كان الزعيم الألماني أدولف هتلر يبني (جرمانيا الكبرى) وهو أمرٌ لم يرق لأعدائه البعيدين عنه أو جيرانه المنافسين له، إن بقاء هتلر يتضخم اقتصاديا وعلميا يعني أن تكون هناك قوة شرسة، لا ترحم الأدنى منها. لذلك كان القرار الذي اتفق عليه هو أن يُدفع بالنازي إلى الحرب، فالحرب وحدها هي التي ستأتي بالدمار، وحين تتهدم أوروبا كمعبد على رأس هتلر سنعيد بناءها وفق ما نهوى، وقد كان، ودخل هتلر الحرب العالمية الثانية، ومات الملايين، لكنه هُزم.
بعد عقدين أو أكثر، كان الزعيم المصري جمال عبد الناصر يبني مصر التي حلم بها، كانت الإنجازات أكبر من سيئات حكم الفرد، بُني السد العالي، شيدت المصانع، تحقق حلم الطبقة الوسطى، وبات الشرق العربي يحلم بوحدة وطن أكبر، لكن ذلك ـ ببساطة ـ لن يخدم مصالح القوى الكبرى، التي لم تفلح في القضاء على ناصر بعد تأميم قناة السويس، فكان لا بد من دفعه للحرب، بأي ثمن، ففي الحرب وحدها يمكن أن يخسر الجميع، وكانت معركة 1967، التي سميت لاحقا بنكسة يونيو، وهزم ناصر، وخسرت مصر المعركة.
بعد عقدين أو أكثر، دخل الجيش العربي العراقي معركة مع جاره اللدود، إيران، ولم يفلح ذلك في القضاء عليه، فكان دفعه للمغامرة الأخيرة في الحلم العربي، بغزو جارته الكويت، لأنه ساعتها، بدفعه للحرب، سيكون ذلك مدخلا لهزيمته، بالضربة القاضية، وانظروا إلى العراق اليوم.
نحن الآن بعد عقدين أو أكثر، من غزو صدام لأرض عربية، في مغامرته المتهورة، وها هو الطرف الثالث في المعادلة الدولية، الولايات المتحدة، مرة أخرى، تريد تغيير شكل شبه الجزيرة الكورية، فتعطل كوريا الجنوبية عن انطلاقتها الاقتصادية التي أضرت باقتصاديات شركات السيارات بها، وأشهر شركات التقنية (أبل)، فلا بد من دفع المنطقة للحرب. هل يوجد أخطر من شاب يريد أن يثبت أنه ليس أقل مراسا من أبيه وجده، فلنستفز كيم الصغير، ليدخل الحرب، ويخسر المستقبل، حتى ولو مات من مات.
وبدأت ماكينة الإعلام تدور، وعلى رأسها جلس رسامو الكاريكاتير، يخططون أفكارا مستهلكة عن (صبي يلهو)، تماما كما فعلوا مع السوفيات وهتلر وناصر وصدام، مع اختلاف تقييماتنا لكل هذه القوى التي لا تتساوى في معيار تقييم شخصي أو سياسي، حتى إنهم في منطقتنا العربية لم يضيعوا الوقت وشاركوا كتيبة الساخرين من هذا الفتى، لدفعه للحرب.
الجميع يضحك، غير عابئين بالضحايا المفترضين في حرب محتملة. لكن من يضحك أخيرًا؟
نتمنى أن يجلس الحكماء، ليعيدوا قراءة أية صفحة من صفحات تاريخ المعارك، ففي الحرب، لن يضحك أحد.
مؤسس جمعية الصحفيين الآسيويين، ناشر (آسيا إن)، كوريا الجنوبية
الرئيس الشرفي لجمعية الصحفيين الآسيويين، صحفي مخضرم من سنغافورة
روائية وقاصة من الكويت، فازت بجائزة الدولة التشجيعية، لها عمود أسبوعي في جريدة (الراي) الكويتية.
آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov
كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.