أفتح نافذة ذاكرتي وأنظر في أعماق أيامي . فمن سرور أيامي وسعادتي أنها جمعتني وعرفتني على شخصية فنية طربية من طراز ثقافي مختلف ومميز:
سماحة العلامة العلم شيخ الطرب الشيخ امام عيسى .

تغذينا على صوته وموسيقاه لفترة زمنية طويلة. تغذينا نحن ابناء الجيل المهزوم بهزيمة حكامنا العرب .وللأسف ما زالت الهزائم تتوالى على الاجيال التي تلتنا . المهم ، كانت بمثابة مرحلة تكونت فيها ثقافتنا وذائقتنا الغنائية. كنا نستمع للشيخ امام في الليل والنهار وفي العرزال وفي المدينة. وكنا نحلم باللقاء به. واستجاب لنا الظرف والتقينا بسماحته. فقد زارنا في بيروت ولبنان ومكث اشهرا يجوب البلاد بغنائه الدسم.ومن حسن حظي أنني أمضيت معه كل الوقت. أمضيتُ أوقاتاً كثيرة برفقته في رحاب المعرفة والمناقشة الراقية والغناء الذي شحنني بكل دسامة الأمل والحب.وفي كل لقاء معه كنت أشتاق للجلسة التالية معه . وكانت أجمل وأمتع أيام حياتي.

إسماعيل فقيه والشيخ إمام (صورة تذكارية)

في زيارته الى لبنان قبل ربع قرب مكث وتجول الشيخ امام في اغلب المدن والقرى اللبنانية.امضى ما يزيد عن الشهر في المكان اللبناني،مغرداً عازفا ناطقا بالبهجة الكبرى.ومن حسن حظي انني رافقته طيلة تلك المدة الزمنية؛وتعرفت عليه عن كثب وزاد تعلقي به وبفنه الملتزم وموسيقاه الراقية. ودخلت الى اعماق فكره وروحه وعقله،وكم كانت بصيرته ثاقبة وبليغة وجامحة.

عن عماه كان يقول “انا لست أعمى انني أرى كل ترونه واسمع كل ما تسمعونه.بل انني متفوق بالبصر وأرى الأرض كيف تدور وعذاب الانسان كيف يعرش ويرتفع..”
وعن فنه الملتزم كان يقول،”انا اغني الحياة والانسان.اعزف على وتر الامل وانشد لحن السعادة.ومهما كانت كلماتي والحاني عابقة بالجنائزية فهي ليست كذلك. انها الحان الروح الحالمة بغد أفضل..”
وعن عذاب البشر في ارضهم الخييرة كان يقول” الارض لمن يحرثها والغيوم لمن يغتسل بمطرها والسماء للمعذبين في الارض..“

كلام وأفكار ومواقف كثيرة اباح بها الشيخ الراحل .وكان ملك الكلام وسيدة الحكمة.ولم يتردد بمعانقتي في كل لقاء وجلسة تجمعنا.وكنت ارد له العناق كأني أعصره من شدة التلاقي معه..أبكاني كثيرا بالحديث عن عذابات البشر،واضحكني اكثر بحديثه عن الامل والفرح والموسيقى والفن والشعر.
مشتاق لك يا شيخي امام عيسى.

Tweet