ولاد أبو إسماعيل

07:39 مساءً السبت 15 ديسمبر 2012
محمد فتحي

محمد فتحي

كاتب مصري، وأكاديمي وإعلامي، معد للبرامج التلفزيونية. وتنشر مقالاته في الصحف المصرية والعربية

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

الإنصاف مطلوب، فلا تهوين، ولا تهويل. قرأت عن اعتصام (حازمون) وبعض (السلفيين) عند مدينة الإنتاج الإعلامى كثيراً، ولم أفهم مشكلة أن يعتصم الناس سلمياً فى أى مكان للمطالبة بأى شىء محترم. هم يرون أن الإعلام يجب تطهيره، ويعتصمون من أجل ذلك. حقهم، صحيح لم يقولوا لنا كيف يمكن تطهيره، هل بالمنع والحجب مثلاً أم بالترهيب والتهديد باقتحام مدينة الإنتاج الإعلامى أم بالحصار المستمر فى صورة اعتصام؟ ثم إنهم لم يحددوا لنا أى إعلام وجب تطهيره، وهل هو إعلام الفتنة -كما يسمونه- فقط، أم إعلام قلة الأدب وقذف المحصنات وتهديد المعارضين بالسحل؟ وهو ما يحدث فى القنوات الدينية التى يشاهدونها، ويعتبرونها خط دفاع مهما عن الدين والشريعة والشرعية؟!!! ثم يأتى السؤال عن التوقيت ومغزاه، وعن ترتيب أولويات معتصمى مدينة الإنتاج الإعلامى بإشارة من حازم أبوإسماعيل الذين يحبونه لدرجة يمكن لعلماء النفس تفسيرها، ولا لوم على المحب أبداً، هم أحرار، ونطلع إحنا منها، لكن طرح هذه الأسئلة مهم.

لم يعجبنى كذلك التهويل لما يقومون به فى اعتصامهم، وإشاعات البعض أنهم سيعتدون على الإعلامى فلان أو علان، من الذين يناصبونهم العداء، لمواقف سياسية فى الأساس وليس لوجه الله تعالى، فالمخالف لمشروعهم، والمنتقد له يصبح مخالفاً للدين والشريعة، ولا يريد لشرع الله أن يحكم، وبالتالى يصبح الهجوم والتهجم عليه حلالاً وجهاداً فى سبيل الله، لكن حقيقة الأمر، شئت أم أبيت، أن كل من يهددونهم لم يحدث لهم أى شىء حتى الآن اللهم إلا الترهيب المستمر لهم.

منذ يومين ذهبت لمدينة الإنتاج الإعلامى مع صديقى الإعلامى شريف عامر. دخلنا من بوابة 2 التى نقل إليها حازمون اعتصامهم. كانوا يرفعون اللافتات مطالبين بتطهير الإعلام، ولمح أحدهم شريف عامر -ولم يكن ملتحياً وبالتالى أستنتج أنه مشجع وليس سلفياً- فتوجه له وصرخ فى وجهه: قول الحق.. قول الحق ولو مرة واحدة فى حياتك!! ابتسم شريف فى ود وهو يقول له: حاضر.. إن شاء الله، قبل أن يتركه ويمضى دون أى مشكلة. شريف إعلامى محترم من الذين لا يناضلون على الشاشة أو يطرحون رأيهم فى أى موضوع يقدمونه، هو بالنسبة لى نموذج يكاد ينقرض من الإعلاميين المهنيين الذى يحاول أن (يشتغل الشغلانة صح)، كما أنه ليس فى القائمة السوداء التى تداولوها أصلاً، وبالتالى يصبح السؤال هو: أين الحق الذى لم يقله شريف عامر مرة واحدة فى حياته؟

ماشى الحال.. اتصلت بأستاذى إبراهيم عيسى مطمئناً عليه فقال لى إنه فى طريقه للمدينة، وإن أحداً لم يتعرض له حتى الآن، وما إن حكيت له الموقف الذى حدث مع شريف حتى انفجر ضاحكاً وهو يقول: بيقولوا كده لشريف؟؟؟ أمال هيقولولى أنا إيه؟؟ ضحكت وأنا أقول له إنهم لن يقولوا، بس هيشاوروا، وفى نفس اليوم قدم عيسى حلقته، وقدم عمرو أديب حلقته، ولم يصب أيهما بأى سوء.

كنت على وشك أن أصدق أن الإعلام و«تويتر» يظلم اعتصام أولاد أبوإسماعيل الذين لم يفعل منهم أحد حتى الآن ما يستوجب الخوف والقلق والتهويل، حتى الخبر الخاص بسحل أمين شرطة على أيديهم لم يؤكده أحد، ولم تصدر الداخلية عنه بيانا، لكن جاءتنى عدة أخبار حقيقية وموثقة وهى الاعتداء على زميل لنا فى «الوطن» «عبد العزيز الخطيب» أثناء تغطيته للاعتصام فى وجود جمال صابر الذى كان الإعلام -وربما لهذا وجب تطهيره- يتسابق لاستضافته إذا عجز عن الوصول لحازم أبوإسماعيل، وطردته مذيعة على الهواء ذات مرة، ولم يتدخل لمنع الاعتداء على زميلنا، ثم التعدى على زميلتنا رضوى الشاذلى وزميلنا أحمد الريدى من جريدة التحرير، إضافة إلى (الحمامات) التى بناها أولاد أبوإسماعيل، وسرقة (مياه) المنطقة بهذا الشكل الذى أرجو أن يفتينا فيه أحد مشايخ السلفية نفسها، دون أن يبغبغ أحدهم (هو كان حلو لما ممدوح حمزة بناها فى التحرير)، لأنه فعل ذلك وقت (ثورة) وفى ميدان يتوافد عليه (ملايين)، ثم كانت الواقعة الأخيرة المتعلقة بذبح أحد العجول والدماء التى لوثت المكان، رغم أن النظافة من الإيمان.

«حازمون» يفعلون نفس ما يفعله الجميع إذن. يضيعون سلمية اعتصامهم بتصرفات حمقاء، ويستفزون الناس لكرههم، ولا يريدون أن يفهموا أن ما يفعلونه مجرد حلقة أخرى من مسلسل عبثى لا ينتهى أصبح أولاد أبوإسماعيل ضيوفاً دائمين عليه.. يا خسارة.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات