الصيرفة: إسلامية أو تقليدية!

07:26 صباحًا الخميس 21 مارس 2013
محمد سيف الرحبي

محمد سيف الرحبي

كاتب وصحفي من سلطنة عُمان، يكتب القصة والرواية، له مقال يومي في جريدة الشبيبة العمانية بعنوان (تشاؤل*، مسئول شئون دول مجلس التعاون في (آسيا إن) العربية

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

سألني صاحبي عن الفرق بين الصيرفة الإسلامية والأخرى التي اعتدنا عليها ولا يجوز أن نسميها بالمشركة أو الكافرة، وهو لا يسأل لأنه ضاق ذرعا بما لديه من ودائع، بل ما عليه من ديون.. وبصريح القول أنه يريد الفرق بين هذه وتلك بما يختص بالقروض.. القرض الإسلامي، والقرض الكافر!

أجبته ساخرا أن النوع الجديد والمسوّق على أن به كل الحلول يعتمد الذبح على الطريقة الإسلامية، بعكس السابق الذي يتخذ وسائل شتى، أي أن الأول (يسمّي عليك) والثاني (يسلم عليك) والتسمية ضرورية وواجبة لتصبح الذبيحة صالحة للأكل، خاصة في المجتمعات التقليدية التي تريد الدين في كل شيء (يناسبها) وتضع الدين كمسمى في بطاقة الهوية عندما يتعارض ذلك مع رغباتها.. وشهواتها.

وحسب الإحصائيات فإن قروضنا الشخصية تعد بالمليارات، وتقفز سريعا، مئات الآلاف كل بضعة أشهر، وأحسب أن صعودها سيقدر بالملايين شهريا بعد كسر حاجز التردد عن الكثيرين، ووضع تسمية (إسلامية) للفوائد / الربا، وسيبدأ السباق نحو القروض (الإسلامية) كما تسابقت البنوك على فتح باب المزاد (والمزايدات) على المفردة، مع أن ما تفعله في المقترضين (سابقا ولاحقا) لا علاقة له بالرحمة.. التي حضت عليها جميع الشرائع الكونية، وليس الإسلام فقط.

.. وبدأت المحاذير، والتحذيرات من الخلط بين الإسلامي والتقليدي، في قطر أغلقوا النوافذ (الإسلامية) في البنوك، مقابل إشادات بتجربة السلطنة التي ستبدأ، والتشريعات التي جهزت لمواجهة هذا النوع من الصيرفة الذي سوّق على أنه الحل لكافة مشاكل العالم الاقتصادية، الاشتراكية والرأسمالية وتلك التي تقع في (منزلة بين المنزلتين).

(قد) يكون للبعد الديني في الصيرفة أهميته، خاصة في بلداننا التي تبقى محافظة (ودينية) رغم كل أوجه الانفتاح.. والفساد الذي يثير امتعاض المتدينين ليل نهار، رغم أن ما يحدث محاولة كسر الأوجه التقليدية للمجتمع لتكون قريبا مما يحدث في العالم، وقد أصبحنا قرية منه، نتلقف في ذات الليلة المخترعات التي تحدث على بعد آلاف الكيلومترات، فلا ننتظر القافلة أن تأتي بقطعة قماش، بل الطائرة العملاقة لتأتي بحداثة الدنيا تصبها في أفكارنا ليل نهار.

مؤكد أن النوعية الجديدة من الصيرفة ستحدث انتعاشا (اقتصاديا) في جيوب وحسابات الكثيرين، لكن الأكيد أنها ستصدم الذين يبحثون في قروضها عن قارب نجاة، فإذا بهم يكتشفون أن المعاناة واحدة، وقد تكون أشد.. إنما يقيني أنها ستبقى.. أوضح بمراحل، وعقليتنا تتفتح سنة بعد سنة على تصاعد لأرقام السلف.

عندما بدأت حياتي الوظيفية اعتمدت على القرض الكافر، وحينها لم يكن بوسعنا الاقتراض أكثر من ألفي ريال، ونراه مبلغا كبيرا، وبعد عشرين عاما اقترضت 24 ألف ريال، وشعرت فعلا أن القرض كافر، كالجوع والفقر حينما يوصفان في الثقافة الشعبية بالكفر، أي أنه لا رحمة في قلوبهم (القرض والجوع والفقر.. وجميعهم عائلة واحدة).

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات