عشّاق الحياة … على الشاشة … فوق المسرح

07:37 صباحًا الأحد 21 يوليو 2019
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

new cover 3نشأت الإعلامية فاطمة الزهراء محمد حسن في أسرة تعشق الأدب، وهو عشق ورثته في تقديرها للآداب والفنون، وتمثل في حلم حققته بدراسة الإعلام في جامعة القاهرة، والعمل  كمخرجة في التلفزيون المصري بأول قناة ثقافية متخصصة في العالم العربي، منذ إنشائها. وقد عملت فور تخرجها في كلية الإعلام جامعة القاهرة؛ قسم الإذاعة والتلفزيون، بقناة النيل الدولية وهي قناة ناطقة باللغتين الإنجليزية والفرنسية وكانت مرحلة هامة جدا لأن التوجه لجمهور غير مصري يختلف كليا في تكنيك الأداء أكسبها خبرة مهمة. بعد إنشاء قطاع النيل للقنوات المتخصصة عام 1997 اختارت العمل بقناة النيل الثقافية لأنها كانت فكرة عبقرية ومشروعا واعدا، فهي أول قناة ثقافية في المنطقة العربية وفي الشرق الوسط وقتئذ تعنى بالتراث الحضاري والثقافي للإنسان المصري المتراكم منذ الآف السنين كما تحقق له التواصل مع ثقافات وحضارات وتاريخ وشعوب العالم .

كانت مع زملائها وزميلاتها يمثلون فريقا من الشباب يؤسسون لقناة شعروا أنها مولودهم الجديد الذي يحبونه جميعا، وشاركهم الحلم ذاته رئيس قناة النيل الثقافية الإعلامي المميز جمال الشاعر وكان شابا مثلهم فأفسح لهم المجال وأعطاهم حرية كبيرة ليعبروا عن أفكارهم وأحلامهم في برامجهم، مما أشعرهم بالمسئولية مبكرا.

كان اهتمام الإعلامية الشابة بالمسرح كبيرا، فكانت تغطي كافة فعاليات المسرح؛ سواء التجريبي أو المسرح العربي، وقامت بإخراج برنامج أسبوعي عن فن المسرح كان من تقديم الرائد المسرحي الكبير الفنان سعد أردش، وكان برنامجا يوثق لتاريخ المسرح العربي ويستشرف مستقبله باستضافة المسرحيين المصريين والعرب في مجموعة من الحلقات بلغت حوالي الخمسين حلقة، وهو رصيد مسرحي تفتخر به حقا .

تقول فاطمة الزهراء: فتحت لي القناة الثقافية نافذة للمعرفة وكانت على الحضارة اللاتينية – الإسبانية تحديدا – إذ كانت أنشطة المركز الثقافي الإسباني بالقاهرة ضمن اختصاصاتي بالقناة مما شجعني على الإنتظام في الدراسة بالمركز وبالفعل حصلت على دورات متقدمة في اللغة الإسبانية حققت لي مزيدا من التواصل والتفاعل مع السفارات والمؤتمرات التي تعقدها الدول الناطقة باللغة الإسبانية وبالتعاون مع كلية الأسن قسم اللغة الإسبانية بجامعتي عين شمس وإلمنيا بصعيد مصر .

كان للمخرجة الشابة تجربة مع قناة المحور الفضائية 2002، فقامت بإعداد وإخراج برنامج ( أوبرا شو)،  ومن خلاله غطت كل عروض دار الأوبرا المصرية على المسرح الكبير مثل عروض : زواج فيجارو، كارمن، زوربا، أوبرا عايدة، كسارة البندق … وغيرها من العروض. كان فريق (أوبرا شو) يصور اليوم السابق على العرض النهائي، بداية من الديكور والإضاءة مرورا بالأزياء والماكياج، فالتقت بأبطال وبطلات العروض ومصممي الرقصات ومخرجي تحف الأوبرا، ثم تعرض في النهاية مقاطع من العرض النهائي الذي يشاهده الجمهور وكانت تجربة ثري، فالعمل في القطاع الخاص كان يوفر إمكانات كبيرة في الكاميرات المستخدمة وكذلك ماكينات المونتاج .

حين نتأمل سيرتها الذاتية نرى أنك تنقلت في آسيا بشكل متواتر، ربما منذ الطفولة، مصادفة لإعلامية مصرية التنقل بين إيران والصين والهند وتركيا وفيتنام والكويت وسورية.

فقد قضت فترة من طفولتها؛ حوالي ثلاث سنوات، بمدينة مشهد الإيرانية، حيث كان والدها الباحث والشاعر محمد محمدحسن أستاذا للغة العربية في كلية الآداب بجامعة الفردوسي، ومازالت تتذكر الثلوج البيضاء على الجبال الشاهقة ومسجد الإمام موسى الرضا حيث يحج إليه المسلمون الشيعة ومقام الشاعر العظيم عمر الخيام، كانت طفولة جميلة مازالت ذكرياتها حاضرة في وجدانها .

حين بدأت المؤلفة العمل الإعلامي كانت تتوق دائما لزيارة بلدان الشرق القديم، وطالما شعرت أنهم الأقرب إلينا كدول عربية وشرقية من الغرب في قيمنا وعاداتنا وإنسانيتنا وأننا نحن شركاء معهم في  تشكيل وجه الحضارة الإنسانية في العالم القديم ولعل الحضارة الفرعونية شاهد على شموخ المصريين القدماء ونبوغهم .فقامت برحلات وجولات آسيوية إلى الهند والصين وتركيا وفيتنام، فضلا عن دولة الكويت وسورية حيث زارت مدينة حلب الشهباء.

وحيث يقف سور الصين العظيم شاهدا علي تفرد الصين وعظمتها   قامت بزيارة لبكين العاصمة الصينية وكذلك المدينة المحرمة والقصر الصيفي، كما  زارت   ستاد عش الطائر حيث أقيمت بطولة الأوليمبياد 2008 وكان الإفتتاح مذهلا. وتتويجا للرحلة الآسيوية قامت  برحلة عائلية إلى الهند استغرقت حوالي ثلاثة أسابيع زرنا خلالها دلهي العاصمة وتاج محل بمدينة أجرا وجولة بإقليم راجستان شمالي الهند  تضمنت 9 مدن: بوشكار، وبيكنار، وجايسلمر، وجيبور وجودبور، وأوديبور  وماندوا وغيرها حتى وصلت إلى أجرا لترى درة عمارة الأضرحة، في عصر مغل الإسلامي؛ تاج محل. وأضافت إلى رحلاتها الآسيوية فيتنام، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، في رحلة ماراثونية بدأت في خليج هالونج باي، واختتمت في حاضرة هوشي منه، مرورا بنهر العطور ونهر الميكونج، وهانوي وناترانج وهاي لاند.

ومن آسيا إلى أفريقيا اشتغلت وانشغلت بالكتابة عن القارة السمراء، حيث رأت في الزعيم المناضل نيلسون مانديللا أيقونة للإصرار والمقاومة في العالم ضد التفرقة العنصرية وهو شخصية عظيمة  وهو بالمناسبة يعتبر المهاتما غاندي المصدر الكبر لإلهامه وهو مؤمن بفلسفته  في المقاومة السلمية ونبذ العنف، وقد حصل على نوبل في السلام وتولى رئاسة جنوب إفريقيا من عام 1994 حتى عام 1999 وشهدت بلاده ازدهارا وتحولا ديمقراطيا حقيقيا، ولذلك مثل بداية اهتمامها بإفريقيا. وحين نظمت جنوب إفريقيا كأس العالم 2010 كانت هي المرة الأولى لدولة إفريقية تحصل على هذا الشرف، والحقيقة أن الدول الإفريقية هي إمتداد جغرافي وإستراتيجي طبيعي لمصر كما أننا نشترك مع دول حوض النيل في نهر النيل العظيم من المنبع إلى المصب لتضم 11 دولة إفريقية .

66453674_2105302349596971_8014212359323123712_nتمثل كتابات فاطمة الزهراء حسن جزءا مهما من أعمدة النسخة العربية من (آسيا إن)، والمتابع من قراء شبكة أخبار المستقبل يدرك ذلك الولع بأفريقيا، وثقافتها الثرية، واسهامها الغني عنها. وهي تقيم تجربتها بقولها في حوار نشر بالشبكة عند إنشائها: “سعدت جدا بالعمل في آسيا إن؛ شبكة أخبار المستقبل وأشعر انها تحقق قدرا كبيرا من التوازن والموضوعية في الأداء وهي بالفعل شبكة قوية ولها طابع الإحتراف والإتزان والصدق في نقل الأخبار . نحن سعداء بوجود  هذه النسخة باللغة العربية  لشبكة آسيا إن وأثق أنها ستحقق المزيد من التميز والحضور فهي ستكمل في 11 من الشهر الجاري شهرها الأول ومع أنها ما تزال وليدة إلا أنها متميزة ومواكبة للأحداث ساعة بساعة وتغطي إهتمامات العالم العربي والشرق بمنتهى الحياد، لآننا أصبنا بعقدة حقيقية من الرؤية الأحادية للأحداث التي غالبا ماتكون وفق المنظور الغربي عامة والأمريكي تحديدا وهو ما ينعكس سلبا على أدائنا ومصداقيتنا واحترام الآخر لنا كدول ناهضة في المنطقة .”

في هذه الفصول التي يضمها الكتاب مرآة لاهتمام مؤلفته بالشرق الآسيوي، والعمق الأفريقي، كما يستحضر أمسيات العمل عن قرب بعالم الأوبرا الممتع، وفضاء السينما الثري، مما يجعل من قراءة الكتاب رحلة بين قارات العالم،ورحلة كذلك بين عوالم الفن.

jibran

وتضم مقالات الكتاب: السندريللا  … السينما والسياسة | جبران … سلمى … وبشرى: الأديب… الفنانة… و البلدة  | في الحرية ومعناها … مخملباف والسينما الإيرانية  | الفن السابع ينتصر على طالبان في أفغانستان | الساحر (أوز): رؤية سينمائية جديدة | سينما العرقيات: طريق حليمة |  أحلام أفغانية على طريق الأوسكار الأمريكي | فيلم (أرجو): حلقة جديدة في سلسلة البطولات الأمريكية الوهمية | المخرج السينمائي الإيراني جعفر بناهي: الحلم المبدع بالحياة، والحرية | دكتور بيللو يأخذ بيد السينما النيجيرية إلى العالمية | أطفال كينشاسا: عندما تكون الموسيقى بديلا عن دمار الروح | نيروبي هاف لايف في سباق الأوسكار السينمائي | الصومالي بركات عبدي … نجم هوليود | سينما الباكستان … عودة الروح | والت ديزني في مهمة لإنقاذ مستر بانكس | أميرة هوليوود ترتدي تاج أيقونة موناكو | المخرجة الكندية آناييس باربو لافاليت: في الحرب يصير الحياد أمرا مستحيلا  | زوربا اليوناني: موسيقى لعشاق الحياة | حروب الموسيقى | النجم ساي والعودة إلى كانجنام ستايل | مسرح المقهورين: بحثًا عن حلول واقعية للمهمشين | متحف الدراما الكويتية … توثيق للموروث الشعبي | ميس سايجون … في يوبيلها الفضي | طائر النار: حكاية شعبية في قصر القيصر! | طقوس الربيع : صور من الفلكلور الروسي | أوبرا الحرب والسلام: موسكو تنتصر  | باليه جيزيل .. تراجيديا بين الواقع والخيال | أوبرا پينوكيو .. أحلامنا لا تعرف المستحيل   | قوة القدر … تعصفُ بالعرض الأوبرالي وأبطاله | حصان طروادة: ملحمة أوبرالية في الحب والحرب | أوبرا فاوست : رحلة البحث عن الحقيقة | أوبرا يوليوس قيصر: هاندل يكتب موسيقاه الأروع | أوبرا فالستاف..مفارقات كوميدية يتوجها الحب | أوبرا لاترافياتا.. الجمهور يشارك في العرض | فانجيليس: فارس عربات النار الموسيقية  | هكذا هُنَّ النساء: لماذا نُحطم قلوبَنا بأيدينا؟ | بالية كسارة البندق … رحلة في عالم الأحلام | أوبرا تُوسكا: مرآة تمرُّد ثورة  | أوبرا سالومي ..عندما تكون الغلبة للشهوة | أوبرا ريجوليتو: كما تدينُ … تُدان | بُحيرة البجع: الحبُّ يقهرُ السِّحر  | نبوءة تشايكوفسكي السحرية تمنح المجد لأوبرا كارمن | عندما هتف الشعب الإيطالي: ڤيڤا ڤيردي!  | زواج فيجارو: الفن يتنبأ بالثورة الفرنسية  | أوبرا (لابوهيم) للموسيقار بوتشيني: عودة لأجواء ميلانو | أوبرا كارمينا بورانا: تحسيد لفلسفة الحياة | أوبرا مدام بترفلاي: من لم يستطع أن يعيش بشرف فليمت بشرف.

الكتاب صدر ضمن سلسلة إبداعات طريق الحرير في 220 صفحة، عن دار نشر فهرس، ويقدم الغلاف مشهدين من أوبرا كارمن وفيلم زوربا اليوناني.

 

 

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات