين. وفي سنة 1956 اعترفت مصر بدولة الصين الشعبية، وتبعها العراق سنة 1958. وبقيت العلاقات العربية الصينية دون المأمول لأنّ الضغوطات الغربية على الصين لم تساعد الصين على القيام بدورها الدولي على الوجه الأكمل.. وكان العرب والمسلمون واعين بذلك، حتى كانت الدورة السادسة والعشرين للجمعية العامة للأمم المتحدة التي عُقدت سنة 1971، حينها تمّ تقديم مشروع لإعادة الصين للمنتظم الأممي، وقد أمضت عليه 18 دولة منها عشر دول اسلامية، وعند التصويت على المشروع، صوّتت لفائدته 22 دولة اسلامية أي ثلث عدد الدول التي أيدته…
وحينها بدأ الحديث في الأوساط الغربية عن (التهديد الصيني) و(التهديد الاسلامي) وهي إشاعات روّج لها غلاة الاستعمار والمصابون بالشوفينية في الغرب.
العرب والصين: تواصل مستمرّ

للنظر في مسألة التواصل بين الصين والعرب يتوجّب الوقوف عند بعض النقاط:
1- الاتصال المباشر:
يعتبر العرب بلاد الصين بعيدة ومجهولة بالنسبة لهم.. فرغم العلاقات المتوترة على امتداد التاريخ بين العرب والغرب، فإنّ الاتصالات مستمرّة، والتواصل دائم، أمّا الصين البعيدة فإن العامّة يرغبون في التواصل معها لكن الجغرافيا تحول بينها وبينهم.
إلاّ أنّ الربع الأخير من القرن العشرين شهد تنشيطا للعلاقات الصينية العربية.. ففي سنة 1986 عقد مؤتمر أول للحوار العربي- الصيني بمدينة عمّان تحت عنوان “العرب والصين: من التأييد عن بعد إلى التعاون عن قرب – حوار المستقبل”، وعُقد المؤتمر الثاني في بيكين سنة 2002 تحت عنوان: “آفاق العلاقات العربية الصينية في القرن الحادي والعشرين”. أمّا المؤتمر الثالث فكان في عمّان سنة 2004 بعنوان “العرب والصين: آفاق جديدة في الاقتصاد والسياسة”. وكان المؤتمر الرابع في بيكين قد التأم في يومي 23 و24 سبتمبر 2010 بدعوة من المعهد الصيني للدراسات الدّولية.. وكان أهمّ مؤتمر للحوار العربي الصيني حضره خبراء وأكاديميون صينيون وعرب… وكان الشريك الأكاديمي في هذه الملتقيات للحوار العربي الصيني هو “منتدى الفكر العربي” والذي يشرف عليه الأمير الحسن بن طلال الأردني.
2- الوسائط السمعية البصرية:
نتيجة لثورة الأمفوميديا، والرجّة المذهلة التي أحدثتها الوسائط السمعية البصرية، باتت الكرة الأرضية رقعة ضيّقة تجوبها الفضائيات التلفزية والإذاعات الرقمية والمواقع الافتراضية.. وبات القوي إعلاميا وتكنولوجيا يمحو حدود الدول، ويهدّم الأسوار، ويهدّد هويّات الآخرين.
والبلاد العربيّة مثل غيرها من مناطق العالم صارت مرتعا للفضائيات والإذاعات والمواقع الافتراضية.
في الندوة التي احتضنتها تونس في 2010، كشف صلاح الدين معاوي المدير العام لاتحاد إذاعات الدول العربية [18] أنّ 515 قناة تبث خطابها باللغة العربية بنسبة 74% تقريبا، وهناك 142 قناة تتحدث باللغة الأنقليزية و14 قناة تبثّ برامجها باللغتين الفرنسية والهندية، وأيضا 4 قنوات تبث باللغة الأمازيغية، وتبث 3 قنوات برامجها باللغة الاسبانية وقناتان تبثّان برامجها باللغة العبرية وهناك الفارسية في قناتين والأوردو في قناة واحدة والماليزية في قناة واحدة….

وبالإضافة إلى هذه القنوات نجد الدول الأوروبية بدأ العديد منها في إنشاء قنوات تبثّ برامجها باللغة العربية مثل “فرانس 24 – روسيا اليوم – وقنوات ألمانية وهولاندية وبريطانية…” وهناك عدد من القنوات الأمريكية مثل “الحرة” و”سوا” و”الحرة العراق” الخ…
في هذا الخضم نجد جمهورية الصين الشعبية[19] تمتلك 251 محطّة إذاعية، و272 قناة تلفزية و2087 محطة إذاعية تلفزيونية وهذا يمثل أكبر شبكة للاذاعات والتلفزيون في العالم. وكانت نسبة تغطية الارسال الاذاعي 96.31 % أما الارسال التلفزيوني فيغطي 97.23% من مساحة الصين الشاسعة.
أما محطة التلفزيون المركزية الصينية – العربية الدولية والتي تعرف بالحروف اللاتينية التالية:CCTV فقد بدأ بثها في 25 جويلية 2009، من أجل[20] “الحفاظ على روابط أقوى مع الدول العربية، ولكي تكون القناة الجديدة بمنزلة جسر مهمّ لتعزيز التواصل والتفاهم بين الصين والدول العربية. وتبث القناة باللغة العربية مع برامج من أربع فئات من الأخبار وتقارير اخبارية والترفيه والتعليم، ويُعاد بث البرنامج ستّ مرات في اليوم الواحد.. في حين تبث التقارير الاخبارية بانتظام على مدار الساعة”.
3- مجلة “الصين اليوم”[21]:
هذه المجلة الرائدة في التواصل العربي الصيني، أردت التوقف عندها للدور العظيم الذي تقوم به، ولتاريخها المجيد في النضال من أجل وطنها الصين وخدمة لقرائها المشتاقين لمعرفة أحوال الصين.
هذه المجلة تأسّست في جانفي 1952 أي بعد ثلاث سنوات من إعلان جمهورية الصين الشعبية، وباسم “بناء الصين” وكانت الصوت الاعلامي الذي حطّم جدار الحصار المضروب على الصين
في ذلك الوقت، وكان الفضل في ظهورها يرجع إلى السيدة “سونغ تشينغ” عقيلة الزعيم الراحل “صن يات صن”. كانت السيدة “سونغ” هي الرئيسة الفخرية لجمهورية الصين الشعبية، وكان زوجها رائدا عظيما للثورة الديمقراطية في الصين.
ومنذ سنة 1964 صارت تحرّر في نسخة منها بالعربية. وفي سنة 1990 تغيّر اسم المجلة وصار “الصين اليوم” وهي تصدر شهريّا وتوزّع في 150 دولة وتحرّر بلغات العربية والانقليزية والاسبانية والفرنسية والصينية والتركية والتبتية.. وتنشر على الانترنيت باللغة العربية والصينية والانقليزية والفرنسية والاسبانية والألمانية. وتم توطين هذه المجلّة بإدماج عرب في هيئة التحرير.
حضرات الإخوة والأخوات:
أعتذر لكم إن قصّرت في الإحاطة بهذا الموضوع لأنّ المراجع قليلة والمصادر منعدمة ونرجو مستقبلا أن نتلافى جميعا “عرب وصينيون” الثغرات الموجودة في مسيرة تواصلنا، لتوطيد علاقتنا، فالعرب والصينيون يمثلون قوة ديمغرافية وجغرافية وعلمية واقتصادية تفيد العالم كثيرا وتفيد أوطاننا وشعوبنا..
وبالمناسبة وأنا أختم هذه المداخلة، أقدّم المقترحات التالية:
– انشاء قناة فضائية عربية تبث برامجها باللغة الصينية.
– مزيد بث البرامج العربية في فضائية أو فضائيات صينية ناطقة باللغة العربية.
– ترجمة كتاب “الأدب الصيني” الذي رأيناه باللغة الفرنسية (Littérature chinoise).
– تكثيف تبادل الزيارات.
– تمتين الروابط والعلاقات بين مكونات المجتمع المدني في الصين والدول العربية.
– تعزيز المواقف السياسية في المحافل الدولية لنصرة قضايا العرب والصين.
وأخيرا، أهلا وسهلا بكم أيها الأصدقاء الصينيون في ربوع تونس الخضراء، وربوع تونس الثورة…
والسلام
—————

المراجع
[1]- أندري ليفي: معجم الأدب الصيني – ترجمة: د.محمد حمود. نشر مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع- بيروت. ط1 – 2008- ص:143.
[2]- المرجع السابق ص121.
[3]- ص.هنتنغتون: صدلم الحضارات وإعادة بناء النظام العالمي – ترجمة: د. مالك عبيد أبو شهيوة ود.محمود محمد خلف – الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع ليبيا – 1999- ص:31.
[4]- المرجع السابق- ص:120.
[5]- منير العكش: المعنى الاسرائيلي لأمريكا – مجلة المستقبل العربي رقم 281 – عدد7 بتاريخ 2002- ص91
[6]- William Blum :l’état voyou – cérès éditions-tunis-2002-P :234
[7]- المرجع السابق ص:234 وما بعدها.
[8]- ص.هنتنغتون: صدام الحضارات – ص:120.
[9]- د.عبد الحكيم الرفاعي: الاقتصاد السياسي – ج1/ط1:1936 – ص:399 – كذلك: محمد العالم الراجحي: حول نظرية حق الاعتراض في مجلس الأمن الدولي- الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان. ليبيا-ط1 – 1989- ص:29.
[10]- وو جيان مين: الرئيس الصيني ودعوة للسلام. مجلة “الصين اليوم” – ماي2014 – ص:51.
[11]- جمعية الترجمة العربيّة وحوار الثقافات: الحوار الحضاري الصيني العربي – منتديات عتيدة. موقع افتراضي بتاريخ 16 ماي 2014..
[12]- “فان وان لان”: تاريخ الصين العام – ص:374.
[13]- جعفر كرّار أحمد: العلاقات السودانية الصينية منذ العصر المروي وحتى أوائل القرن العشرين، كتاب العربي، 85 – يوليو 2011.ص:84
[14]- فريدة وانغ فو: الاصدارات الآسيوية الثقافية باللغة العربية. كتاب العربي. ص:190.
[15]- المصدر السابق. ص:191.
[16]- المرجع السابق. ص:191.
[17]- د.محمد نعمان جلال: حركة عدم الانحياز في عالم متغير – الهيئة المصرية للكتاب- مصر – 1987 – ط1 –ص:25 .
ونشير إلى أن عدد دول عدم الانحياز قد تطوّر كثيرا وصار يمثل كل القارات.
[18]- أشرف أبو اليزيد: مشاهد عربي أمام قنوات التلفزيون الأسيوية الموجهة – كتاب العربي 85 – ص:2019.
[19]- المرجع السابق – ص:2013.
[20]- المرجع السابق – ص:213.
[21]- فريدة وانغ فو: الاصدارات الآسيوية الثقافية باللغة العربية (مجلة الصين اليوم نموذجا) كتاب العربي . مرجع سابق – ص:186.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات