مروان صالح … شاعر كتب بالخشب، صادق الشجر والتراب… وغاب

06:23 صباحًا الخميس 4 مارس 2021
اسماعيل فقيه

اسماعيل فقيه

شاعر وكاتب وصحافي من لبنان

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print
رسالة بيروت – إسماعيل فقيه

مروان صالح ، مبدع كبير من بلادي (1952-1999) لم يُتِح له القدر سوى حقبةٍ قصيرة من الإبداع، فقطفه الموت شابّاً وهو في ذروة العطاء. اختطّ مروان لنفسه أسلوباً في النحت ومساراً جعلا منه رائداً في مجاله، فمنحوتاته كلّها مادّتها الخشب فقط، خشب الزيتون في الغالب. مرّ مروان في دنيا النحت في لبنان مرور نجمة وقوس قزح: لمع نجمُه في ثمانيات وتسعينيات القرن الماضي، وما لبث أن أفل نجمه برحيله المفاجئ. ولكن أثره باقٍ تحكي عنه منحوتاته المبدعة الموزّعة بين متحفٍ هنا، ومركزٍ هناك.
“لقد كان عمراً قصيراً، وموتاً طويلاً” كانت هذه آخر كلماته، يردّدها على فراش العذاب والموت، ومعها أسلم الروح .وهي تختصرُ بحقّ مسار شابّ طرق باب الخلود، عاش فنّاناً فقيراً، ومات فنّاناً كبيراً.
كان صديقي وما زال صديقي، لم يلغه الموت من ايامي وحياتي.
وكي لا ننسى هذا المبدع اللبناني الرائد كان لا بد لي من فتح باب ذكراه على مداه:

أبصر مروان النور في قريته كفور العربي، وهي ضيعة نائية من جرود البترون في شمال لبنان. وكان لها، ولوالده الشاعر الزجلي سمعان صالح، أثرٌ بالغ في نشأته. أما سنة ولادته فهي 1952 كما يشهد شقيقه ورفيق دربه سمير.
ويطلعنا سمير على أقوال واحاديث شقيقه ،عن قريته يقول مروان: “أنا ابن منطقة جردية نائية بعيدة عن المدن الرئيسية. فحتى العام 1965 لم تصل الطريق إليها. أي لم نكن نرى السيّارات. وحياة العزلة الاجتماعية جعلتنا نركّز فيها على الجمالات الطبيعية وتنويعاتها: تكوّر الصخور، انتصاب الجبال، وتكوّم الثلوج…عناصر دأبَت على تحريكِ مشاعرنا، فقوّةُ العواصف كانت تجنح بنا إلى أقصى الشاعرية والفكرية المثالية. كما كانت عوامل الحثّ الطبيعي تدعونا قصراً لولوج عالم النحت. فالجبال والصخور كانت تتجلّى أعمالاً إبداعية ومنحوتات متقنة الصنع. أذكر أنّني كنتُ أتدارس تلك الأشكال الطبيعية كما أنكبّ حالياً على دراسة المنحوتات والتماثيل التي أواجهها.”
قريته النائية، وعزلته التأملية الاضطرارية فيها جعلت منه مشروع فنّانٍ نحّات.(يقول سمير)

وعن والده الشاعر سمعان صالح وأثره فيه يشهد مروان : “ربيتُ في كنف والد شاعر زجل، أورثنا شيئين: الفقر، والصدق. كان يربّينا على مبادئ “لا تسرقوا، لا تؤذوا” وكأن من العيب أن نقبض المال من أحد. وفي لاوعينا رسخنا تحت تربيتين متشابهتين في جوهر الإنسان: الاشتراكية، والمسيحية، هذا مع قِلّة تديّننا. غير أنّنا تحت وطأة الأخلاق المسيحية الإنسانية. هذا أثّر في وعينا ولاوعينا، مع قلّة اتّجاهنا ناحية الالتزامات”.

ويضيف مروان: “أثر والدي كبير فيّ. دفعني نحو الثقافة والفنّ. منه أخذتُ الفكر المتحرّر، والابتعاد عن الصراعات العائلية والطائفية. كان يرشدني إلى الجماليات الفنّية، أي أنه ساهم في تكوين ثقافتي الفنّية والفكرية والإنسانية. إضافة لكلّ ذلك ورثتُ منه الفقر، والرغبة بأن أكون الضحية بدلاً من القاتل”.
لم يكن نصيب مروان من الدراسة وافراً. ترك المدرسة قبل أن يُنهي المرحلة التكميلية. وبالمقابل كان مدمناً على القراءة، وكان جبران أديبه المفضّل. وعمل في النجارة وحفر الخشب، وقد مهّدت له مهنته هذه الطريق إلى النحت. وعشقه للخشب حكاية قديمة بدأت مع شروده طفلاً بين أشجار قريته وغاباتها، وتنشّق أريجها.
وإذا كان والده أستاذه الأول، فالثاني كان المخرج والكاتب الراحل جلال خوري (1933-2017). جمعتهما الماركسية، وكان مروان بمثابة مرافق لهذا الفنّان، وشارك في عدد من أعماله المسرحية، وأسكنه جلال في بيت له على البحر في الصفرا/كسروان كان محترفاً وصومعة له.
يقول مروان على لسان شقيقه: “بعد حرب الجبل [1983] تكرّم علينا الأستاذ جلال خوري بالبيت، وهناك وجدتُ الحرّية والهدوء للشغل. ومن يومها بدأتْ المرحلة الجدّية عندي في النحت”.
وفي وصيّته تطالعنا العبارة الأولى: “أنا جبراني، أحبّ الوعر أحياناً كثيرة، ولا أحبّ الناس”.
كان لجبران خليل جبران أثرٌ حاسم في نشأة نحّاتنا الفكرية والفنّية في آن. وقد استلهم من جبران الأسلوب: أجسام عارية وسابحة في الفضاء، وحركة صاعدة إلى الأعلى. فبين رسومات جبران ومنحوتات مروان وشائج قربى واضحة: الجوّ الصوفيّ واحد، والأسلوبان متشابهان.
ولا ينكر النحّات هذا الأثر، ولكنه يرى أنه فكريّ أكثر ممّا هو فنّي. يقول في حديث إلى النهار العربي والدولي (ك1/1989): “منذ وعيتُ ثقافياً أحببتُ جبران بشكل غريب، حتى إنهم كانوا في قريتي يلقّبونني بجبران. ولا أنكر أنه أثّر فيّ وطبعني بطابعه من الناحية الثقافية”.
ويضيف مروان: “الناحية الثقافية بلورت فيّ الناحية الفنّية. الانعتاق والأثير أثّرا على الفكرة أكثر من الأسلوب. قد تجد انعكاساً للأشكال الجبرانية أحياناً، ولكنه لا يتعدّى إطار الاستيحاء. فلي أسلوبي الشخصي الذي بدأ يترسّخ”.
وفي حديث آخر (الشراع، 24/5/1993)، يعود مروان إلى الأثر الجبراني، فيقول: “كان تأثير جبران عليّ كبيراً منذ الطفولة، لدرجة أنه من باب التحبّب كان أصدقائي ينادونني بلقب الجبراني. التحرّر الفكري، والميل للتعمّق المثالي، والفكرة الفنّية المنادية للسموّ والارتقاء والانعتاق من عالم المادّة نحو الأثير…كانت من التأثيرات الواعية أو غير الواعية التي تبنّيتها في قراءاتي له”.
ورافقه اللقب حتى الرمق الأخير. فهو في وصيّته الآنفة الذكر يكرّره مراراً: “أنا جبراني، حين أموت أوصيكم أن لا يدفنني رجل دين أرضيّ. أوصيكم أن لا يصلّوا عليّ، أن لا يبكوا عليّ.”
فمن جبران استمدّ نحّاتُنا الثورة على الإكليروس. وهو يعيدُ التأكيد على جبرانيّته اللاكهنوتية في آخر الوصية: “أنا جبراني. إذا كان لا بدّ من أن تدفنوا جسدي على طريقتكم، فإنكم لن تمسكوا روحي. فهي طليقة لا تموت. أوصيكم أن تسرقوني بعد موتي، وتضعوني تحت صخور كفور العربي حتى إنني أعرف تحت أي صخرة أرتاح، ولا يزعجني رجال دينكم الأرضي”
ومعرض مروان الانفرادي الثاني والأخير اقتبس عنوانه من عنوان كتاب لجبران: “الأرواح المتمرّدة”.
ولكن جبران لم يكن المؤثّر الوحيد. فصديقه النحات والرسّام اللبناني يوسف الحويك (1883-1962). كان له دوره في تطوّر شخصية مروان الفنّية. ومعروف أن جبران هو من شجّع صديقه الحويّك على التكرّس للنحت. وكان والد مروان صديقاً للحويّك. يقول مروان في حديث صحافي: “بين بشرّي وعُورة، أي بين قرية جبران وقرية النحات يوسف الحويّك نشأت…أما الحويك فقد جاءني تأثيره عبر والدي صديقه، ومن الجوار. شاهدتُ صوراً عن تماثيله، وقرأتُ عنه كونه جاور جبران. وحاولتُ أن أعمل بفكرة السموّ والارتقاء ووحدة الوجود مستلهماً جبران والحويّك”..
ونحّات لبناني آخر كان له أثر في مروان. إنه ميشال بصبوص وإخوته. يقول نحّاتنا ملخّصاً تأثراته بسابقِيه اللبنانيين (الديار، 13/1/1994): “أبي كان يعرف يوسف الحويك، وتعرّفتُ على أعماله، وبدأت أحبّ النحت من وقتها. ثم تأثرتُ بالبصابصة. كان بصبوص يقيم المعارض في الهواء الطلق أمام الستاركو وبالحديقة بالجديدة، وكنّا نهرب من الشغل اليومي إلى المعارض. ولكن التأثير الأساسي هو من جوّ البيت وحبّ الشعر والفكر والفن”

ويختصر مروان لجريدة الحياة (28/9/1992) تأثراته بسابقِيه من النحّاتين كالتالي: “تأثرتُ بيوسف الحويّك، اعتبره رائداً. ثم تعرّفتُ بميشال بصبوص، وأخذتني نزعته التجديدية. وكان جبران طريقي إلى رودان ونحته. وأحبّ أعمال هنري مور…طبعاً رأيتها في الكتب والمجلّات. فأنا لم أخرج من لبنان”.
والخلاصة، فجبران أولاً، ثم الحويك وبصبوص تلك هي مصادر النحت المرواني، وتتوّجها نشأةٌ قروية في الطبيعة، وبيتٌ يعبقُ بالفكر الماركسي وقضايا المعذّبين…
إنها المنابع، ومنها انطلق نحّاتُنا ليشقّ طريقه، ويطوّر أسلوباً مميّزاً يخرج عن التصنيفات والمدارس، وفي ذلك يقول: “لا أقرّ بالتصنيفات. عملتُ جهدي ليكون لي أسلوبي الخاصّ. تأثري الأساسي ثقافي فكري، أكثر منه تقني وفني. وأفكارُ جبران وأسلوبه أثّرت فيّ.”
مروان شاعر الخشب.شاعر الطبيعة والشجر.
وثمّة إشكالية بارزة تطرحُ نفسها بإلحاح عند دراسة نتاج مروان: لِمَ اقتصرت كل منحوتاته على الخشب حصراً؟
وجواب مروان جاهز : “أنا من ضيعة زراعية، نعيش مع الخشب العمر كلّه: سقوفُ بيوتنا، مقاعدُنا، أسرّتنا، نعوشنا كلّها خشب، إنها رحلةُ العمر”.
وفي وصيّته الآنفة الذكر نشيدُ حبٍّ للخشب، يقول مروان: “الخشب عالم من الروح الهائمة في العُلى. وعالم من المادّة المنزرعة في أعماق التراب، وفي أعصاب الجسد.”
والخشب كالزهر يرافق المرء في كلّ أدوار حياتِه، يردف مروان: “سريري حين ولدتُ شممتُ رائحةَ خشبه. أبوابُ بيتي، شبابيكي، تماثيلي، تابوتي كلّها من خشب”.
دورةٌ كاملة من الحياة يقضيها الإنسان برفقة الخشب: مادّة نبيلة ترافقه من المهد إلى اللحد. يحبّها، فتحبّه، وتبادله ودّاً بودّ. يضيف مروان: “هذه الأشجار التي تحبّنا. طاولتي التي آكل عليها. شجر الزيتون. شجر الصنوبر. رائحة الهواء في كفور العربي كلّها من الخشب”.
من هذه الوصية نفقه خيار مروان الفنّي. آثر الخشب على الحجر. فللخشب قلبٌ يحنو، وليس هو بتاتاً كقلب الحجر. وفي الخشب قدرةٌ على التعبير عن عواطف الإنسان وشطحاته وانفعالاته ليست في الحجر. وفي الخشب حياةٌ ليست في الحجر!
وعلاقة الأخوّة هذه بين الفنّان والخشب جعلته يختار هذا الأخير مادّةً لفنّه. ويؤكّد مروان على علاقة العشق هذه التي تشدّه إلى الخشب، فيقول في حديث إلى الديار (11/11/1994): “هناك نوع من المودّة بيني وبين مادّتي. بيني وبين الخشب. وكأنّي تزوّجته بعد أن أحببته”.
ويصل نحّاتنا إلى حدّ تشخيص الخشب، يقول لمجلة النقطة : “للخشب مسامات مثل مسامات اليد والجسد. والعيش بين الأخشاب هو كالعيش بين الناس.”
لقد غدا الخشب عالمه، وأغناه إلى حدّ ما عن عالم الناس. وهو في فنّه يحاور الخشب، يستنطقه، ويُخرج منه الأشكال والأحاسيس التي رآها فيه. يقول: “أحبّ الخشب لطراوته والحرارة والحيوية. أتفاهم مع الخشب. لم أتعامل حتى الآن مع الصخر. أحسّه بارداً لا يتجاوبُ معي”.
أما ما يؤثره من أنواع الخشب، فيبدو أن نحّاتنا قد آخى الزيتون، عشقه وشخّصه، فوجد بينه وبين الإنسان شبهاً واضحاً وتفاعلاً وقرابة. يقول للديار (13/1/1994): “أفضّل الزيتون لأنه خشب شكله جميل ومطواع للعمل، وألطف وأرقّ من غيره، وعِرقه يشبه جسمَ الإنسان ومسامَه. ومن الناحية الوجدانية فالزيتون قريبٌ من الإنسان. استعملتُ الأرز والتوت. وليس كلّ الخشب قابل للنحت. ويبقى الزيتون الأفضل”.
وقد التقَتْ أكثر الأديان على تقديس هذه الشجرة. فجعلَتْ منها التوراة رمز السلام والأمان وعهد الله إلى الإنسان عندما حملت حمامة نوح غصن الزيتون مبشّرة بنهاية الطوفان (تكوين8/11) وفي الإنجيل استُقبل المسيح في أحد الشعانين بأغصان الزيتون، والزيتون رمزٌ له. وفي القرآن: {زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار} (النور/34).
ويحنو نحّاتنا على أغصان الشجر حنوّ أمّ على وليدها، فلا يكسرُ غصناً أخضر، يقول في حديث إلى نداء الوطن : “أنا أستعملُ الجذعَ اليابس المنسلخ عن أمّه، ولا أعمدُ إلى قطعه. أتناولُه مكسوراً من الأرض. فالشجرة حياة جمال واخضرار”.
ولو لم يسمع المرء من مروان وعنه سوى هذه العبارة، لكانت كافية ليوقن أن الأمر يتعلّق بفنّان مرهفٍ وأصيل.

ويردف مروان في حديثه: “أعمدُ إلى اختيار الخشبة التي مرّ عليها عامل الزمن، لئلا تتشقّق لاحقاً، ثمّ أعملُ على حفرها وصياغتها”.
نشأ مروان في منزل شاعر زجّال مبدع. ومن هنا نزعته المبكرة إلى الشعر.يقول (الدولية، 7/12/1994): “بدأتُ النحت كهواية، ولم أفكّر يوماً بأنّني سأصل إلى الاحتراف…كنتُ أظنّ أنّني سأصبح شاعراً. فالشعر هو الحسّ، وهو وراء كلّ إبداعٍ فنّي. عملتُ بتأثيرات شعرية، ولم أكن واقعيّاً. كنتُ أفتّش عن عوالم مثالية ولامحدودة، ربّما غير موجودة، ولكنّني فتّشتُ عنها”.
ويقول لمجلّة لبنان 90 (م. س): “في فترة الشباب حاولتُ كتابة الشعر، فلم أنجح. وبالصدفة اكتشفتُ النحت، ولذلك أحاولُ أن أضعَ الشعرَ في النحت”.
ولعلّ بضاعته المحدودة من الدراسة لم تسمح له بأن يصير الشاعر الذي يحلم، فكان النحتُ تعويضاً، أو تحويلاً للحلم! يقول في حديث إلى الديار (11/11/1994): “إن لم أعبّر بالخشب كنتُ سأعبّر بالشعر. وبطبيعتي لا أحبّ التنويع، ولا أحسّ أنني متعدّد المواهب، بل أكره هذه المسألة”. فلأنه أحاديّ المواهب حوّل موهبته الشعرية التي لم تعبّر عن ذاتها إلى النحت. لذا بقي العمل الفنّي في عُرفه وتجربته قصيدة، يقول (م.ن): “يلازمني على الدوام الشعور وأنا أنحت، بأنّي أكتب”
وولادةُ المنحوتة كولادة القصيدة، يقول (النقطة، م. س): “الجمالُ هو تراكمات خيبات الأمل الشخصية والجماعية، وحبّنا وفشلنا. أن تحمل في داخلك خيال امرأة ولا تجدها. حلمٌ بالمثال نبحث عنه، نصطدم بالواقع…حينها أركضُ صوب الخشبة، أحاولُ أن أرسم أن أحفر ما رأيت كلّ ما أحسستُ خيالاً لامرأة غير موجودة”.
والإلهام الفنّي يوازي الوحي الشعري، يقول مروان للنهار العربي والدولي (م. س): “تملكني حالة هي أشبه بالحلم. لعلّها ما يتملّك الشاعر في لحظات وحيه. ربّما لأنّني عاجزٌ عن التعبير بالكتابة عبّرتُ بالإزميل”.
ويحكي مروان عن تجربة الإبداع في النحت، فإذا هي تجربة شعرية بامتياز. يقول لجريدة الحياة (28/9/1992): “لا أحضّر قبل الشروع في النحت. لا تصوّر مسبقاً للمنحوتة. حين أُمسك الإزميل أدخل حالة غامضة، ضبابية بين اللاوعي والوعي، لا أعرف ما هي. لكنّني أنحت. أشتغلُ حسب المزاج. والصباحات أفضل أوقات العمل. لا أسمعُ سوى البحر. إنه صديق، ولا أحبُّه هادئاً”. ويضيف عن صديقه البحر: “العاصفة اعتدتُ عليها. لا تؤذيني حين تهبّ من البحر. أدخلُ إلى صومعتي، أنحت، أكثر الأحيان أسافرُ في داخلي، وأُصغي للعاصفة”.
معاناة الخلق الفنّي واحدة. بعضهم يرسمُ بالكلمات، وبعضهم بالفرشاة، وآخر بالإزميل…
عندما بدأ مروان نحت الخشب لم يكن هذا النمط جدّ مألوف في لبنان. وهو إلى ذلك اختطّ فيه أسلوباً مميّزاً مبتكراً أسماه “أنسنة الخشب”. ويؤكّد أنه، في فنّه، لم يكن اتّباعياً، ولم ينتمِ إلى أي مدرسة. ففي حديث إلى الديار (11/11/1994) يقول: “لستُ سليل تجربة فنّية، قد أكون سليل تقنية ما. إن تجربتي تتعلّق بالحدث والهاجس المتراكم. أعملُ تحت تأثير حالتين تجمعان الوعي واللاوعي في آن”..

One Response to مروان صالح … شاعر كتب بالخشب، صادق الشجر والتراب… وغاب

  1. محمد درويش الاعلامي الشاعر رد

    5 مارس, 2021 at 2:05 م

    سرد جميل قام بكتابته الشاعر الجميل اسماعيل فقيه عن فنان جميل عاش لفنه واعطى بجمالية كاملة كل ما لديه من اجل فن راقي انه مروان صالح …

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات