الخيط الرفيع بين الدراما ودراما الحياة

04:11 صباحًا الأربعاء 10 أبريل 2024
خالد سليمان

خالد سليمان

كاتب وناقد، ،مراسل صحفي، (آجا)، تونس

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

صدفة:
في مدينة شبين الكوم كانت هناك إمرأة متشردة مسكينة لديها خلل عقلي لكن مظهرها كان مخيفا بسبب إقامتها الدائمة بين شوراع المدينة وخرائبها والحقول المحيطة بها..

كانت تلك المرأه غريبة الأطوار شديدة العصبية إزاء مضايقات الأطفال والعابثين تدعى “قمرية” وينطق الناس إسمها بالدارجة “إمرية” ، كما كان إرتدائها لجلباب أسود شديد الإتساخ يتماهى مع نظافتها العامة يضفي عليها مظهرا مخيفا خاصة عندما كانت تبحث عن قوت يومها في “مكبات القمامة” وسط حيوانات الشارع الضالة كلما أشتد بها الجوع إذ كان أغلب الناس يحجمون عن مساعدتها بسبب عدوانيتها وعصبيتها الشديدة..فضلا عن مظهرها الغريب والمخيف..،

وخلال ترددها للبحث عن قوتها في تلك الأماكن وسط القطط والكلاب الضالة الصق بها بعض الصغار والمراهقين شائعة أنها تأكل القطط والكلاب الضعيفة ثم تطورت الأكذوبة إلى أنها تختطف الصغار لتأكلهم أيضا ..

مع مرور الزمن وتدهور حالة “إمرية” وتصاعد عدوانيتها تحولت القصة إلى ما يشبه الأسطورة.. ، وكان المراهقون من باب الضحك والتسلية يمعنون في إثارة “إمرية” حتى تصيبها حالة هستيرية تجعلها تطارد الحلقة الأضعف من سكان المدينة وهم الأطفال ..

لم يستوعب من كانوا أطفالا ومراهقين في نهاية السبعينات والثمانينات أن هذه المأساة أو تلك الكوميديا السوداء في أحسن الأحوال (بالنسبة للبعض) ..كانت قصة مؤلمة لا يعرف أحد كيف إنتهت ، ولم يهتم أحد فيما بعد بمصير “إمرية” ولا كيف إختفت فجأة من شوارع المدينة كما ظهرت ، وبمرور الزمن لم يبق في ذاكرة من عاشوا تلك الفترة سوى تلك النوبات الهستيرية العارمة التي كانت تنتاب “أمرية” عند إستفزازها وخوف الصغار وقهقهة المراهقين .. ، ولا أدري لماذا أتذكر سلوك وملامح “أمرية” عندما كانت تنتابها نوبات الخبل العاتية كلما شاهدت بالصدفة جزء من حلقات مسلسل إسمه “صدفة” .

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات