سنا الأتاسي فنانة تشكيلية من بيروت إلى الشام

07:13 صباحًا الجمعة 16 يوليو 2021
اسماعيل فقيه

اسماعيل فقيه

شاعر وكاتب وصحافي من لبنان

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

من خلال أربع وعشرين لوحة فنية استعرضت سنا الأتاسي عوالم أنثوية تضج بمعاني الحياة ومتاعبها وردود الأفعال حولها، حالات إنسانية مختلفة تجلت في رسوم تظهر القلق والانتظار والحزن والفرح والملل والتسلية وغير ذلك.
في معرضها الاخير في بيروت تكوينات إنسانية عميقة تتناول وضعيات مختلفة تحمل إشارات عن مراحل زمنية متعدّدة شهدتها صاحبة المعرض في مسار حياتها الشخصية التي عاشت فيها منعطفات حادة وحاسمة.

الفنانة سنا الأتاسي، مع الزميل إسماعيل الفقيه


تقول سنا الأتاسي “المعرض ليس تعبيرا عن نساء متعددات، هنّ لسن أربعا وعشرين امرأة كما يبدو للعيان، بل امرأة واحدة تشكلت في أربع وعشرين حالة، والمرأة هي أنا. ما قدّمته في المعرض هو مجموعة من الحالات الإنسانية المختلفة التي عشتها بحلوها ومرّها، في المنعطفات التي دخلتها وصنعت فيّ شيئا ما، فتركته ألوانا وأشكالا على هذه اللوحات”.
وتعمل سنا بمبدأ المرآة التي تجسّد من خلالها ما يجول بخاطرها من مشاعر، وتقول “لذلك يمكن القول إنها أربع وعشرون وجها لشخص واحد، تجسّد مجموعة من اللحظات الهاربة من حياتي والتي أحببت أن أثبتها على هذه اللوحات، إنها ببساطة عصارة حياتي بآلامي وأحلامي وكل مشاعري”.


اعتمدت سنا في لوحاتها على تقنية الرسم بالأكريليك، وإلى استخدام الألوان الهادئة وقد وصلت أحيانا إلى استعمال اللونين الأبيض والأسود فقط، بحيث بدا اللون في المعرض حالة خاصة من الناحية التشكيلية ، “أحب العمل بالأكريليك، أرى أنه يقدّم أجواء فنية جميلة وآفاقا كبرى، إنه يمنحني بساطة في تقنية التعامل مع عملية الرسم، اعتمدت على الألوان البسيطة لكوني لا أميل إلى التعقيد بل أحبّذ البساطة في تكوين وخلق الفكرة، لست مع فكرة وجود حالات أحادية في اللون ولا في موضوع الكولاج أو التقنيات التي تعتمد أحيانا في الرسم وتذهب باللوحة إلى آفاق غريبة أحسّ أنها تضع المتلقي في أجواء مشوّشة وتشكل عائقا أمام وصول الفكرة بوضوح”.
في لوحاتها توازن هادئ فيه “هارموني” وانسيابية ، فهي لا تبحث عن الإبهار بقدر اهتمامها بالوصول نحو عوالم هادئة وعميقة.


وتقول “لذلك تجد أن كل فكرة محددة تحمل معنى إنسانيا عميقا مرّ بي،أعبّر عنها بشكل أفضل بعيدا عن تعدّد الألوان، فأذهب نحو اللونين الأبيض والأسود، وهذا ما حدث فعلا، ومن هناك بدت الألوان متراجعة في لوحاتي لمصلحة هذين اللونين فحسب.
اللون بالنسبة لها هو “مكمن الشرح أو تقديم فكرة في حد ذاتها، وهو يحضر أو يغيب بحسب الفكرة”.
عوالم أنثوية تضج بمعاني الحياة ومتاعبها تتجسد في لوحتها.
لوحات المعرض بأحجام متوسطة وأخرى كبيرة وصل بعضها إلى حجم الجدارية، وهو ما يذهب باللوحات إلى فضاءات بعيدة تبقى في ذهن المتلقي بشكل مختلف .
تشرح وتقول سنا ، “عندما أرسم أشعر أنني أفرغ طاقة تعيش فيّ وتبحث عن وسيلة ما للخروج، فتتشكّل على هذه اللوحات أشكالا وألوانا، أحاول أن أنقل على اللوحة كل ما يجيش بداخلي من مشاعر وأحاسيس أعيشها في تفاصيل حياتي اليومية. وبحكم الظروف التي تمر بي وعلى الجميع في أيامنا الحالية الصعبة، فإن الكثير من المعاني والمشاعر تتولّد عندي”.


وتضيف “في ظل ما يقدّمه عصرنا من تغيرات كبيرة وعنيفة باتت تعصف بنا فكريا وأخلاقيا، هذه العوامل مجتمعة تخلق فيّ رغبة في الرسم أكثر فأكثر، حيث أصل إلى تأطير تلك الانفعالات في لوحات مختلفة. أشعر أحيانا أن المساحات البيضاء التي توجدها اللوحة قاصرة عن استيعاب ما يدور ببالي. فما أريد قوله كثير. أتمنى أن تكون المساحات أكبر حتى من الحجم الجداري الذي يوفره فضاء المعرض. الرسم هو بوح داخلي عمّا نريد، وما بداخلي عميق وكثير قد تضيق به المساحات…

One Response to سنا الأتاسي فنانة تشكيلية من بيروت إلى الشام

  1. محمد درويش الاعلامي الشاعر رد

    17 يوليو, 2021 at 1:52 م

    سنا الأتاسي الفنانة التشكيلية
    انها مدرسة جديدة في الرسم الحديث
    لا شك انها قامة وهالة فنية معتبرة تختزن الكثير من المدارس الحديثة لكنها تضفي الانفعال والحركة الداخلية على الشخوص التي تقوم بتصوير مشاعرها بريشة عصرية من خلال لوحاتها التي كتب عنها الناقد الشاعر الصحافي المتخصص في الحقل الفني والثقافي اسماعيل فقيه اضاف الى اتاسي الكثير من العالمية والتطورالى فن الرسم وخاصة في العام 2021 حيث التحولات كثيرة في العالم الذي يتسع للوحة اتاسي لكنه بلا شك عالم شائك يعكس في مرآة اللوحة معاناة سيدة مع العالم المتغير الهجين بين الشرق والغرب .
    .ان اتاسي فنانة جديدة واهميتها لا في جديتها والتزامها بلون جديد من حركة الريشة انها تحمل رسائل الى الفن العالمي
    وان حركتها ومعرض لوحاتها في بيروت كونها تعلم ان بيروت ستبقى عاصمة الثقافة العربية وملتقى الشرق والغرب ..كل الشكر لاسماعيل فقيه المجتهد في بدائع المقالات والروائع الشعرية على ما كتب وللأتاسي تقدير كل العيون التي شاهدت لوحاتها المدهشة بكل تنوع وجمالية …

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات