«دقن» جبهة الإنقاذ‬

05:54 مساءً الأحد 20 يناير 2013
محمد فتحي

محمد فتحي

كاتب مصري، وأكاديمي وإعلامي، معد للبرامج التلفزيونية. وتنشر مقالاته في الصحف المصرية والعربية

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

إذن فجبهة الإنقاذ لا تريد إسقاط الشرعية، وليست لها مشاكل مع الشريعة الإسلامية، بل مع فهم تيار الإسلام السياسى لهذه الشريعة، والمفاجأة أنهم قالوا ذلك فى حضرة علماء من مشايخ ودعاة السلفية، لكن المفاجأة الأكبر من وجهة نظرى هى أن الذى دعا للحوار السلفيون أنفسهم، فى تحرك سياسى مهم ومفاجئ ومربك للإخوان، واكبته نصيحة من الشيخ حسان فى خطبة الجمعة للرئيس مرسى أشبه بقرصة ودن صغيرة، ولعل السلفيين قالوا بينهم وبين أنفسهم (طب ما هم حلوين أهم)، واقتنعوا بأن الحوار يؤدى لتقارب أفضل بكثير من الصدام الذى لا يؤدى لشىء، لاسيما وقد انتهت معركة الدستور -كما يظنون- بإقرار المادة المتعلقة بالشريعة كما أرادوا‬‬.

‫‫صحيح وجهت انتقادات ضخمة لجبهة الإنقاذ، لاسيما المتعلق منها بأنها أصبحت (بدقن) لا لشىء إلا لمواجهة الإخوان، وفى إثبات جديد لصحة المبدأ السياسى الشهير «لا يوجد فى السياسة حب دائم ولا كره دائم ولكن مصلحة دائمة»، لكن يبقى السؤال هو: ما الذى يمكن أن نخرج به من هذا اللقاء بعيداً عن دقن الجبهة، وهذا هو اجتهادى: ‬‬

‫‫- السلفيون يلعبون الآن السياسة بشكل أكثر احترافاً من الشكل الذى لعبوها به فى بداية (شعبطتهم) فيها بعد الثورة، وهو ما يؤكد أن السلفيين يتعلمون‬‬.‫‫

– السلفيون أذكياء فى اختيار وفدهم الذى قابل جبهة الإنقاذ، صحيح كان فيه الشيخ محمد حسين يعقوب بطل غزوة الصناديق الشهيرة، لكن د. ياسر برهامى الأكثر جدلاً وإثارة للريبة والتساؤلات والحنق عند الجميع هذه الأيام لم يكن موجوداً، فى رسالة قوية للجبهة السلفية فى الإسكندرية، بأن السلفيين ليسوا (الإسكندرانية) ومشايخها فقط.‬‬

‫- هناك نار تحت الرماد بين الإخوان والسلفيين، لكن لا أنصح جبهة الإنقاذ أن تفرح بذلك من باب «فرِّق تسد»، لأن مشروع جبهة الإنقاذ يختلف تماماً عن مشروع السلفيين، كما أن الإخوان والسلفيين لديهم ما يجمعهم بشكل سريع وسحرى، وهى كلمة من سبعة أحرف: (ا ل ش ر ى ع ة)، بينما جبهة الإنقاذ قابلة للانفجار والتفكك فى أى وقت، إن لم يكن بسبب (خناقة) الميكروفونات، فبسبب الخلافات الداخلية القابلة للانفجار فى أى لحظة، لاسيما ما يتعلق بمواقفهم ممن يسمون بـ(الفلول)‬‬.

‫‫- هناك نار أخرى تحت الرماد فى جبهة الإنقاذ نفسها، اسمها البرادعى، فالرجل لم يحضر اللقاء وكأنه كان يرفضه، أو يبعث برسالة مفادها أنه غير موافق عليه، لكن تصرفات البرادعى الأخيرة بشكل عام داخل جبهة الإنقاذ تقول إنه غير مستريح على أقل تقدير، كما تقول إن الوضع قد ينفجر فى أى لحظة، ما لم تحسم جبهة الإنقاذ ما تريده بشكل واضح وصريح قبل نزولها الجمعة القادم فى احتفالات/ذكرى/ استكمال الثورة، ولا يستطيع (أجدعها) محلل سياسى أن يعرف ما سيحدث فى مصر وفى خريطتها القابلة لإعادة التشكل يومى الجمعة والسبت القادمين تحديداً‬‬.

‫‫- جبهة الإنقاذ لديها استعداد للحوار مع السلفيين الذين كفرهم بعض المنتمين إليهم، لكن ليس لديهم أدنى استعداد للحوار مع الإخوان المسلمين أو الرئاسة.‫‫

– يبدو دور السيد البدوى غامضاً ومربكاً وكأننا نشاهد مهرجاناً للشقلباظ السياسى، فالرجل من مؤسسى جبهة الإنقاذ، لكنه فى الوقت نفسه خرق الإجماع وذهب واجتمع مع مرسى، ثم أنه وجه انتقادات ضخمة كرئيس لحزب الوفد إلى جبهة الإنقاذ فى بيان رسمى، لكنه تراجع مرة أخرى وراح يردد كلاماً رومانسياً على غرار (حتى آخر العمر)، مع أن المتابع للساحة السياسية يدرك أن العبارة الكبيرة التى ستصلح للسيد البدوى وحزب الوفد لو واصل تخبطه هذا هو (وضاع العمر يا ولدى).‬‬‫‫

– أخيراً وليس آخراً.. هل يمكن أن تجمع السياسة بين الإنقاذ والسلفيين فى مواجهة غطرسة الإخوان وتعاليهم؟ أم أنها مجرد (قرصة ودن) سترجع بعدها المياه لمجاريها؟‬‬

‫‫الأكيد أنك لا تستطيع فى السياسة أن تأمن مكر الجميع.. أكرر.. الجميع‬‬.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات