رافي يداليان في معرضه (لمحة من الحياة): مسيرة إنسان بالريشة والالوان

07:51 صباحًا الأحد 10 فبراير 2013
غنى حليق

غنى حليق

كاتبة وصحفية من لبنان

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

رافي يداليان، الفنان التشكيلي والنحات المتميز

بيروت: رافي يداليان فنان تشكيلي ونحات متميز، يرصد الحياة وأسرارها ويترجم واقعها بالريشة واللون وبمنحوتات برونزية صغيرة تجسد مكنوناتها. دخل يداليان ساحة الفن التشكيلي عندما قدم  معرضه الفردي  في العام 1992 ، وشارك بعد ذلك في عدة معارض جماعية، كما نفذ العديد من الاعمال الفنية الخاصة.

صمود (برونز)

“لمحة من الحياة” أو Glimpse of Life” ” هو المعرض الفردي الثاني ليداليان،  افتتحه مؤخراً في غاليري “Pièce Unique” في منطقة الصيفي فيلادج في وسط بيروت برعاية السفارة الأرمنية وبحضور حشد من الشخصيات الاجتماعية والثقافية والفنية. تميز المعرض بمجموعة واسعة من اللوحات الفنية التي تصور مسيرة حياة الانسان والمراحل التي يمر بها بأسلوب فني مرهف وراق، إضافة إلى بعض المنحوتات البرونزية المشغولة بمهارة وحرفية عالية.

درس يداليان في المعهد اللبناني للفنون الجميلة (ALBA) وفي معهد “Fine Art Toros Roslin” وهو خريج مدرسة الفن الحديث ” college artistique de la Mode Moderne” وعضو في الجمعية اللبنانية للرسامين والنحاتين، ويعمل كأستاذ للفن في جامعة “Haigazian”  .

لم الشمل

يداليان فنان ناشط في مجاله ومتفرغ للرسم والنحت ولتنفيذ الاعمال الفنية الخاصة، حراكه الفني الدائم ومشاركته المستمرة في المعارض الجماعية وتنفيذه للمشاريع الخاصة كانت تشغله دائماً عن تنظيم معرض فردي خاص به، ولهذا قاربت الفترة الزمنية فيما بين معرضه الفردي الأول ومعرضه الفردي الثاني العشرين سنة. يقول رافي:” انشغالي بالمشاريع الفنية الخاصة كانت تأخذ وقتي، ومشاركتي في معارض فنية جماعية كانت تعيق تنظيمي للمعرض الفردي، إذ كنت كلما رسمت لوحات فنية جديدة شاركت بها في معارض جماعية، وهذا كان يمنعني من اعادة عرضها في معرض فردي، مرت سنوات عديدة دون أن أشعر بالوقت وبأهمية المعرض الفردي للفنان ، ولكني استدركت هذه القيمة في السنة الماضية ، وامتنعت عن المشاركة في المعارض الجماعية ، وعملت على تجميع انتاجي الفني لصالح معرضي الفردي الثاني والذي حمل عنوان “لمحة من الحياة”” .

نظرة خاطفة

–       لماذا اخترت هذا العنوان، وماذا تقصد بلمحة من الحياة ؟

الحياة بالنسبة لي هي لمحة، وأردت عبر معرضي هذا الإخبار عن هذه اللمحة بأسلوبي الخاص، إذ صورت في لوحاتي قصة حياة الأنسان والمراحل التي يمر بها منذ ولادته وحتى شيخوخته، وعالجت التغيرات والمشاكل التي يمر بها بأسلوبي الخاص. فمثلآً صورت براءة الأطفال والأمومة للتعبير عن ولادة الإنسان، وأتبعتها بلوحة “الثنائي” التي تعبر عن حاجة الأنسان لشريك أو صديق أو أخ، وتناولت في لوحة الحب حاجة الأنسان لهذه الحالة، كما تناولت موضوع التنوع في المجتمع وضرورة تقبل الآخر، وذكريات الطفولة والمحيط الذي نعيشه ويبقى في ذاكرتنا، والمرأة و الزواج والانجاب….”

تنوع

عالج رافي في لوحاته أيضاً إشكالية وجود الانسان في المجتمع، واختلاف شخصيته وافكاره وحتى شكله، وصوّر هذه الحالة  من خلال رسم العديد من الوجوه المختلفة الأحجام والملامح واللون والجنس والتعابير …ويرى رافي أنه في هذه اللوحة “coexistence” يعرض تنوع المجتمع وأهمية التعايش فيه، وتقبل الإنسان للآخر. أما في لوحة “circle of life” دورة الحياة فيصور سبعة وجوه ، ويقاربها مع أيام الأسبوع السبعة، ويظهر كل وجه فيها مختلفاً عن الآخر ليقول أن الانسان في كل يوم يكون مختلفاً عن اليوم الآخر، وأن الظروف والاحداث التي تمر بحياته تغيره. وعن لوحة “voice of silence” صوت الصمت، يقول:” الصمت أبلغ من الكلام أحياناً في إيصال الرسائل ، وهذا ما قصدت التعبير عنه في هذه اللوحة”.

تتميز لوحات رافي بخطوط طولية بيضاء تمتد من أدنى اللوحة إلى أعلاها، وهذ الخطوط حاضرة في جميع اللوحات دون استثناء. وعن هذه الخطوط يعلّق رافي قائلاً:” هذه الخطوط تمثل خط الحياة، وهي صلة الوصل بين الارض والسماء، تعبر عن الاتصال الروحاني للإنسان مع ربه. هذا الخط موجود بين الناس والله ، ويمثل عملية التخاطب فيما بينهم، وقد قصدت أن يكون باللون الأبيض لانني أنسان متفائل، فالحياة جميلة رغم الصعوبات الموجودة فيها، وأنا لم أنس هذه الصعوبات ورسمتها كالأشواك على جانبي هذا الخط “.

استحضر رافي العيون في مخلتف لوحاته للتعبير عن حالة أصحابها، وقصد في أن تكون مغلقة في أغلبها، باستثناء لوحتين رسم فيهما العين مفتوحة وبارزة بأدق تفاصيلها، وقد أراد في هذه الحالة تصوير لمحة العين وخط الحياة فيها. كما أراد تصوير تنوع الرؤية واحتمال صوابها وخطئها لدى الناس .

طغت على لوحات الفنان الألوان الباردة، كالأبيض والرمادي والأزرق ، حفلت جميع لوحات المعرض بهذه اللوان ، وأدخل اللون الأحمر الدافيء الى بعضها، للتعبير عن الحب والعاطفة. ويرى رافي أن الألوان الهادئة والمرهفة في لوحاته إنما تعكس حالة الاستقرار النفسي الذي يعيشه حالياً.  “في الماضي كنت أرسم بألوان قوية وصارخة، وأستعمل مختلف الألوان الحارة والصارخة. أما اليوم في هذا المعرض فقد اخترت الألوان الهادئة التي تعبر عن حالة الإستقرار والسكينة ، وذلك ربما لأنني أشعر بالإرتياح وأعيش حالة إستقرار نفسي وعاطفي وأحس بتفاؤل كبير في حياتي، لا أنكر أنني حاولت استعمال الألوان القوية ولكن لم أرتح لها، وفضلت الألوان الباردة والهادئة عليها، فيما استعملت اللّون الأحمر للتعبير عن الحب وبما يتناسب مع موضوع اللّوحة”.

مرَّ رافي كباقي الفنانين التشكيليين بمراحل فنية كثيرة قبل أن يصل إلى تحقيق أسلوبه الحالي، والذي يصفه بالواقعي التعبيري، علماً أنه كان يميل في مراحل سابقة إلى المدرسة السوريالية. “في الماضي كنت أميل إلى السوريالية، وكانت أغلب لوحاتي رمزية فيها الكثير من الأفكار الغامضة وغير الواضحة. أما اليوم فبت أعبّر عن أفكاري بأسلوب واضح وجريء لأنني نضجت وأصبحت واثقاً بنفسي أكثر”. يرسم رافي بمختلف المواد من زيت وأكريليك ومواد مختلفة، إلا انه في هذا المعرض بالذات استعمل الأكريليك والزيت ونفذهما بنفس التقنية وبشكل لا يمكن معه التفريق فيما بينهما.

يجيد رافي النحت بنفس المستوى الذي يجيد فيه الرسم، وهو يحب العمل على  (البرونز) لأنه يراها مادة طيّعة للتشكيل والتعبير أكثر من غيرها من المواد، كالحجر أو الخشب ، وقد عرض في الغاليري أربع منحوتات من البرونز وكانت مشغولة بأسلوب فني متقن إحداها كانت تجسد مجسم لقائد الأوركسترا الارمني “كوهار”، والأخرى مجسم مصغر للمنحوتة التي قدمها للبابا بنديكوتوس السادس عشر والتي  ضمت إلى  مجموعته، إضافة إلى منحوتات أخرى تتناغم مع جو المعرض.

لرافي أعمال فنية مهمة معروضة في متحف Armenian Genocide في ارمينيا، وفي متحف بزمّار للأرمن الكاثوليك في لبنان. ومن بين انجازاته، نصب برونزي لـ هاغوب ميغابارد في بزمار احتفالاً بذكرى الخمسمائة سنة على طباعة اول كتاب ارمني “Ourpatakirk” وذلك بمناسبة زيارة البابا بنديكتوس السادس عشر لبزمار، ونصب جامعة الروح القدس في الكسليك (USEK)، ونصب  “BIAF” Beirut International Award Festival. ويختم رافي بالقول ما اعلنته  اذاعة الفاتيكانا أنه أول فنان أرمني يهدي البابا عمل فني ويضمه الى مجموعته في روما.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات