ملتقى الفن المعاصر |سمبوزيوم الحمامات

12:27 مساءً الثلاثاء 8 مارس 2022
خالد سليمان

خالد سليمان

كاتب وناقد، ،مراسل صحفي، (آجا)، تونس

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

هناك في مدينة “الحمامات” عند قاعدة شبه الجزيرة الحالمة التي تتماهى مع تصور الفردوس الذي يسبح في البحر المتوسط و رأسها في “الهوارية- أكيلاريا” موطن الصقور  و كرسي العرائس .. “الكاب بون” ، أو “الرأس الطيب” ، أو “الوطن القبلي” ، أو “جزيرة شريك” ، و أخيرا ” ولاية نابل ” المطل على مضيق صقلية في موضع القلب من تونس الخضراء .. إختار مؤسسو “ملتقى الفن المعاصر – سمبوزيوم الحمامات” أن تكون تلك المدينة الجميلة هي مقر الملتقى ، و أن يكون ” المركز الثقافي الدولي بالحمامات ” بطرازه الفريد و معالمه التاريخية و غابته الساحرة الغامضة المطلة على البحر المتوسط هو مصدر الإلهام للفنانين المشاركين في الملتقى لينطقوا كتل الأحجار الصماء بلغة الإبداع التي تجسد الحق و الخير و الجمال ، و كيف لا و في وسط هذا المكان “دار سيباستيان” بحكاياها التراجيدية حول مالكها الأول ، و غرفتها السوداء التي سكنها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق “وينستون تشرشل” بعد تقاعده بنوافذها  السابحة في عرض البحر كأنها نوافذ بارجة حربية قديمة تذكره بأيام كان فيها وزيرا للبحرية و المستعمرات و صولاته و مؤامراته في الحرب العالمية الثانية و أثناء ترأسه حكومة صاحب الجلالة ملك بريطانيا العظمى ، و لعله كان يجتر مع ذكرياته مرارة إنعتاق الأوطان و الشعوب من ربقة الإستعمار بعد تحررها .. إذ أن هذا المكان خير مثال على تلك الحقبة المجيدة .. فبعد نيل تونس إستقلالها أصر الزعيم التونسي “الحبيب بورقيبة” على شراء هذا المكان الرائع من مالكه الأمريكي من أصل روماني “جورج سيباستيان” و الذي تزعم بعض الوثائق أنه ابن غير شرعي لملك رومانيا السابق .. لتعود ملكية المكان إلى الشعب التونسي و يتحول إلى مركز عالمي للإشعاع الثقافي النوعي الرفيع .. و قد حدث بالفعل فقد  مر بهذا المكان المبدعون العظام في مختلف أنواع الفنون ، و قد مر بهذا المكان أيضا و أقام فيه موسيقيون عظام مثل ” ميكيس ثيودراكس” مؤلف موسيقى “زوربا” الخالدة ، و الموسيقار العالمي و عازف الكمان الأسطورة “يهودي منوحين” .. على سبيل المثال لا الحصر ..

– لعلنا أسهبنا في المقدمة حول خبر إقامة “ملتقى الفن المعاصر – سمبوزيوم الحمامات” من 1 إلى 23 مارس الجاري  لإظهار فلسفة إختيار تلك الولاية المميزة التي تستحق كافة ربوعها أكثر من مهرجان    و فعالية ثقافية  فضلا عن ذلك المكان الساحر سالف الذكر .. ، و يكفي أن نذكر لقارئ هذه السطور لكي يتصور معنا مدى روعة ( مدينة الحمامات ) مقولة الفنان التشكيلي العظيم “بول كلي” أنه ” إكتشف الالوان في مدينة الحمامات ” ..

– و قد صرحت السيدة “ريم العياري” الفنانة التشكيلية التونسية المقيمة في باريس و رئيسة جمعية (معا) المنظمة ل (ملتقى الفن المعاصر) أن الملتقى يضم 18 دولة من مختلف أنحاء العالم من عدة قارات من خلال مشاركة فنانيها ضمنها دول عربية ، و تشارك على سبيل المثال لا الحصر ..الولايات المتحدة الأمريكية ، و كندا ، و بلجيكا ، و هولندا ، و المغرب ، و العراق ..
كما سيتم تكريم دولة الكويت في هذه الدورة الخامسة للمهرجان و التي كان يفترض أن تكون السابعة لولا تعطل الملتقى  لعامين بسبب جائحة كورونا ، و عبرت عن سعادتها بإعادة إنبعاث الملتقى من جديد ، و أشارت إلى أن الملتقى إختار أن يكون (المركز الثقافي الدولي بالحمامات) مخصصا لإعمال النحت و ورشته ، فيما سيخصص ( نزل السلطان ) للرسامين ( أعمالهم و ورشتهم ) ، كما يشهد الملتقى مشاركات للحفر و النحت على الرخام أيضا ، و كما كرم المهرجان من قبل مبدعين كبار منهم على سبيل المثال فنان الخط التونسي الكبير ” نجا المهداوي ” .. يكرم في هذه الدورة كل من الفنان التونسي الكبير “الهاشمي مرزوق” و الشاعرة “فاطمة بن فضيلة”..

– أما السيد “أسعد سعيد” مدير ( المركز الثقافي الدولي بالحمامات ) فقد أكد أن وزارة الشئون الثقافية التونسية تكفلت بالدعم اللوجيستي من خلال المركز و مساهمات أخرى ، كما ساهمت بمبلغ ثلاثين ألف دينار ضمن مصروفات الملتقى ..
و أضاف أن هدف الوزارة التعريف بالوجه الحضاري و الثقافي لتلك المنطقة على كافة الصعد من خلال مختلف الفعاليات ..

– و لابد من تثمين دور كيانات المجتمع المدني بمدينة الحمامات التي ساهمت بقوة في دعم الملتقى إذ قدمت دعما عينيا و معنويا كبيرا و على رأس هؤلاء السيد “مهدي العلاني” صاحب “نزل السلطان” الذي تكفل بإستضافة الفنانين ، و اتيليه و ورشة الرسامين ، و المكرمين ، و ضيوف الملتقى .. في      ( إقامة كاملة ) طوال فترة الملتقى ..
و أكد ” العلاني ” أن مساهمته جاءت من أجل التأكيد على أن ( الحمامات ) ليست وجهة سياحية فقط إنما هي وجهة ثقافية أيضا .

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات