جاك هيرشمان: قصائد وشهادات مصرية

01:21 مساءً الإثنين 1 نوفمبر 2021
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

https://issuu.com/home/published/jack_hirschman_final


برعاية حركة الشعر العالمية صدر عدد خاص من (انطولوجيا) ضمن سلسلة إبداعات طريق الحرير بعنوان (جاك هيرشمان: قصائد وشهادات مصرية، وذلك تحية للشاعر الأمريكي الكبير الذي رحل في أغسطس الماضي (1933 – 2021)، وخلال شهر أكتوبر الذي خصصته الحركة لإحياء منجزه.

الأنطولوجيا التي حررها أشرف أبو اليزيد، ورسم غلافها الفنان د. ياسين حراز، جاء في مقدمتها للشاعر  فرناندو ريندون أحد مؤسسي حركة الشعر العالمية، وبعنوان ( حيوية حضور وغياب جاك هيرشمان): ” في يوليو 2011 في ميديلين، أنا وجاك هيرشمان، برفقة باس كواكمان، مدير  مهرجان روتردام الدولي للشعر Poetry International Rotterdam، وبيتر رورفيك، مدير الشعر أفريقيا Poetry Africa، وآتاول بيرماجلو Ataol Behramoglu، وأليكس بوسيديسAlex Pausides و راتي ساكسينا Rati Saxena، داعين لتأسيس حركة الشعر العالمية (WPM) خلال أسبوع مليء بالحيوية من المناقشات، مع نحو ثلاثين من مديري مهرجانات الشعر من جميع أنحاء العالم.

أدى ذلك إلى عقد من الأعمال الشعرية العالمية من أجل كوكب بلا حرب، عالم بلا جدران، تضامن مع المهاجرين. في الجوهر، كنا محكومين بالتصميم على تعزيز ثورة شعرية عالمية تدريجية، وتصعيد للأعمال الشعرية والروحية الواسعة، وتشجيع إنشاء وتلاقي المهرجانات والمشاريع في كل مكان.”

القصائد كتبها الشعراء السيد الخميسي (وجهك والحزن)، ومصطفى عبادة (دروبار يمور)، وديمة محمود (موت شاعر)، ومروة نبيل (أقدم لكم)، و(مـحمد حسني عليوة ( مذكرة تفصيلية لترتيب جنازة دافئة لرفيق)، ومؤمن سمير  (نظرةُ العم “جاك هيرشمان” )، ود. كريم الصيّاد ( كَسْرَةُ البَرَامِثَة)، ود. محمد عبد السلام عبد الصادق (  مرثية منقوصة لموت غير مؤكد)، وطارق عبد الوهاب جادو ( همس)، ومحمد الكفراوي ( هَلُمّ)، ود. بشير رفعت ( الخلايا النائمة)، وأشرف أبو اليزيد ( ألف مصباح ومصباح لجاك هيرشمان!)، والفنان أمير وهيب ( و داعا جاك هيرشمان)، وضم نلحق الأنطولوجيا ألبوم صور جاك هيرشمان ، خصص معظمه لملصقات فعاليات أكتوبر التي أحيت ذكرى الشاعر الراحل ومنجزه الكبير.

يقول الشاعر السيد الخميسي في قصيدته “وجهك والحزن”:

يذكرني الحزن وجهك عند الرحيل

يذكرني الموج

والملح

وانكسار الهدير

يذكرني الخيل

وقت الصباح

يمزقها الشوق واحتباس الصهيل

                      -٢-

هو الاغتراب الذي تكرهين

هي الحرب بينك والانتظار

فكم تغزلين

وكم تنقضين الذي تغزلين

وكم راودتك ملوك التتار

فيا قطعة من فؤادي الحزين

متى تسأمين

متى تفهمين

بان الذي رصدته النبوءات قد لا يعود

ويكتب الشاعر مصطفى عبادة في قصيدته “دروبار يمور”:

أنا الجندى الخائب فى التنشين

يُقالُ لى دائماً

إلى الأسْفَل قليلاً

أعلى سنتيمترات

كُنْ فى المُنتْصفِ تماماً،

عُوقبتُ فى أوّل تدريبٍ

بطلوعِ الجبلِ خمسَ مراتٍ

وقيل لى

فكِّر فى دروباريمور

ليهونَ الأمر.

وفي قصيدتها “ موت شاعر” التي استهلتها بإهداء  إلى روح طائر الشعر الشعبي الذي قضى عمره مندّداً بالرأسمالية وتوحّشها ومناصراً لقضايا الحريّة والعدالة واعتنق الحب والشعر أداة للثقافة والتغيير والتحرّر: الشاعر جاك هيرشمان، تكتب الشاعرة ديمة محمود:

سمعتُ أنّ شاعراً بالقرب قد جثم في فوّهةِ الموت

لا أعرفُه

لكن الصريرَ الذي صكّ أطرافي

كان مُنذراً بالفراغ من حولي

ربما لأن مجسّات الموت تلوحُ في مخيلتي في كل اتجاهٍ لا ترحم

تعبّىءُ بالمجان أطفالاً ومراهقين وجميلاتٍ

وفقراء وباعة عرباتِ  وكهولاً وعشاقاً ومثليين  

وتفرغُهم في مقالب الجماجم والشواهد والهياكل العظمية

وتقصقصُ من رايات الاستسلام أكفاناً ونعوشاً رديئة.

وتحت عنوان ” أقدم لكم” نقرأ للشاعرة مروة نبيل:

 لا تبحثُوا عنّي في صناديقَ ؛

أعرفُ ما في كل صُندوقٍ رميتُهُ

لستُ وردة ليتركني الكتابُ أتجفَّفُ فيه.

احتفيتُ بِجَسدي

استدرجتهُ إلى العدمِ

وحين سجدتُ؛

صرتُ بِركةً من طينٍ

احترسوا من الكَعْكِ الذي يُقدمهُ المَسا ءُ

ناموا بلا لغةٍ ليفتَقدَكُم الشِّعرُ

ويضمّن الشاعر مـحمد حسني عليوة قصيدته “مذكرة تفصيلية لترتيب جنازة دافئة لرفيق” إشارات إلى قصائد هيرشمان:

كلماتك هي “الخطوط الأمامية”

للشاعر الذي عبأ الثورات في جيبِ معطفهِ الرّث

وانتقل لرحمةِ الطقس

(في عالمٍ بلا مأوى)

تصيح فيه البنادق المُشهَرة للأفواهِ

وتمشي فيه المجنزراتُ فوق صقيع الصدور.

ويختار الشاعر مؤمن سمير أن يحدثنا عن نظرةُ العم “جاك هيرشمان”:

كنتُ عالقاً في المصعدِ

صامتاً

عاجزاً حتى عن رسمِ

ملامحِ أمي

منتظراً للموت بإخلاصِ المحبين

عندما دخل العم “جاك هيرشمان”..

قال مُضَيِّقاً ما بين حاجبيهِ

بعد أن اخترقت أصابعهُ كتفيَّ

أين صوتكَ أيها التعس

هل أحرَقت الشمسُ لسانكَ

أم أنهُ تشقق بعد انحسار الطوفان؟

ألم يهمس لك البار مان

بعد أن فرغت الحانة

ولم يعد هناك بحارة لجرجرتك للخارج

بأن العاجزَ قاتلٌ بلا ظِل؟

 ويهدي الشاعر د. كريم الصيّاد قصيدته “كَسْرَةُ البَرَامِثَة” إلى روح الشاعر العظيم جاك هيرشمان:

نحن سارقو النار من (تحرير المدينة).

نحن من منحناها قداحاتٍ وكبريتًا لربات البيوت،

فأبين أن يشعلنها،           

والتففن حول شيوخ زيوس،

وقنواته الفضائية.

نحن الخاسرون أكبادنا في مظاهرات الخبز والحرية.

نحن جيل من الآلهة المكسورة،

التي ترمم حطامها في طَرْطاروس الثورة.

نحن الذين كرهنا آباءنا؛ لأنهم ولدونا،

ولأنهم عبدوا قاتلينا.

نحن آلهة الغسَق،

حين تغرب الشمس في غيمة القنابل الدخانية.

نحن آلهة الليل،

حين يطفئ الآلهة المنتصرون محطات الكهرباء.

نحن آلهة الرماد،

في شَعْب الجثث المحترقة.

نحن آلهة العدم،

حين يخلق المنتصرون عالمهم الجديد.

نحن آلهة المشارح والسجون،

والمنفى والمهجَر،

والاكتئاب البطولي المخيف.

نحن الشياطين،

حين يفرض المنتصرون مذاهب الواحدية،

والذين يتعوذ الناس منهم،

ويهتفون للرخ العابس على علم الدولة،

وعلى أكتاف الجنرالات،

ونحن معلَّقون، إلهًا، إلهًا،

بين السلام الوطني،

وتحية التمام.

وها نحن نوقَف في الشوارع،

ونفتَّش في المقاهي،

بحثًا عن حيازة الثورة وتعاطيها.

ونرنو في حنين، إلى جبل الأولمب المحترق القديم قرب الميدان؛

فبعد أن عرفنا النارَ،

أدمناها،

وصرنا لا نحلم عنها.

نحن قتلَى أعراض انسحاب الثورة.

نحن الذين عشنا الأبد في لحظة،

والعالَمُ.. طلقةُ الإعدام.

وفي وداع الشاعر “جاك هيرشمان”  (1933- 2021) يكتب الشاعر والفنان د. محمد عبد السلام عبد الصادق “مرثية منقوصة لموت غير مؤكد..”:

لا ترحل وحدك..

قبل اطمئنانك أن الأرض ستنبت شعراء

بعدك..

لا ترحل..

إلا إن فاض النهرُ

وغمر الأوراق الجافة فى أدراج النسيانْ..

لا ترحل..

فميادين العالم ملأى بسياط العوز..

و الإنسانُ

مازال يفتش عن وجه الإنسانْ..!!

القصيدة القصة يهديها للأنطولوجيا الكاتب طارق عبد الوهاب جادو بعنوان “همس”:

قالت لي :

في ليل الغربة …

حين يصير بكاؤك قيدًا

تلعق شفتك دمعًا.. مرًا

وتسير وحيدا..

تتلفت من فرط الخوف …

تقتات الخبز ..

بطعم الخوف ..

وتعيش الخوف ..

فلا تسأل – يا ظل الروح –

عن الأحزان الأبدية

قد صرنا ..

في زمن الزيف ..

نشتاق الهمس .. بحرية !

الشاعر محمد الكفراوي تحت عنوان “هَلُمّ” ينادي:

تَعَالَ يَا شِعْرُ

نَنْصُبُ فِخَاخاً مَرِحَةً لِاصْطِيَادِ الوَقْتِ

ثُمَّ نَمْسَحُ بِهِ بَلَاطَ الغُرْفَةِ .

تَعَالَ وَلاَ تَخَفْ؛

كُلُّ شَيءٍ مُعَدٌ لاِسْتِقْبَالِنَا .

أَنَا وَأَنْتَ فَقَطْ..

رُبَّمَا سَيَأْتِي العَالَمُ لاَحِقاً.

أَعْرِفُ أَنَّهُ يَتَتَبَّعُنَا بِخُطَى كَهْلٍ بَائسٍ

يَتَمَنَّى أَنْ يُشَارِكَنَا اللَهْوَ

يُخْرِجُ مِنْ جُعْبَتِهِ بَهَالِيلَ مُحَنَّطةً

لِيُقْنِعَنَا أَنَّهُ خَفِيفُ الظِّلِ.

 الفنان أمير وهيب يودع جاك هيرشمان:

“فقد “الكوكب” مبدعا فنانا كبيرا، فقد “الكوكب” مزيدا من إنتاج هذا النوع من الفن، و لكن عبقرية الفنان و جاذبية الفن لا تفنى حتى بعد فناء “الكوكب”. سوف نفتقد صوتك ووجودك ولكن عزاءنا إبداعك الجميل يحل محلك. وداعا جاك هيرشمان!

والشاعر د. بشير رفعت يوقظ “الخلايا النائمة”

الحربُ انتهتْ

الحربُ انتهتْ

لكنَّ حَقْلَ الألغام

لم يُخْبِرْهُ أحدٌ بذلك

غداً

سيلعبُ طفلان فوق الأنقاض

لتستيقظَ قنبلةٌ نائمة

إحصاءُ القَتْلَى غَيْرُ دقيق

لأنَّ المنازلَ المتهدمة

احتضنتْ قاطنيها

وكلُّ قائدٍ عظيم

تؤرِّخُ له

مقبرةٌ جماعية

لا شَيْءَ يمَّحي تماماً

الحربُ لا تَهْدِمُ فقط

إنها تَبْنِي

    المقابر

الحربُ لا تُنْقِص

لأنها تَزيد

الأشرطةَ السوداء

على الصورِ داخل الإطار

وتَهدمُ ( عششَ ) الطيور

لتُشَيِّدَ حظائر

الطائرات

ومن قصيدة أشرف أبو اليزيد بعنوان “ألف مصباح ومصباح لجاك هيرشمان!”:

بشوارع سان فرانسيسكو

وبقامته النّخلة

يحملُ جاك سُلّمَه الشعريَّ

يمضي يسنده على أعمدة النور ويصعد

يحمل صندوق الأنوار السرية كي يشعلَ

ألف نهارٍ ونهار:

يشعلُ مصباحًا للحرية،

يتوهج مصباحٌ  سيضيء العتمات

بقلب كهوف الثوار،

وينير المصباح للأم الحانية؛

أرضًا، لغةً، أقوامًا، 

ومصباحا للنّاجين من الهجرات القسرية،

وآخر للجزر المنفية من بحر الحب،

وسيحمل آخر مصباح

ليطوف بطرقات العالم

من هاييتي حتى فيتنام

ومن كولومبيا حتى فلسطين


اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات