كَتب لي صديق كريم يسألني معتذِرًا:
ما جدوى ما تكتب، وليس ثَم تفاعلٌ معك؟!
فلمّا سألتُه عن مقصدِه بالتفاعل، أشار إلى التعليقات واللايكات وما إلى ذلك، وضربَ لي مثلا بما أكتبه تحت عنوان “المشهد الأدبي والثقافي في قنا”.

في الحقيقة هو محِق في سؤالِه، على مستوى فهمِه واستيعابه للكتابة الفيسبوكية التي كوّنت آلياتٍ خاصةً بها تقاس جودتها ورداءتها بما يشير إليه … لكن على مستوى فكرة ممارسة الكتابة نفسها لا أراه محِقًا.
الصديق الكريم لا يستوعب فكرة الالتزام، بمعناها الثقافي والفكري، وهي فكرة لا علاقة لها بالاستجابة أو التفاعل المباشر، وإلا اعتبرنا النكات والكوميكس أفضلَ الكتابات والمنشورات.

واللهِ يا صديقي أنا متعَبٌ جدًا، متعَبٌ على المستوى النفسي والعصبي، وفي أشد الحاجة إلى أن أغيب قليلا عن عالم الفيس بوك، لكنني مع فكرة الالتزام هذه غيرُ قادرٍ … لقد بدأتُ أمرًا ولا بدّ أن أنهيَه، لنفسي وليس للآخر المنتَظَر أن يتفاعل حول ما أكتب … أنا أكتب في هذا الموضوع الذي أشرتَ إليه يوميًا، أنشر يومًا وأكتب يومًا، ولو استجبتُ لتعبي الذي أنا فيه، فلن أعود بسهولةٍ إليه … ستقول لي “لا تعد، لا أحد يهتم أصلا، ولا أحد ينتظرك”.
ربما كنتَ محِقًا، لكنني أنا أنتظرني …

أعرف أنني ورطت نفسي في الكتابة، وأعرف أكثر أنني لو توقفت فلن يتساءل أحدهم لماذا توقف، لا أحد ينتظر أحدًا، والكتابات كثيرة، والقضايا متعددة … المشكلة كلها فيَّ أنا .. ولولا أنني لا أؤمن ولا أعوّل عليه كثيرًا لقلت لك إنها كتابةٌ للتاريخ، وليس المقصود بالتاريخ هنا اللحظة التي سيتوقف فيها أمامي، حاشا وكَلا، لكن المقصود أن يبحث أحدهم يومًا عن معلومة أو اسم، فيجدهما فيما كتبت.

أنا أكثر رغبةً في أن أنتهي مما ورطتُ نفسي فيه، هناك موضوعاتٌ وقضايا مختلفة أريد أن أطرحَها، لكنني أرجئ كل ذلك إلى ما بعد أن أنهِي ما بدأتُه (أريد أن أكتب عن الحب العذري، وعن المأساة الكبرى في حياتي التي تَسبّب فيها سعيد عبد المقصود، وحمدي حسين، دون قصدٍ منهما، وعن مشاعري الآن ناحيتهما بعد ما فرّقا بيني وبين مَن أحِب، باعتباري كذابًا كبيرًا، أريد أن أكتب مرة ثانية عن ديواني الذي تعرضت لعملية نصبٍ واحتيال فيه بدولة الجزائر، أريد أن أكتب عن ماكرون والإسلام، أريد أن أكتب عن ولع العرب بالانتخابات الأمريكية، أريد أن أكتب عن كارنيه اتحاد الكتّاب الذي لم أستلمه حتى الآن ويسألني الموظف هل دفعتَ اشتراكك السنوي؟! أريد أن أنشر قصيدتي الجديدة، أريد أن أكتب عن ضرورة فوز الأهلي ببطولة إفريقيا من أجل استتباب الأمن والسلام الاجتماعي في مصر، و.. و.. إلخ.)

لو فكرتُ مثلك في موضوع التفاعل هذا لتوقفتُ عن الكتابة منذ زمنٍ بعيد!

(من تدوينات الكاتب، تُنشر بإذن خاص منه)

Tweet