الشاعر اللبناني أمثل اسماعيل … مع الورد، يغمره الورد، يُعمِّر الورد

02:36 مساءً الأحد 29 نوفمبر 2020
اسماعيل فقيه

اسماعيل فقيه

شاعر وكاتب وصحافي من لبنان

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

| بيروت- من إسماعيل فقيه |

في كتابه “يُعمّر الورد”، جمع الشاعر أمثل سماعيل حزمة كبيرة من القصائد، وجعلها تنطق بما يليق بها وما يليق بالعاطفة التي تبرز جلياً في الكتاب. في تجربته دواوين عدة، وهو واحد من الشعراء الذين يتميزون من القصيدة الاولى. ينتمي اسماعيل الى جيل شعري يسمى جيل التسعينات، لكنه يختلف عن هذا الجيل في كثير من التفاصيل والامور الشعرية والحياتية

 •سألته عن القصيدة التي ما زال يغوص في تفاصيلها. قال :

القصيدة لا تغادرني بسهولة، وهي اصلا لا تغادرني لانني اعيشها اذا لم اكتبها، وحين اكتبها فانني في حالة كهذه اعيش لحظة الاجوبة الشعرية التي تمتد على ساحل اقامتي وعيشي. القصيدة في حياتي قائمة وتبني معناها كما يبني الانسان منزله وعمارته، ليعيش فيها، في كنف الحميمية والاناقة والحياة الجميلة. قصيدتي مستمرة، تبحث دائماً عن متسع من الوقت كي تتواصل مع زمنها الذي لا يشبه الا اللحظة المفتوحة على اسئلة الحياة برمّتها

ماذا تكتب اليوم؟

 – اكتب حياتي وسيرتي وحلّي وترحالي. اكتب نشاطي في الايام التي تعبر بسرعة البرقة، احاول تثبيت الزمن في القصيدة. فاللحظة الدهرية تعبر بسرعة، لا شيء يوقف حركتها المجنونة، لا شيء يوحد ببطء حركتها. لذلك اسعى عبر القصيدة الى بناء الحد او الفاصل الذي يمكنني بواسطته تثبيت الزمن في مساحة ممكنة، استطيع عبرها فعل ما اريد، او الوقوف بهدوء امام اسئلتي ذاتي المتدفقة، كنهر هادر. اكتب اليوم كل شاردة وواردة تتحرك في المساحة الانسانية التي اعيشها، وما زلت ارى وردتي وأتلمس عطرها، وازداد شوقاً اليها. كلما توغلت في مساحة عطرها، اكتشفت انني ما زلت على قيد الشعر والحياة. انها وردة الزمن التي تحوي كيان اللحظة التي انبثق منها فرحي وعذابي.

مع كريمته ألمى

  •تتحرك بدافع الفرح والعذاب؟

 – الاصح انني اتحرك بدافع من الفرح والعذاب. كلاهما يشكل حالة تمرد على الخط المستقيم الذي يمتد في المسافة الطويلة التي اسلكها

  •لنبدأ من العذاب الذي تعيشه؟

 – العذاب مساحة ثابتة في الاقامة والرحيل، صورة معلقة على جدار الزمن الذي يحاصرني. انه عذاب من نوع غريب وربما مميز. كل اللحظات تبني معناها داخل هذا الشكل، داخل هذا الافق المفتوح على مداه. ربما تكون كلمة عذاب تقليدية يرددها اي انسان يعيش عذاباً ما، الا انني اعترف بان عذابي يختلف، وله نكهة الحريق الذي لا يهدأ. انه عذاب يحفر في القلب ويكاد يجهز على الروح. ومصدر هذا العذاب هو التقاطع الكبير الذي اتحرّك حوله ولا استطيع بلوغ محتواه. انه تقاطع او مفترق احاول عبره فهم الوجود بما يمثل من استمرار في الكيان العام والخاص. انه تقاطع الاسئلة المسبوقة بأجوبة العقل وعاطفة الروح. عذابي يبدأ من وردتي التي تفوح عطراً كما لو انه الثلج، ومن اقامتي التي تحوي كل علاقاتي مع اركان الوجود

ما زال عذابك ضارياً؟

 – وربما قاتلاً، واحاول تفريق هجماته، علّني اوفق في صده، واذا لم استطع، ربما اجعله يتأخر قليلاً.

•ما مصدر هذا العذاب؟

  – الحياة برمتها. اسئلة القلق التي بدأت تنتابني بعدما قطعت عمر التوبة. لقد وصلت الى مرحلة تجاوزت فيها المجازفة، وهذه المجازفة ما زالت قائمة. انني اعيش في قلب المجازفة. قد تظن انني اناقض نفسي بهذا الكلام ولكني اقول: نعم لقد تخطيت مرحلة المجازفة وفي الوقت نفسه، ما زلت اعيش في قلب هذه المجازفة. وبين الحالتين، اجد نفسي في مجازفة كبيرة، قد تصل الى حد صعب وفاصل

  •كأنك تعيش المغامرة، ما دور القصيدة هنا؟

– الحياة من اساسها مغامرة. وحين ادخل في صلب هذه المغامرة، التي هي مجازفة مستمرة، اشعر بحاجة الى الحماية او شيء من الامان، وهنا يبرز دور القصيدة. ولكني لا اسعى اليها بقدر ما تسعى اليّ، الى الوصول الى اعماق ذاتي، حيث الاحاسيس فوارة ومندفعة الى حدّ التهوّر

انت شاعر متهوّر؟

 – طبعاً لا. لست متهوراً، ولكن الكلام يأخذ بعده في التفسير والمعنى، علماً ان التهور في بعض الحالات ضرورة وربما حاجة

  •متى يكون التهوّر حاجة؟

 – في لحظات العاطفة، العاطفة بكل ما تمثّل من واقع معيوش ومحسوس. قد يشعر الانسان، اثناء رحلته مع العاطفة بشيء من الضعف، فيلجأ الى الدافع او القوة التي تجعله يتخطى هذا الضعف. وهذه القوة حركة حتمية في غالبية الحالات عند كثيرين. وقد اطلقت كلمة تهوّر لأني اسمع من داخلها نداء الذات، نداء الروح التواقة الى كل جديد

ومتى تعيش الفرح؟

 – كلمة فرح قد تكون غائبة عن قاموس المعنى الذي اسعى الى كتابته، ولكن المعنى الذي يخرج من هذه الكلمة يجسّد حيوية الزمن… انني اعيش الفرح في لحظات معينة، غامضة غالبا. قد لا استطيع تفسيرها في شكل نهائي، ولكن يمكنني القول انها لحظة التناغم الدائري، التناغم الذي لا يتوقف، يدور حول النفس والجسد في لحظة مفاجئة. ليس للفرح حدود ومعنى وصورة، انه حالة عارمة الى اقصى حدود البهجة، ولكنه لا يستمر كثيراً. يخسر الفرح دائماً حين تتكاثر ومضات البرق التي يطلقها الزمن

  •ما زلت تُعمّر الورد؟

 – الورد هو البناء الذي لا يتوقف. انه الهيكل الذي بدأت بتشييده قبل سنوات، وربما قبل دهور. انه الورد الذي يبث عطر الحياة، وعطر الانسان، وعطر الزمن المستمر. فكيف اتوقف عن الورد، عن بناء عمارته في مساحة ايامي وايام سواي من الذين احببتهم وعرفتهم وسأحبهم

  •ومتى تُعمّر غير الورد؟

 – الورد هو القصر والهيكل، هو الزمن والامل

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات