الابْنُ والابنةُ (في أَدَبِ الأَطْفَالِ والنَّاشِئَةِ اللّبناني)

10:19 صباحًا الجمعة 1 يناير 2021
د. إيمان بقاعي

د. إيمان بقاعي

روائية لبنانية، أستاذة جامعية متخصصة في الأدب العربي وأدب الأطفال والناشئة، وعضو اتحاد الكتاب اللبنانيين

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

الابْنُ والابنةُ (ب ن و، ب ن ي): الوَلَدُ (لا يُطْلَقُ إلّا على الذَّكَرِ بخِلافِ الوَلَد)، مُؤَنَّثُه: بِنْتٌ وابْنَةٌ، والجمع: أَبناء وبَنون، والتّصغيرُ: بُنَيٌّ؛ يُقَالُ: (يا بُنَيِّ ويا بُنَيَّ) لُغتان؛ مثل (يا أَبَتِ ويا أَبَتَ).

وتصغيرُ أبْناء: أُبَيْناءٌ، وإن شئْتَ (أُبَيْنونَ)، والنّسبةُ إلى ابْنٍ: (بَنَويٌّ)، وبعضُهم يقولُ: (ابْنِيٌّ).

 وكلمة (ابْن) تبدأُ بهمزةِ وَصْلٍ، وتُحذَفُ منها هذه الهمزة إذا وقعَتْ بين اسمَي علَم، وكانت نعْتًا للعَلَم الأولِ، ولم تقعْ في أوّلِ السَّطْرِ كتابةً.

أما (في القَواعِدِ):

(أ) إذا وقعَتْ بين اسْمينِ علَمَيْن بقصدِ الإخْبارِ، كُتبَتْ بالألِفِ وأُعربَتْ خبرًا: (فؤادُ ابنُ مديرٍ محتَرمٍ).

(ب) أما إنْ لم تَقَعْ موقعَ الخبرِ- وكانت بين اسْميْنِ علَميْنِ ثانيهما والدُ الثَّانِي- ولم تُثَنَّ ولم تجمَعْ، تحذَفُ ألفُها وتُعرَبُ نعتًا للاسْمِ الّذي قبلها أو عطفَ بيانٍ عليه أو بدلًا منْه: (وصلَ سميرٌ بنُ وليدٍ)، [ابنُ: نعتٌ، أو عطفُ بيانٍ، أو بدلٌ، مَرْفُوعٌ بالضَّمَّةِ الظَّاهِرةِ].

(ت) وفي باقي حالاتِها، تُعرَبُ حسبَ موقِعِها من الجُمْلَة: (جاءَ ابنُ  سميرٍ لعيادتي)، (رأيتُ ابنَ سعيدٍ في الحديقةِ)، (التقيْتُ بابنِ عمّي في بيروتَ.

(ث) ويجوزُ الضَّمُ والْفَتْحُ في العلَمِ المُنَادى الموصوفِ بـ (ابن): (يا وليدُ بنُ سميرٍ)، (يا وليدَ بنَ سميرٍ).

و(الابْنَةُ)، وجذرُها أيضًا (ب ن و، ب ن ي): مؤنّث الابنِ؛ تقولُ: هذه ابْنَةُ فُلانٍ وبنتُ فُلانٍ (بِتاءٍ ثابتةٍ في الوَقْف والوَصْل)؛ وجمعُها: بنَاتٌ، ويقال: (رأيتُ بَنَاتَكَ بالفتحِ، ويُجْرُونَهُ مجرى التَّاءِ الأصليةِ)، وتعرَبُ إعرابَ (ابْن).

  والمشهورُ عندَ العربِ مِن (ابن): 

(ابنُ آوَى): سَبُعٌ، و(ابْنُ أَجْلى): الصُّبحُ، و(ابنُ أَحْذارٍ): الرَّجلُ الحَذِرُ، و(ابنُ أَقْوالٍ): الرَّجُلُ الكَثيرُ الكَلَام، و(ابنُ الأَدِيم): السِّقَاءُ، فإذا كان أَكبر فهو ابن أَدِيمَين وابنُ ثلاثةِ آدِمَةٍ، و(ابنُ الأَرضِ): الغَديرُ، و(ابنُ الأَرْضِ): نَبْتٌ يَخرُجُ في رُؤُوسِ الآكَامِ، و(ابنُ الأَسدِ): الشَّيْعُ والحَفْصُ، و(ابنُ إلاهَةَ وأَلاهَةَ): ضَوْءُ الشّمسِ، و(ابن البَحْنَةِ): السَّوْط، والبَحْنةُ: النَّخلةُ الطَّويلةُ، و(ابنُ البَرَاءِ): أَوَّلُ يومٍ مِن الشّهرِ، آخِرُ ليلةٍ مِن الشَّهرِ، و(ابنُ بَرِيحٍ): الغُرَابُ، و(ابنُ بَطْنِه): مَن كان هَمُّه مَصْرُوفٌ إلى بَطْنِه، و(ابْنُ بَقِيعٍ): الكلبُ، و(ابنُ تُمَّرةَ): طائرٌ أصغرُ مِن العُصْفُور، و(ابنُ ثَمِيرٍ): اللَّيلةُ القَمْرَاءُ، و(ابنُ جَلا): السَّيِّدُ، الرَّجُلُ الشّهيرُ، الواضحُ أَمْرُه، الصُّبحُ، القَمَرُ، و(ابْنُ جَمِيرٍ): اللّيلُ المُظْلِمُ، اللَّيلةُ التي لا يُرَى فيها الهِلالُ، و(ابنُ الحُبَارَى): النَّهارُ، و(ابنُ دَأثاءَ): الأَحْمَقُ، و(ابْنُ دَأيَة): الغُرَابُ، و(ابنُ ذُكاء): الصُّبْحُ، و(ابنُ السِّنَّورِ): الدِّرْصُ، و(ابنُ طامِرٍ): البُرْغُوثُ، الخَسِيسُ مِن النَّاس، و(ابنُ الطَّوْدِ): الجُلْمُودُ الّذي يَتَدَهْدى مِن الطَّوْدِ، و(ابْنُ الطِّينِ): آدمُ عليه السّلام، و(ابنُ عِرْسٍ): السُّرْعُوبُ، حَيَوَان لَبونٌ صغير من فصيلة السَّمّوريّات، والجمع: بَنَاتُ عِرْس، و(ابنُ الغُرابِ): البُجُّ، و(ابنُ الفَأْرةِ): الدِّرْصُ، و(ابنُ الفاسِياء): القَرَنْبَى، و(ابنُ فَرْتَنَى وابن تُرْنَى): ابنُ البَغِيَّةِ، و(ابن الفَلاةِ): الحِرْباءُ، و(ابن الفَوالي): الجانُّ، يعني الحَيَّةَ، و(ابن القاوِيَّةِ): فَرْخُ الحَمَامِ، و(ابنُ قِتْرةَ): الحَيَّةُ الغَبراءُ اللَّونِ الصّغيرة الرّقطاء، وجمعه: بَناتُ قِتْرَةَ، و(ابنُ القِرْدِ): الحَوْدَلُ والرُّبَّاحُ، و(ابنُ الكَرْمِ): القِطْفُ، و(ابن الكَرَوانِ): اللَّيلُ، و(ابن اللَّيلِ وابن الطَّريق وابن غَبْراء): اللِّصُّ، و(ابْنُ لَيْلِها): صاحِبُ الأمرِ الكبيرِ، و(ابنُ المازِنِ): النَّمْلُ، و(ابنُ مَخاضٍ): الفَصِيلُ اذا استكْمَلَ السَّنَةَ ودخلَ في الثَّانيةِ، والأُنثى: ابنةُ مَخاضٍ، الّذي حَمَلَتْ أُمُّه، و(ابنُ مُخدِّشٍ): رأْسُ الكَتِفِ، ويقالُ إنَّه النُّغْضُ أَيضً، و(ابنُ المُزْنةِ): الهِلالُ، و(ابنُ المَسَرَّةِ): غُصْنُ الرّيحانِ، و(ابنُ مِقْرَضٍ): حَيَوَان يُشْبِهُ ابنَ عِرْسٍ، لونُه أبيضُ يميلُ إلى الصّفرة، يصيدُ بعضَ الحَيَوَانات والطّيورِ، ج: بنات مقرض، و(ابنُ مِلاطٍ): العَضُدُ، و(ابنُ النَّخلةِ): الدَّنيءُ، و(ابنُ النَّعامةِ): عَظْمُ السّاقِ، عِرْقٌ في الرِّجْلِ، مَحَجَّةُ الطّريقِ، الفَرَسُ الفارِهُ، السَّاقي الّذي يكونُ على رأْسِ البئرِ، و(ابنُ أَوْبَرَ): الكَمْأةُ، و(ابنُ بَجْدَتِها وابن بُعْثُطِها وابن سُرْسُورها وابنُ ثَراها وابن مَدينتها وابن زَوْمَلَتِها): الرَّجُلُ العالِمُ بالشَّيء المُتْقِنُ، و(ابنُ هَيَّانَ وابنُ بَيَّانَ وابن هَيٍّ وابن بَيٍّ): الخَسِيسُ مِن النَّاس، و(ابنُ يَوْمِه): مَن لا يُفَكِّرُ في الغَدِ، و(ابْنا جَمِيرٍ وابْنا سُباتٍ): اللّيلُ والنّهارُ، و(ابْنا سَميرٍ): اللَّيلُ والنَّهارُ، لأنه يُسْمَرُ فيهما؛ يُقَالُ: (لا أَفْعَلُه ما سَمَرَ ابْنا سَميرٍ): أي أَبَدًا، و(أَبْناءُ الدَّهالِيزِ): الأَطْفَال اللُّقَطاءُ، و(الأَبنَاءُ): جمعُ ابنٍ، والنِّسبةُ إلى الأَبناء: بَنَوِيٌّ وأَبناوِيٌّ، (أو) أَولادُ قَومٍ من العَجَمِ سَكَنُوا اليَمَنَ وتَزَوَّجُوا في العَرَبِ.

في أدب الأطفالِ والنّاشئة

الحكايات والأشعارُ والأغاني كلّها عن الأبناءِ ولهم، وكلُّها تشجعُ على أن يكون الأولادُ مهذبينَ، مجتهدين، عصاميينَ، مطيعينَ لآبائهم ومعلميهم، عاملينَ صيفًا وأيام العُطَل للمساعدة في دفع أقساط مدارسِهم، منقذينَ إخوتِهم- كما في حكاية (الرّيحانة) لـ[روز غرَيِّب] التي أنقذَت فيها بطلة الحكايةِ أخاها، والتي وجدتْ القاصّةُ فيها تشابهًا و(شجرةَ العرعر) للأخوين غريم- كي يكونوا مثالًا إيجابيًّا لجمهور هذا الأدبِ.

إِمِلِي نَصْر الله

على أن هذا لا يعني أن الأدباءَ لم يصفوا من الأبناءِ إلا مَن يستحقُّ الثّناءَ، بل وصفوا “الأبناء الضّالّين”، على غرار ما فعلَ والدُ بطل قصة [إِمِلِي نَصْر الله] (المُغْتَرب الرّائد)؛ فاكتشفوا أن “الضّلال” أحيانًا وجهة نظرٍ، أو حُكْمٌ متسرّعٌ يدحضُه نجاحُ “الضّالّ”. على أنَّ الأمهاتِ أقلّ تسرعًا في إطلاقِ هذه الصّفةِ، فالأم بطلة قصة (السّجادة) لـ[روز غرَيِّب]، تدافعُ عن الابنِ المسافرِ الّذي لا يسألُ عن أمّه الأرملةَ رغم أنه يستحقُّ أن يوصف بالضّلالِ، بل تدّعي أنه أرسل لها ثمنَ السّجادةَ العجميةَ، وتخبئها له.

على أن أهم ما كتب في أدب الأطفال إلى (الابن) كتاب كامل كتبه الأب (أنيس فريحة) إلى ابنه رضا بعنوان: (اسمع يا رضا) وهو حديث طويل، متنوع، فكه أحيانًا، ومؤثِّر أخرى عبارة عن ذكريات “تزدحم” أحيانًا حتى يتلعثم الأب، أو “ينحرف عن الموضوع” لتعاقُبِها. ومن الأحاديث عن علاقة أبناء القرية- بالنّادر من الأشياءِ، كالعلاقة بالسُّكَّرِ مثلًا الذي لا يعتقد “أبناء اليوم” أن “أبناء البارحة” في القرى يعانون كي يحصلوا عليه: “كان السّكر، يا رضا، من أطايب  الدّنيا في طفولتِنا. وكانَ السّكر يأتينا نحن [اللّبنانيين] من الهند بشكل قوالبَ كبيرةٍ تشبه الهَرَم الاسطوانيَّ، ملفوفةً بورقٍ أزرقَ. كانت جدتك تأخذ القالب بيدِها اليسرى والفأسَ بيدها اليمنى كاسرةً القالبَ كما يكسر العمالُ الحجارةَ لرصف الطّريق. وكنا نجلس حولها فنلتقط القطع المتطايرةَ هنا وهناك، وجدتك تغض الطّرف. ثم كنا نلاحظ أين تخبئ السّكر […]. الّتينُ والزَّبيب والدِّبس للأولاد، أما السّكر، فللقهوة والغرباء. فإذا نسيت الماما الخزانة مفتوحة، أو إذا عثرنا على المفتاح، كنا نغزو علبة السّكر ونملأ جيوبنا ونذهب إلى الدَّوالي، فنأخذ حصرمًا ونفقأ الحصرمة ونعصرها فوق قطعة السّكر!” [ص: 132-133]. وإن كان الكتاب يهدف إلى تكريس الانتماء إلى القرية- الأم، فإن فيه مشاهد موجعة، كأن يتحدث الكاتب مثلًا عن جدة رضا وعلاقة الأم (بالابن) الذي جاءها نعيه. يقول: “كان لها ابن شابٌّ ركب البحر وذهب إلى مجاهل البرازيل. وبعد وصوله بيومين، مات فجُنَّت جدتك. فإذا ذكر البحر، بكت؛ وإذا غنى المغني: “يا بحر هَدّي الموج، فيك حبابنا”، بكت وبكت. فلم أعد أذكر لفظة البحر في حضرتها. ولكن شوقي لمعرفة البحر كان يزداد يومًا بعد يوم”. [ص42].

وهكذا نجد أهمية أن ينقل الآباء- أو الأجداد- وخاصة في أدب الأطفال والشَّباب- تجاربهم للأبناء كي لا تنقطعَ صلة الوصل بين ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم، خاصة فيما يتعلق بتراثهم.

مصادر البحث:

  • إيمان بقاعي: معجم أدب الأطفال والنّاشئة.
  • روز غريّب: الريحانة، مجموعة (نادرة والسّمكة)، سلسلة مجموعة قصص عالمية للأطفال. بيروت، دار الكتاب اللُّبناني، 1980. وهي حكاية فولكلورية اجتماعية سادت فيها الحوادث وحققت الصّورة العضوية المتوازنة عن طريق السَّرد المباشر.
  • إِمِلِي نَصْر الله: المغترب الرّائد، مج (روت لي الأيام). بيروت، دار الإبداع، ط1 1997. تروبويًّا ونفسيًّا: غير موجهة إلى عمر معين، خالية من اللَّوحات الدَّاخِلية، وتصميم الغلاف بريشة:  مهى نصر الله. تربويًّا: يجب تشجيع المراهقين على الاستقلال ورفض الواقع السَّيء. فنيًّا: حوادث اعتمدت على الحبكة العضوية، عبر السّرد الذاتي.  
  • رُوزْ غرَيِّبْ: السجادة، مج (النَّار الخفية). بيروت، بيت الحكمة، ط6: 1996. تربويًّا ونفسيًّا: القِصَّة غير موجهة إلى عمر معين، خالية من اللوحات الدَّاخِلية، وتصميم الغلاف بريشة:  رضوان الشّهال. تربويًّا: تحقق الهواية رضى ذاتيًّا قد لا تحققه الأساسيات. فنيًّا: قِصَّة حوادث اعتمدت على السَّرْد الذّاتيّ.
  • أنيس فريحة: اسمع يا رضا. بيروت، د.ت. تربويًّا ونفسيًّا: وجه الكاتب كتابه هذا “إلى الأولاد”، وهو مزين بلوحات كلاسيكية قروية بالأبيض والأسود، لرضوان الشّهال. تربويًّا: هدف الكاتب أن يحب الأولاد قراهم بعد أن يعرفهم عن كثب إليها. فنيًّا: يضم الكتاب، إلى جانب الذكريات، قصصًا عن شخصيات القرية وعاداتها وتقاليدها، مما يعني أن حبكته هي حبكة مفككة اعتمدت وحدتها على الشَّخْصِيَّة (شخصية الأب) وقصت عبر السَّرْد الذّاتيّ.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات