مطاردة فئران أمي حصة في ديوان القراءة

10:31 صباحًا الخميس 28 مايو 2015
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print
إبراهيم فرغلي يناقش سعود السنعوسي حول رواية : فئران أمي حصة

إبراهيم فرغلي يناقش سعود السنعوسي حول رواية : فئران أمي حصة

ضمن أنشطة ديوان القراءة أقام المكتب الثقافي المصري بالكويت أمسية لمناقشة رواية فئران أمي حصة، للكاتب الكويتي سعود السنعوسي ، الذي رحب به الدكتور نبيل بهجت الملحق الثقافي المصري، باسم السفارة المصرية والسفير المصري  لدى الكويت عبد الكريم سليمان.

في كلمته، أكد د.بهجت على تقديره لإنجاز السنعوسي الأدبي ممثلا في نصوصه السردية الروائية التي حققت للأدب الكويتي انتشارا كبيرا خلال الفترة الماضية، وخصوصا ساق البامبو التي حصلت على جائزة البوكر قبل عامين، وبوصف هذه الأعمال تراكما للمنجز الأدبي العربي.

يرى بهجت أن السنعوسي قامة كبيرة يظن أن له رؤيا زرقاء اليمامة بالتنبؤ بما سيكون وأنه مهموم بشأن الوطن وذلك شأن المبدعين الكبار، وقال بهجت أنه يقدره على المستوى الشخصي لأنه صادق ويتحرى الحقيقة والقضايا الكبيرة بصرف النظر أنها تثير خلافات أوستكشف الحقيقة، لأن الحقيقة في شكلها الأسمى هي ما تقبل الحوار، ويتمنى بهجت أن يكون في عالمنا العربي أمثاله الكثير الذين يبدعون ويمتلكون ما يعبر عنهم

وقد قدم الأمسية الكاتب المصري إبراهيم فرغلي الذي قرأ ورقة نقدية عن رواية فئران أمي حصة أشار فيها إلى اهتمام النص بعدد من الرموز وخصوصا فيما يتعلق بالشخصيات، موضحا أن أمي حصة هي نفسها رمز للهوية ومعادل جوهر تراث الكويت ووعيها الثقافي، ذاكرة تاريخ المجتمع، التي تؤكد أن اي مجتمع بلا ذاكرة لا يمكن أن يكون له مستقبل، أو هوية. فهي حافظة التراث، وحاملة القيم الأصيلة التي انبنى عليها المجتمع الكويتي وتطور ونهض، وهي ذاكرة المجتمع أيضا، المجتمع المتماسك الذي مكن دولة صغيرة من البقاء وتكوين خصوصيتها عبر إصرارها كمجتمع قابل لاحتضان الجاليات العربية وإعلاء شأن القومية العربية كواحد من سمات أساسية، تتجلى فيما ينثره كتكوت عن هذا المزيج المتنوع من القوميات المختلفة التي عاشت في الكويت من دون إحساس بالتمييز.  والذاكرة والجدار الذي يتكئ عليها الجميع والذين أحسوا جميعا بغصة لا نهاية لها برحيلها.

أما الفئران فهي ترمز أيضا إلى فكرة الطاعون أو الوباء الذي يمكن أن تتسبب في نقله لمجتمع تمثله بيضات مكسورة لا تجد من يحميها بعد أن فقدت راعيها (الذاكرة والتراث ومشاعر الوطنية والمعرفة).

كما أضاف فرغلي أن فكرة الرواية فكرة عامة في الحقيقة تخص مجتمعات عربية عدة، وربما غربية أيضا في ظل ما يشهده العالم اليوم من جنون طائفي نيرانه تلتهب حولنا في كل مكان ما يضفي أهمية كبيرة على هذا النص

وقد شارك عدد من الحضور من الكتاب والصحفيين المثقفين والقراء في تقديم قراءتهم ورؤاهم للنص، وتوجهوا بعدد من الأسئلة إلى سعود السنعوسي منها:

الهجوم الذي تعرضت له الرواية من بعض النقاد، وعلق في إجابته عن هذا السؤال قائلا أنه لا يهتم سوى بالنقد الذي يتناول النص نفسه ويبدو نتاج قراءة جادة وحقيقية للعمل، وليس النقاد الذي يقدمون نقدهم على النوايا! مؤكدا أنه لا يهتم ببعض النقد الذي يبدو وكأنه قراءة لعمل آخر! وأضاف أن بعض من يقوم بالنقد ويقول أن الكاتب عليه أن يفعل كذا، فالأجدر به أن يكتب هو الرواية التي يريدها. لذا أسعى لعدم الوقوف أمام هذا النوع من النقد فالنقد البناء الذي يساهم في دفع الإبداع هو المطلوب

وحول رفض البعض الخيال في الرواية أوضح سعود أن من يقول أنها ليست تنبؤا، بل هي عمل فني يعتمد على الخيال، ويرى أن المقدمات تؤدي إلى نتائج، وأن الرواية تمثل صرخة تحذير للمجتمع لتفادي ما قد تؤدي إليه شواهد الفرقة والتمييز.

وفي إجابة الكاتب حول ما أثاره بعض القراء من ملاحظات حول استخدام السنعوسي للهجة المحلية الكويتية في الكثير من أجزاء العمل، وأكد بدوره أن النص يفرض لغته، وأنه رغم ذلك قدم تفسيرا في السرد لما يتصور انه قد يبدو غريبا للقارئ العربي، مثل “قاري”، و”آجار”، وعدد من الأمثلة الشعبية المعروفة في التراث الكويتي، وأشار الكاتب أنه في المجمل ضد الحوار باللهجة المحلية إلا أنه لم يستطع تنفيذ ذلك لأن الشارع الواحد في الرواية خليط.

لقد كانت الرواية باللون الأبيض والأسود عندما كانت بالفصحى وأول جملة خرجة بالعامية كانت باللهجة المصرية، ومنذ كتابة ودخول اللهجة المحلية صار هناك ألوان في الرواية وتشابك الحوار في المشهد بين كويتي وفلسطيني وهندي، وأغلب الكلمات الغريبة تعمدت أن يفسر السياق غموضها فالسياق هو المفسر.

ويندهش الكاتب من تعجب البعض للجوء لخصوصية اللهجة المحلية الكويتية وكيفية استخدامها مع قبول تفاصيل الروايات اليابانية وغيرها من البلدان التي قد ابتعدت حتى عن اللهجات العربية.

وفي سؤال الكاتب عن الحزن والمتعة وضح الكاتب أنه ليس يملك شرف الإمتاع فالمتعة مهمة ولكن ليس لها دور أصيل للكاتب بقدر ما يقدم رؤية جامعة فالجدة حصة هي جدة للكل بتفاصيلها وأمي حصة هي أمنا جميعا لأن أصلنا واحد.

وتساءل د/ أحمد زينهم عن نهاية الرواية وأنها جاءت متشائمة وأن النهايات تبنى على مقدمات وجاء رد السنعوسي أن أبناء فودة ماتوا في الشجار وسقوط مشروع فؤادة هي إشارة إلى أن المشروعات الكبرى لا ترتبط بأشخاص وللأسف الكثير يظن أن المشروع انتهى ولكن المشروع لم ينته فالنهاية ليست تشاؤمية وإنما بها أكثر من تأويل.

و أشادت الكاتبة والصحفية ليلى أحمد عن مدى إعجابها بالرواية واستمتاعها باللعبة الفنية التي تلمح فيها فانتازيا، لأنها تنقل القارئ إلى عالم ثان ، كما تحدثت ليلى عن اهتمام السنعوسي بالتفاصيل رغم حجم الرواية وإيقاع الحياة السريع إلا أنها تجعلنا نتوقف أمام هذه الروايات الهامة التي تعالج الكثير من  القضايا ،وتكشف الكثير من الحماقات فالتفاصيل زادت الرواية وعالمها عمق، في حين أن البعض يرى أن كثرة التفاصيل تشعر القارئ بالملل، ويرى الكاتب أن هذا الأمر لا يزعجه فهذا ليس أمرا نقديا أبدا بل إنه يرجع إلى حبه للتفاصيل جدا، وهناك من يهتم بالتفاصيل وآخرون لا يهتمون بذلك.

وأشادت الناشرة فاطمة البودي بالمبدع الكبير ومنجزه الروائي الذي استطاع أن يثبت حضوره على الساحة العربية والعالمية بالرواية والكلمة المختارة.

وبارك الكاتب أشرف عبد الكريم نجاح الرواية وأشاد باسم الرواية والاختيار الذكي للفئران رغم أنها كائنات ضعيفة، إلا أن لها أثر فعال في الهدم وهو اختيار يدل على وعي وهمة يحمله تجاه المجتمع خشية على المجتمع، وقد تساءل عن هندسة الرواية والانتقادات التي وجهة للرواية وتوقف سعود أمام كلمة هندسة، لأن العمل الإبداعي أبعد من ذلك وإنما الشكل فصل ماضي وفصل مستقبل تكتيك مختلف عن ساق البامبو، لأن الشكل كان مهم يدور في زمنين زمن محبب للكاتب وزمن خال من الصورة.

وفي سؤال الكاتبة جيهان عبد العزيز حول النظرة التشاؤمية في الرواية، أجاب السنعوسي أنه ليس تشاؤما بقدر ما هو دق ناقوس الخطر منذ الافتتاحية الأولى احذروا الفئران … الفئران قادمة فهذا الواقع المتشائم لن يتحقق إلا إذا غيرت الواقع يعني المستقبل دائما هو نتاج الواقع ونتاج الماضي والماضي لن نستطيع أن نغيره لكن الواقع المعاش حاليا إذا استمعنا إلى هذا الجرس الذي يدق وإلى ناقوس الخطر فقد نستطيع التغيير وهذا هو الهدف من وجهة نظر الكاتب الذي أكد أنه لا يقدم نصا للتسلية والمتعة، بل نص له رسالة، وبالتالي لا يهتم بأن يوفر نصا مثل هذا المتعة.

كما عبر الكثير من الحضور عن إعجابهم بالنص وبالتفاصيل والجهد المبذول في بناء العمل، ورسالة الكاتب الذي لا يزال يحافظ على أهم سماته الأدبية وهي الصدق الفني والإخلاص، والولع بالتفاصيل.

 

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات