موقف الإعلام التونسي الغامض إزاء مصر: صدفة أم تحالف مع الإرهاب؟

08:56 صباحًا الأربعاء 11 فبراير 2015
خالد سليمان

خالد سليمان

كاتب وناقد، ،مراسل صحفي، (آجا)، تونس

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

لا يمكن لأحد أن يدعي أنه لم يحدث إنفلات في الإعلام بعد إندلاع ما يطلق عليه “الربيع العربي ” خاصة في البلدان التي شهدت ذلك الحدث الذي سنترك الحكم عليه و تقييمه للتاريخ .. و بعد إنتهاء      ” شهر العسل الإعلامي ” بين البلدان التي عرفت ذلك الربيع المزعوم بعد أن راحت السكرة و جاءت الفكرة .. و خفتت آهات النشوة .. و على وجه التحديد بين مصر و تونس حيث كان الغزل الإعلامي قد بلغ ذروته ؛ بدأ ظهور الجبهات الإعلامية و توجهاتها و أصبح ذلك الظهور جليا مع سقوط حكم ” الإخوان ” في مصر .. فيما كانت الترويكا بزعامة حركة النهضة في تونس مازلت في سدة الحكم .. و آنئذ بدأ التراشق الإعلامي بين الإعلام المؤيد لثورة ” 30  يونيو ” في مصر” و كان من ضمن الإعلام المؤيد لها إعلام تونسي أيضا ” .. و الإعلام الرافض لها و الذي أصر على مصادرة إرادة الشعب المصري و وصفها ” بالإنقلاب ” في إختزال مغرض و مخل لثورة شارك فيها ما يربو على 35  مليون مصري على كامل ترابها .. ؛ لم ينشغل المصريون كثيرا برأي النظام التونسي آنذاك في ثورتهم .. لكن القصف الإعلامي بين الإعلام المصري و الإعلام التونسي المؤيد لثورة المصريين على الإخوان من جانب و الإعلام التونسي الموالي للترويكا من جانب آخر إستمر و كان القصف الإعلامي تتصاعد حدته كلما زاد إرتجاف الترويكا الحاكمة من مصيرها المحتوم .. و إن بقي الإعلام المصري يعمل في معظم الأحيان برد الفعل فقد كان منشغلا بالداخل و التحديات التي تواجه مصر من الخارج خاصة في محيطها الذي يعج بالمؤامرات ..

و قد تحسنت الأحوال قليلا خلال تولي ” حكومة الكفاءات الوطنية ” و إن ظل الحال على ما هو عليه في وسائل الإعلام الموالية للترويكا السابقة بما فيها ما يطلق عليه الإعلام البديل و خاصة ” حزب حركة النهضة ” و من لف لفها ؛ و ” حزب المؤتمر ” و مشتقاته ..

إزداد ذلك التحسن بصورة تبشر بعهد إعلامي جديد بعد فوز السيد " الباجي قائد السبسي " في الإنتخابات الرئاسية .. لكن  كان لفترة محدودة جدا

إزداد ذلك التحسن بصورة تبشر بعهد إعلامي جديد بعد فوز السيد ” الباجي قائد السبسي ” في الإنتخابات الرئاسية .. لكن كان لفترة محدودة جدا

ثم جاءت مرحلة جديدة هي مرحلة الإستعدادات للإنتخابات التشريعية و الرئاسية في تونس .. و كان الإعلام أكثر إنشغالا بشئونه الداخلية و لم يكن التعرض للشأن المصري إلا على سبيل المزايدة من بعض الأحزاب بهدف كسب بعض الأصوات الإنتخابية لكنهم لم يدركوا أنهم يراهنون على شريحة تصويتية واحدة .. و لم يحصل بعض تلك الأحزاب إلا على صفر كبير يضاف إلى هزائمه المروعة إبان الإنتخابات التشريعية ثم الرئاسية كان بمثابة الحكم على هؤلاء بالإعدام السياسي .. و لم يعد لهؤلاء في أحسن تقدير من ثقل في عالم السياسة إلا ملء المقاعد الشاغرة في الإحتفالات الرسمية ..

و مع فوز ” حزب حركة نداء تونس ” بالأغلبية النسبية في الإنتخابات التشريعية بدا أيضا تحسن نسبي في الأداء الإعلامي من الجانب التونسي إزاء الشأن المصري .. فيما كان الجانب المصري منشغلا بالإنتخابات التونسية و نتائجها ؛ و قد إزداد ذلك التحسن بصورة تبشر بعهد إعلامي جديد بعد فوز السيد / ” الباجي قائد السبسي ” في الإنتخابات الرئاسية .. لكن إتضح أن ذلك كان لفترة محدودة جدا ..

 

الإعلامي كمال بن يونس كان من بين المدافعين عن النظام السابق كما كان من المناشدين له للتقدم إلى الانتخابات بصفة غير دستورية قبل أن ينقلب عليه بعد الاطاحة به، هذا فضلا عن مشاركته في الانقلاب على المكتب الشرعي للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين سنة 2009 تقدم بطلب يطلب فيه من حكومة السيد / مهدي جمعة .. السابقة أن لا تسمح للمصرين الهاربين من أتون الحرب الليبية بدخول تونس

الإعلامي كمال بن يونس كان من بين المدافعين عن النظام السابق كما كان من المناشدين له للتقدم إلى الانتخابات بصفة غير دستورية قبل أن ينقلب عليه بعد الاطاحة به، هذا فضلا عن مشاركته في الانقلاب على المكتب الشرعي للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين سنة 2009 تقدم بطلب يطلب فيه من حكومة السيد / مهدي جمعة .. السابقة أن لا تسمح للمصرين الهاربين من أتون الحرب الليبية بدخول تونس ، والصورة له مكرما من عماد الدايمي مستشار الرئيس السابق

ماذا تعني إذاعة بيانات الجماعات الإرهابية في الفضائيات :

فيما كان الإعلام المصري منشغلا بالشأن الداخلي و التهديدات الخارجية المحيطة بمصر.. ولا يتجاوز تعرضه للشأن التونسي إلا في إطار خبري غالبا .. عادت وسائل إعلام تونسية بعينها لسياسات تصعيدية غير مبررة .. و إذا تجاوزنا عن سلوكيات إعلامية قد تحمل قدرا من غيرة المنافسات الفنية .. سبقها هجوم للصحفي التونسي ” كمال بن يونس ” يطلب فيه من حكومة السيد / مهدي جمعة .. السابقة أن لا تسمح للمصرين الهاربين من أتون الحرب الليبية بدخول تونس .. لكن حكومة السيد مهدي جمعة .. مشكورة لم تستمع إلى طلبه الذي شاركه فيه متطرفان ليبيان أحدهما يدعى ” محمد بعيو ” بل وقامت بترحيل المتطرفين بعد أيام قليلة .. ؛ لكن المتابع للشأن الإعلامي لا يمكن أن يغفل محاولة الصيد في الماء العكر خلال ” أيام قرطاج السنيمائية ” و تحويل الفنان ” خالد أبو النجا ” لبطل مغوار على حساب صورة الإدارة المصرية و قيادتها السياسية التي لا يقتنع بعض الأشقاء بكونها منتخبة بإرادة شعبية و إن لم يعجبهم الأمر .. لكن محاولة تحويل ” نمر من ورق ” إلى ” وحش حقيقي ” لم تنجح و كان من أسباب فشلها ” لوجه الحقيقية ” إعلاميين تونسيين كانا حاضران لنفس البرنامج ؛ و تكررت المحاولة في المؤتمر الصحفي للنجمة ” ليلى علوي ” التي إعتذرت في البداية عن الحديث في السياسة و إقتصار حديثها على السينما رغم محاولات الإستدراج .. حتى طلب منها كاتب السطور مواجهة الحضور بحقيقة حقبة حكم الإخوان ” السوداء ” كما وصفناها .. و قد فعلت بشجاعة و إقتدار ..

و لم نذكر تجاوز الصحفي و الإعلامي التونسي ” سفيان بن فرحات ” في حق مصر و شعبها ضمن تلك الوقائع على إعتبار أنها ” زلت لسان” رددنا عليها في حينه و إنتهى الأمر ..

كل ما ذكرناه آنفا كان ينبئ بتغيرات مضطردة و حثيثة في التوجهات الإعلامية التونسية إزاء مصر جلها لا يبشر بخير و لا يليق بعلاقة أشقاء أو أصدقاء و كان تجلي ذلك واضحا في فضائية ” الزيتونة ” التي قامت ببث حلقة من برنامج حول ” ذكرى الثورة المصرية في 25 يناير ” حسبما قالت المذيعة / رحاب السهيلي .. التي قدمت البرنامج .. و إذا بالرنامج يحرض على ما وصفه ” بنظام الإنقلاب و حكم العسكر ” و يتحدث عن ” بدء مقاومة شعبية مسلحة ” ؛ ثم يقوم البرنامج ببث بيانات لجماعات إرهابية ” مقنعة ” تابعة لجماعة ” الإخوان المجرمين الإرهابية ” مثل ” ضنك ” و ” أجناد مصر ” إلخ .. في منظومة قصف إعلامي تتشابه تماما مع منظومة مماثلة مورست من جهات أخرى تمهيدا للإرهاب الذي يمزق سوريا حاليا ..

كان ذلك يوم 27 يناير” جانفي ” و إعادة البرنامج يوم 28 يناير ” جانفي ” ؛ ثم فوجئ العالم صباح اليوم التالي 29 يناير ” جانفي ” بالعمليات الإنتحارية الإرهابية في ” العريش ” بشمال سيناء التي أسفرت عن 35 شهيدا بخلاف الجرحى و بعضهم كان في حالة خطرة .. بطبيعة الحال يمكن أن يكون ما قامت به ” قناة الزيتونة ” و هي على حد علمنا لا تملك ترخيصا قانونيا حتى كتابة تلك السطور من قبيل المصادفة ؛ لكن إحتمال المصادفة لابد و أن ينخفض سقفه عندما نعلم أن مدير تلك القناة هو السيد / أسامة بن سالم .. نجل الوزير السابق و القيادي بحركة النهضة / المنصف بن سالم الذي يتردد أنه مالك القناة أو أحد الشركاء فيها.. و علاقة حركة النهضة و قياداتها بجماعة الإخوان وتنظيمها الدولي معروفة لدى الجميع ؛ كما أن علاقة بعض قيادات تلك الحركة بما يحدث في سوريا يعرفها القاصي و الداني .. كما أن هجوم السيد / نور الدين الخادمي على الإدارة المصرية منذ كان وزيرا للشئون الدينية و في خطب الجمعة التي يلقيها في جامع الفتح بوسط العاصمة تتردد أصدائها إلى اليوم ..

و في ملتي و إعتقادي أن التدخل في شئون البلدان و تبييض الإرهاب فيها و التحريض عليه ليس من حرية الرأي أو الإعلام ؛ و هو ما يجعلنا نتساءل عن سبب صمت الهيئة الدستورية المشرفة على الإعلام السمعي و البصري ” الهايكا ” إزاء تلك الممارسات الإعلامية التي تمس المهنية في السويداء .. بغض النظر عن التصريح المتحدي للجميع المنسوب لمدير الفضائية / أسامة بن سالم .. الذي قال أن قناته تبث من الأردن ؟! .. ؛ و إذا أضفنا إلى هذه الواقعة المتعلقة بالسياسة الإعلامية لهذه الفضائية تجاه مصر و هي غيض من فيض .. ممارسات أخرى يراها الكثيرون تبييضا للإرهاب .. و ربما إستدعى الأمر مراجعات أمنية أيضا  ..

 ميدي شو .. ثالثة الأثافي :

إذا أردت تجسيد الإنحطاط الإعلامي مع مزيج من الأكاذيب و القيء الإخواني مختلطا  بالجهل و إنعدام المهنية فلن تجد نموذجا أفضل من “قعدة القهاوي” التي قدمها ذلك البرنامج الذي يدعى ” ميدي شو ” يوم الأثنين 9 فبراير ” فيفري ” 2015 .. و على وجه التحديد بدءا من الدقيقة ال17,24  وصلة من ” حكاوي القهاوي ” بدأتها المذيعة بالكذب و التلفيق عندما تحدثت عن مصرع “40” شخص على الأقل مع سقوط عشرات الجرحى ؟!! من مشجعي فريق الزمالك ” بالرصاص الحي .. على أيدي أعوان الأمن و العسكر ” .. و على الرغم من أن أحدا لم يقتل بالرصاص الحي .. و بغض النظر عن أن لفظ مثل ” أعوان الأمن ” لفظ لا يستخدم في مصر مطلقا و لايعطي دلالة واضحة عما تعنيه .. فضلا عن أن لفظ ” العسكر ” الذي لابد و أنها تقصد به ” جنود الجيش ” الذي لا علاقة له من بعيد أو قريب بالحدث .. لفظ ذو دلالة حقيرة و مهينة في مصر .. إلا أن إستخدام مثل هذه الألفاظ غير غريب على من يستقي معلوماته و التقارير التي يبثها من بالوعات الصرف الإعلامي الممثلة في قناة صهيونية تملكها إحدى الدويلات و قنوات الجماعات الإرهابية .. و لابأس من ترويج أكاذيبهم إما لإنعدام المهنية أو لأغراض لا يعلمها إلا الله ؛ ثم يأتي دور الكذاب الآشر الذي عقب بعدها فيدعي أن الرئيس ” عبد الفتاح السيسي ” قال للشعب المصري نصا ” يا هنحكمكم .. يا هنقتلكم ” مدعيا أنه قال ذلك ” بكل صراحة .. مفماش أكثر من هكا ” و بطبيعة الحال نحن لا نوجه سبابا لهذا الشخص حين نصفه بالكذاب الآشر إنما نقرر واقعا معيشا و ملموسا و من أين سيعرف من يجهلون المهنة أن هذه جملة قالها الرئيس ” السيسي ” نقلا عن لسان ” الإرهابي خيرت الشاطر ” أحد قيادات الجماعة الإرهابية عندما هدده بها و كان آنذاك قائدا عاما للقوات المسلحة .. و على السيد المتحدث أن يملك شجاعة الإعتراف بجهله المهني المطبق .. أو أن يقرر أن ينفي عن نفسه الجهل المهني و يقر بأنه إجتزء العبارة من سياقها ليخدع بها ضحاياه من المستمعين ؛ لكن لأنه رضي بجهله المهني و رضي جهله عنه في أحسن تقدير يستطرد قائلا ” ليدعي أن الأمن و الأمن المركزي و الشرطة العسكرية .. ليس لديهم تدرج في إستعمال القوة و .. لكنهم  .. طول كرتوش “. بداية أتحدى ذلك المدعي أن يفرق بين القوات التي سردها على طريقة الببغاوات مرددا أي شيء ليثبت أنه يعرف و مع ذلك ففي سياق ما قال إحتمال محاولته إقحام الجيش المصري بأي صورة في ترهاته و الهراء الذي يردده .. و هنا عليه أن يعلم أن المصريين لديهم خطوط حمراء على رأسها مؤسسات الدولة و عمودها الفقري الجيش و القضاء و على من يقترب منها أن يتحمل ردا قاسيا يمكن أن يطال أقدس ما لديه .. فلماذا الإصرار على الحماقة أو إفتعالها ؟! .. و ماهي مشكلة هؤلاء تحديدا مع الجيش المصري ؟ ..

ttvثم تساءل بطريقة هؤلاء عما أسموه تسريبات “مكتب السيسي ” .. و هل ردت مصر أم مازلت لم ترد ؟ .. و بغض النظر عن أهمية السؤال و هل يعني أحدا أم لا ؟ .. إلا أنهم قرروا أنها لم ترد ” يعنون ” مصر .. ثم عادت تلك التي تحدثت في البداية لتقول أن القنوات كلها قالت أنه “مفبرك” بطريقة موحية بعكس ذلك .. ” إذ يبدو أنهم عز عليهم أن يشاركهم أحد في الكذب و الهرطقة و إنعدام المهنية ” بإفتراض أن ما لمحت إليه صحيح ؛ ثم تساءل أحدهم ” ترى هل تبدلت عقلية السيسي ” منذ كان وزيرا للدفاع .. و بغض النظر عن سوقية أسلوب الخطاب      ووقاحته و أن ” السيسي ” لم يكن صديقه يوما ما .. إلا أن السؤال بدا عجيبا نوعا ما إذ أن ذلك السؤال لا يعني أحدا على وجه الأرض سوى المصريين .. ؛ وتستطرد تلك المذيعة قائلة بأسلوب أقرب إلى أحط أنواع السوقية و “الردح” ” ” باش يقول أنا قديش عندي من جيعان و متنيلين بستين نيلة ” .. ثم تنسب إلى ” الرئيس السيسي ” أنه “يقول للي معاه في المؤسسة العسكرية المصرية ” .. ” أنا عندي برشا ناس متنيلين و جيعانين الشعب و هوما عندهم برشا فلوس و راقدين عليها وفلوسهم زي الرز ” .. فيستطرد زميلها الذي يفترض أنه محترم ” متلتلة ” .. فترد التي يفترض أنها ” مذيعة ” ” متلتلة و زي الرز و هوما أنصاف دول .. دول الخليج و حقنا قبل كيما عملت سوريا خدينا المقابل متاع ال..” .. فيرد أحد جنرلات المقهي الإعلامي ” حتى السعوديين ردوا .. ماذا فعل بأموالنا .. أما يظهر رد غير رسمي ” فيرد آخر ” آه حملة ” .. و تضيف شبيهتهم ” آه ماهو إستدعى البارح الملك سلمان السفير المصري ” ؛ و بغض النظر عن أن السفير المصري لم يقابل ” خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ” أو يستدعى كما إدعت كذبا أو جهلا مطبقا ..  و أنه إلتقى ” بولي العهد الأول السعودي ” فهل تدرك هي معنى ذلك أو ما الذي دار على الرغم من أن اللقاء تصدر كل نشرات الأخبار ..

كمّ مرعب من البذاءات و التدني و إنعدام المهنية و إنحطاط أسلوب الخطاب الذي يسهل لأي شتام بذيء الرد عليه ؛ و لو أردنا أو أراد الإعلام المصري و الدولة المصرية الرد على تلك التجاوزات و الإهانات  لجاء الرد نكالا و مثلة بمن يهاجمون خفية لأنهم يعلمون جيدا أن لا يسمعهم أو يراهم أحد إلا في نطاق محدود متسترين بتلك المحدودية زاعمين أمام من لا يعلم أنهم وحوش كاسرة و هم في حقيقة الأمر مجرد عهن منفوش .. مؤقتا لن نقول لهم نيابة عن مصر و شعبها إلا ” سلاما ” عملا بقوله تعالى ”    وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ  قَالُوا سَلَامًا   الفرقان(63)  –

بعد كل من ذكرناه آنفا يبدو الموقف الإعلامي في تونس غامضا يفرض تساؤلات عدة .. أولها : من يقف وراء تلك المعارك المفتعلة ؟ ؛ ثانيها : إذا كانت الدولة لا تتدخل في شئون الإعلام إحتراما لحريته .. فهل سيكون لها موقف المتفرج إزاء ترويج بعض و سائل الإعلام لأكاذيب و ترهات قد تتسبب للدولة في أزمات مع الدول الأخرى ؟ ؛ ثالثها : في الوقت الذي تمر فيه المنطقة العربية بتلك الظروف الحرجة .. هل يمكن السماح بعبث إعلامي قد يؤثر على الأمن القومي لدول المنطقة ؟ ؛ رابعها : في ظل حالة الإنفلات الإعلامي في المنطقة .. هل تتفق دولها على ضمانات تكفل عدم إستغلال أي جهات مشبوهة وسائل الإعلام لحسابها ؟ ؛ خامسها : هل سيكون للهيئة العليا المستقلة للإعلام السمعي البصري ” الهايكا ” رد فعل مرتقب إزاء تلك الممارسات ؟ .. و مازالت التساؤلات كثيرة بعضها له خصوصيته و البعض الأخر أكثر عمومية تشترك فيه البلدان التي تعاني آثار الخريف الذي خيم على المنطقة لكن الأمل في تجاوز أثاره قائم عندما نرى أنه يولد من رحم الغيب و الأزمة زعماء مستعدين لبذل أرواحهم من أجل الحفاظ على الدولة الوطنية مدركين لحقيقة ظروف بلدانهم القاسية ؛ تماما مثل ظروف مصر التي تحولت من أغنى دولة عربية حتى 1965 إلى واحدة من أفقر تلك الدول من أجل خدمة القضايا العربية .. و على رأسها القضية المركزية ” فلسطين ” التي قدمت لها فضلا عن المال مائة و عشرون ألف شهيد .. و ثلاثمائة و خمسة و ستين ألف جريح ومشوه .. لم تقدم مثلها أي دولة شقيقة لنفس القضية ؛ و حتى عام 1970 كان الجنيه المصري مازال يساوي ما يقرب من ثلاثة دولارات أمريكية .. لكن خمسة حروب كفيلة بأن تقسم ظهر أعظم الدول .. لكن مصر بقيت واقفة شامخة رغم كل ما مر بها .. يجدها أشقائها إلى جوارهم دون منّ أو أذى .. من ” فلسطين ” إلى ” حرب التحرير الجزائرية ” إلى “أول تسليح للجيش التونسي بعد الإستقلال ” إلى ” حرب اليمن ” إلى “المشاركة في الحرب العراقية الإيرانية ” إلى ” حرب تحرير الكويت ” و خلال كل تلك الفترة كانت مساعدة مصر لكل حركات التحرر في إفريقيا و أمريكا اللاتينية .. يسأل في ذلك ” نيلسون مانديلا ” الذي وقف أمام قبر ” عبد الناصر ” ليفي بموعد ضربه معه قبل 27 عام ليشكره على تضامنه و تسليحه و مازال من رفاقه أحياء ؛ كذلك ” فيديل كاسترو ” و ” إرنستو تشي جيفارا ” جاء بنفسه ليلقى من أطلق هو عليه ” القائد المعلم ” .. كنا إلى جوار الأشقاء و الأصدقاء .. فوجدنا الأوفياء منهم إلى جوارنا في الشدائد لكن أكثر التافهين لا يعلمون .. و ربما يستوعبون الدرس بعد صفعة كل من ” السعودية و الكويت و الإمارات و البحرين ” للدويلة المارقة و عملائها الذين أرادوا الصيد في الماء العكر لحساب المؤامرة “الصهيوأمريكية ” التي قوض أركانها الشعب المصري العظيم و جيشها الباسل في ثورة 30 يونيو ” جوان ” 2013  التي كان لزلزلها الفضل على المنطقة بأسرها .. ؛ و رغم ذلك نجد كائنات تافهة تسخر من هذا البلد و شعبه .. أو كائنات أتفه تظن أنها يمكنها التنظير لهذا الشعب أو فرض الوصاية على إرادته ..

لماذا لا يدرك البعض أنه إن كان له لسان فالناس ألسن .. و أن كل بني آدم دون إستثناء بيوتهم من زجاج ..

(للراغبين في سماع الشريط الصوتي تنزيله من هذا الرابط MidiShow090215[1].mp3  المتاح حتى يوم   17 فبراير 2015)

3 Responses to موقف الإعلام التونسي الغامض إزاء مصر: صدفة أم تحالف مع الإرهاب؟

  1. maher selem رد

    12 فبراير, 2015 at 7:58 ص

    احسنت يااستاذ خالد هذا ماعرفناه عنك محللا..واعﻻمي متميز له مبدأ..وناقدا..وصحفيا..وكاتبا وفنانا ..اشوفك بمصر ان شاء الله ..صمت له كﻻم تأليف عبد الرحمن بن زيدان..موسيقى حاتم عزت..ديكور منذر مصطفى….التمثيل والفناء فاطمةمحمد على..رؤية فنية واخراج ماهر سليم..مهرجان المسرح النسائي

  2. maher selem رد

    12 فبراير, 2015 at 8:00 ص

    بمارس 2015..تونس

  3. سعيدة الزغبي خالد

    khaled soliman رد

    15 فبراير, 2015 at 4:49 م

    سلمت لي أخي العزيز و الفنان الكبير ماهر سليم .. و يسعدني أن ذلك رأيك بعد أن هاجمني بعضهم بسبب المقال الذي لم يحمل سوى وقائع تتطلب تفسير لا سباب ؛ و المؤسف أن منهم من يلوث نادي نقابة المهن التمثيلية بوجوده عندما يأتي إلى مصر و هو ما سيكون محل حوار مع الفنان الكبير أشرف عبد الغفور و بقية الزملاء فضلا عن الجهات المعنية ؛ و المؤسف أكثر أن يكون هناك من هو ضالع من أبناء مصر ..
    و يبدو أن البعض لا يدرك أن هناك عهد مختلف في مصر و أنها لن تسمح بأي تجاوز في الحوار .. وعلى من يريد التحاور أن يتناقش ملتزما أدب الحوار أو ليتحمل جريرة فعاله ..
    أشكرك جزيلا و مجددا لإهتمامك و متابعتك يا ” كروان الفن ” الجميل

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات