حَانَ وقْتُ الحِكايَةِ | الحكايةُ22 | يا عمّي الثَّعلب

12:07 صباحًا الخميس 13 أبريل 2023
د. إيمان بقاعي

د. إيمان بقاعي

روائية لبنانية، أستاذة جامعية متخصصة في الأدب العربي وأدب الأطفال والناشئة، وعضو اتحاد الكتاب اللبنانيين

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

د. إيمان بقاعي (ثلاثون حوارية منقَّحة ومزيدة أبطالُها: حفيدٌ وجدّتُه وجدُّه)

[إهداء: إلى كل من لم يتسنَّ له سماعها مُمَثَّلةً عبر أثير إذاعة القرآن الكريم- دار الفتوى في بيروت – 2019]

(أ)

سامي: هل يمكنُ فعلًا- يا تيتا مُهيبة ويا جدو عزيز- أن يُصلِحَ حكيمٌ ما ما أفسدَهُ غيرُ الحُكَماءِ؟

الجدّة: سؤالٌ مهمٌّ جدًّا!

الجدّ: مهِمٌّ!

الجدّة (تسأل زوجَها): أليسَ السّؤالُ- يا جدو عزيز- دليلَ المورّثاتِ؟

الجدّ (ممازحًا): تقصدينَ مورِّثاتِ الجدّةِ طبعًا.

سامي (يضحك).

الجدّة: لا أقصدُ غيرَها.

الجدّ (يخاطب حفيده): والله يا سامي، سؤالُكَ جوابُهُ نهايةُ حكايةِ جدتِكَ (النّملةُ والبُرغوثُ)، فقد أصلحَ ابنُ النَّملةِ والبُرغوثِ ما كانَ سيقعُ من أمورٍ لا يُحمَدُ عقباها.

سامي: ولكنْ… إنْ خَلَتِ الحكايةُ أو خلَتِ المجموعةُ من الحكماءِ؟

الجدّة: يصِل أبطالُ الحكايةِ وأعضاءُ المجموعةِ إلى الحائطِ المسدودِ.

الجدّ:  من جهتي، ودعمًا لابنِ النَّملةِ والبُرغوثِ، أعرفُ دجاجةً حكيمةً، أنقذَتْ…

سامي: أنقذَت مَن؟

الجدّ: سأحكي لكما حكايتَها!

الجدّة: أنا وحفيدي مستعدانِ دائمًا للإصغاءِ.

سامي: مستعدان!

(ب)

الجدّ: قال الدِّيُكُ الأَكبرُ: قرَّرَ الدَّجاجُ أن يقيمَ حَفْلَ غداءٍ كلَّ اثنيِنِ من أولِ كلِّ أسبوعٍ في الشَّهرِ حفاظًا على أواصرِ المحبَّةِ بين أفرادِهِ…

الجدّة (تقاطعه): بينَ أفرادِ الدَّجاجِ؟

الجدّ: طبعًا!

الجدّة: فهمتُ..تابِعْ يا جدو عزيز!

الجدّ:  وكذلكَ للتَّداولِ في الشُّؤون التي تهمُّ الدَّجاجَ!

سامي: فكرةٌ جميلةٌ.

الجدّة: الحفاظُ على أيِّ مجتمَعٍ متماسكًا، يحتاجُ إلى متابعةٍ…

سامي (يخاطب جده): خاصةً على غداءِ عملٍ، أو عشاءِ عملٍ.. أليسَ كذلكَ يا جدي؟

الجدّ (يتنحنح): طبعًا يا حفيديَ. وهذا القرارُ يُتَّخَذُ عادةً ممَّنْ يمُونُ على شؤونِ المطبخِ، ولا يُخافُ- إنْ دخلَ إليهِ- أنْ يلوِّثَ فرنَ الغازِ أو الجدّارَ خلفَهُ بالزَّيتِ والقَطْرِ مثَلًا!

الجدّة (بقهر): مَثَلًا؟

الجدّ (متمسكنًا): نعم!

الجدّة (تأمر زوجَها): أكملِ الحكايةَ، وإلا طالَتْ فضاعَتْ أحداثُها.

الجدّ (ممازحًا): أترينَ هذا يا مُهيبة خانم؟

الجدّة (بلهجةٍ حازمة): طبعًا.

سامي: وأنا أرى هذا أيضًا يا جدو عزيز.

الجدّ: طيبْ! سأكملُ.

الجدّة: تفضلْ.

الجدّ: واختيرَ ديكٌ صغيرٌ رشيقٌ للمهمةِ، شرطَ أن يدعوَ الدّجاجَ بيتًا بيتًا، لا عن طريقِ البريدِ الإلكترونيِّ، ولا الواتسْ أبْ. 

سامي (يضحك): جميلٌ جدًّا!

الجدّة (تستعجلُ الأحداثَ): وطرقَ الدّيكُ الأبوابَ كلَّها، ودعا الدَّجاجَ.

الجدّ: فعلًا، ولكنه لم ينتبِهْ،  فطرقَ بابَ الثَّعلبِ الَّذي رحبَ به ودعاهُ إلى الدخولِ، فشكرَه محاولًا ألا يبدوَ عليه الخوفُ، ودعاهُ يوم الإثنينِ إلى الوليمةِ، فوعدَ أن يلبيَ الدَّعوةَ.

سامي: مجنونٌ! كيفَ أخبرَهُ بزمنِ الوليمةِ؟

الجدّة: لا بدَّ وأنَّ الجميعَ أنّبَهُ.

الجدّ: التَّأنيبُ لا يحلُّ مشكلةً، قالَتْ دجاجةٌ شابةٌ هذا، وتبرعَتْ أن تصلحَ موقفَهُ.

سامي: كيف؟

الجدّ: زارتِ الثَّعلبَ يوم الأحدِ.

الجدّة وسامي (بخوف): مجنونةٌ! سيأكلُها!

الجدّ (بثقة): لا! فالثَّعلبُ لن يغامرَ بأكلِ دجاجةٍ صغيرةٍ ويتركَ دجاجَ الوليمةِ، وكانتِ الدّجاجةُ تعرفُ هذا؛ لذا ادّعتْ أنّها تمرُّ على المدعوينَ للتَّأكدِ من حضورِهم أو عدمِه يومَ الإثنينِ، مبلِغَةً إياهُ ما ادَّعَت أنه رسالةٌ:

سامي (بدهشة): رسالةٌ؟

الجدّة: ادَّعَتْ؟

سامي: أي لا توجَدُ رسالةٌ؟

الجدّة (لحفيدِها): فعلُ (ادَّعَتْ)، يدلُّ على عدمِ وجودِ رسالةٍ.

سامي: أترينَ يا تيتا مُهيبة أنها كتبتْها في البيتِ وأخرجتْها…

الجدّ (غاضبًا): على أساسِ أنكما لا تريدانِ لأحداثِ  الحكايةِ أن تتأخرَ بالحواراتِ الجانبيةِ!

الجدّة (بقلق): نعم، لا أريدُ!

سامي: لا نريدُ!

الجدّ (بحزم): اسمعا نصَّ الرِّسالةِ إذنْ!

سامي وجدته: نسمعُ.

الجدّ: تقولُ الرّسالةُ على لسانِ الدَّجاجةِ الشَّابةِ:

سامي: آه! رسالةٌ غيرُ مكتوبةٍ.

الجدّة: رسالةٌ شفهيةٌ.

الجدّ: لنْ أكملَ!

الجدّة وسامي: أكملْ، لن نقاطعَكَ!

الجدّ (متنهدًا): تقول الرّسالةُ على لسانِ الدَّجاجةِ الشَّابةِ:

  • عمّي الدِّيكُ العجوزُ، زعيمُ الدَّجاجِ، يرسلُ لكَ يا عمي الثّعلب تحيةً عطرةً، ويذكرُكَ أنَّ يومَ الإثنينِ قدِ اقتربَ، واقتربَ معهُ الأُنْسُ بحضورِك؛ فأينَ تحبُّ أن يكونَ مجلسُكَ في الوليمةِ؟ قربَ الكلابِ السُّلوقيةِ أو قربَ كلابِ الصَّيدِ؟

سامي(يضحك): يا لَها من دجاجةٍ خبيثةٍ!

الجدّة (ضاحكة): وقفزَ الثَّعلبُ من مكانِهِ ذعرًا.

الجدّ: كادَ يقفزُ، لولا خوفُه من أن تشمتَ الدَّجاجةُ الشَّابةُ به، واكتفى بأن أوصلَها إلى البابِ وهو يقولُ:

  • “أبلغي عمَّكِ العزيزَ تحياتي، وقولي له: أنا مسرورٌ جدًّا بدعوتِكَ، وشاكرٌ لكَ تفكيرَك بي.. ولكن… في الحقيقةِ… لقد سبقَ ونذرْتُ قبل شهرٍ- إن شفيتُ من آلامِ معدتي، وقد شفيتُ البارحةَ- أن أصومَ  أسبوعًا؛ فلا تنتظروني”!

وأتبع اعتذارَه بقوله:

  • مع السَّلامة!

الجدّة وسامي (يضحكان) والجدّ يكمل: وأغلقَ البابَ وراءها بسرعةٍ. ولم تسمعِ الدَّجاجةُ الشَّابةُ صوتَ إقفالِ البابِ من الدَّاخلِ؛ ذلك لأنَّ قدميْها كانتا قد سابَقَتا الرِّيحَ نحو بيتِ الدِّيكِ العجوزِ حاملةً له معها خبرَ الاعتذارِ.

(ت)

الجدّ: هل يمكنُ يا سامي أن يصلحَ حكيمٌ ما أفسدَهُ غيرُ الحكماءِ؟

سامي والجدّة معًا: يمكنُ!

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات