الشاعرة ليلى عساف تتجلى في مرآة الذات: لستُ من هذا العالم الصاخب بالأجهزة والماكينات

10:27 مساءً الأحد 14 مارس 2021
اسماعيل فقيه

اسماعيل فقيه

شاعر وكاتب وصحافي من لبنان

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print
رسالة بيروت – إسماعيل فقيه

تتحرك الشاعرة اللبنانية ليلى عساف وتنطلق الى الأعماق ، فقد غاصت الى السحيق المتشابك بجذور الحياة، وصعدت الى عنان الذات والمكان ، فوصلت الى حيث تريد، فكانت قصيدتها في ثبات مرآة روحها. قصائد مرآة صافية تعكس حضورها في زحمة الحياة والقلق.
وتقول الشاعرة :
” انني دائماً ذاتي ، عيناي السوداوان وأسباب وحجج..
سعيدة بزقزقة عصفور وقطرة مطر..حالمة ، عاشقة لكل مخلوقات الله..أحسب الأرض بيتي الكبير.أبالغ ربما وكأني لست من هذا العالم الصاخب بالأجهزة والماكينات..دائماً هناك جلبة..
الأمكنة التي نحبها تغادرنا أو نغادرها.
كأنني أعيش في محمية خاصة بي ، فيها بعض الأحيان مصالحة مع الذات، مع ظهور الأجهزة الخلوية التي أحدثت تواصلاً وتشوهاً في علاقة الانسان مع الآخر، حيث الطمأنينة خسرت كثيراً من أسبابها.
الأمكنة التي أحببت دائماً أبحث عنها بأنفاسي..وأحياناً لألمسها.
الأمكنة التي عشتها تسكنني حتى القسوة،أن لها روحاً كما للأشياء لغتها.إنها باختصار تسحبنا خارج عزلتنا.
المكان مساحة ترسم حدودها مشاعرك،أمكنة الطفولة بسحرها وسرها برزخ البياض”.

  • وعن حياتها تقول الشاعرة ليلى عساف : عشت في صيدا القديمة،كانت ظلالٌ تتوالد برغبة ، خطوةٌ ثابتة تكون نشيد حجر رملي صلب..
    دائماً كنت اسعى لاتخطاها،اقصد تلك الظلال،كان عليَ ان ازحزحها كان هناك امواج بطيئة،من شرفة بيتنا المطل على البحر حاولت دفعها بشدة ورحت اصغي لصدى اولئك الذين غرقوا في احضانها،تذكرت ذلك الصياد الملقب “بالبابور”،والذي كتب رسالة إلى البحر احتجاجاً على ما يقلقه.. وذلك الستيني الذي تساءل :هل بقي من العمر ما يكفي لكي اجدل حبلاً من ايام تخلو من حروب ينشر عليه أحلامه..وتلك الصبية التي من على سطح بيتهم القديم راحت تربط شعرها بذيل كوكب يدور حولها..
    أما تلك العناكب التي كانت تعشش بين الظلال فمنها تعلمت رسم الخطوط الصعبة وان احفر في الشكل ،احفر بكل قوتي حتى المس النبض الحي..
    اما اولئك البسطاء الذين عاشوا في مغامرة الحلم والحرية (اقصد سكان صيدا القديمة) فمنهم تعلمت عشق مكان اعيش فيه وتبقى الحجارة الرملية حبلى باشكال تولد من ايام مقبلة.. الأخفاق ،الأبداع،الكتابة،الأنثوية،الذكريات،الشعر،
    الحداثة وما بعدها،الفايس بوك ،الدهشة، التشكيل، الشاعر،الحب
    الأول، الألم؟
    الإخفاق:
    حين لا اكون نفسي، حين اخرج عن خصوصيتي وكينونتي اجاري احدهم من اجل شيء.
    الابداع:
    حين تكون قادراً على ان تنفخ معنىً جديداً في شيءٍ ما. كأن تختزل قضايا كبيرة في كلمات قليلة.
    الذكريات:
    حفيفً جميلٌ أحياناً كثيرة أنتشي بتدميرها.
    ألحداثة وما بعدها:
    أرفض حضارة تغتالها روحاً وجسداً.
    ألشعر:
    أعيشه بروحي وجسدي،ألشعر هو الشعر وهو تعريف ل”أليزابيث دورو”
    للشعر.
    الفايس بوك:
    كل هذه الأصوات لا تجلب نغمة واحدة.
    الدهشة:
    ..ترى علام تتلفت؟
    ألتشكيل :
    هو ألجمال بعينه.
    ألشاعر.
    ليس عليه أن يقرر بل يتساءل.
    ألحب الأول:
    ضوءٌ يبزغ باكراً ويصحبنا الى الأبد ،وقد نقضي عمراً بأسره لنستعيد خفقاته مرة أخرى.
    الألم:
    قد يتجلى في لحظة إلهام خاطفة،لحظة منسية تحت غبار متحجر،وقد يدوم الى الأبد.
    الحب:
    فلتقتنع أخيراً أنك من دونه تبقى معلقاً بين الأرض والسماء..
    الحرب:
    لماذا هناك لزوم للقتل وأنت ميت لا محالة..
    المعرفة:
    تبدأ مع طرحنا الكثير من الأسئلة ..تخنقها أحياناً كثيرة الحقيبة المدرسية.
    الحياة:
    خدعة،لا تستحق كل هذا التفكير،الى الآن لم أهتد إليها..
    الموت:
    انه في إنتظارنا..
    قسوة طويلة في ملهاتها تدرك أن في السماء نجوماً تومض بلا مبالاة
    وأن هناك مصابيحاً مطفأة في مكان،بئر وماء..
    الزواج:
    كبيتٍ أنشيء على شاطيء البحر يتآكل يوميا بفعل الملح والشمس والريح .عليك صيانته من حين لآخر.الدعامة الأساسية تبقى الحب.
    الصديق:
    قد يكون انساناً حيواناً أو شيئاً ،يستطيع أن ينظر الى قلبك.
    الحرية:
    ثابتة في مكانها ،تشاهدها ترتفع حمراء وتستمر في ارتفاعها وعلوها وما عليك إلا القبض عليها..
    الأمومة:
    أعتبر نفسي محظوظة لأني عشت الأمومة وما زال يأسرني وميض قادم من ضحكة طفل في أي مكان من العالم..
    الوطن:
    قد تعثر عليه داخل رغيف ساخن، وقد ترسمه خطوط يدك..أي وطن رائع يمكن أن تتمنى.. لأصبح يوماً ما كائناً مكتملاً.
    هل الوطن بقعة جغرافية رسم حدودها استعمار قديم؟هل هو الأرض التي إحتضنت أجدادك؟
    لماذا نقف طوابير أمام كل السفارات، نطالب بتأشيرة دخول؟؟..

  • يخطر ببالي:”جميل أن نموت من أجل الوطن ولكن الأجمل أن نحيا من أجله”قول، لــ (توماس كارليل).
    ما يقهرني أن حياتك قيمتها رصاصة حين يقرر أحدهم قتلك..يتحدثون عن وطن واحد وعن شعب واحد (حبذا ذلك)..هو في النهاية كرامة وانتماء.
    ألجسد:
    وعاء الروح وما عليك إلا توثيق العلاقة بينهما.
    اللغة:
    تجاه مفردات الكون الخفية تأخذك إلى فضاءات جديدة عبر لغة تتقنها…
    ألقصيدة:
    (يمكن عبر القصيدة قول كل شيء القصيدة وعاء الحياة.(عصام العبدالله)

ــــ ما رأيك بالأدب الالكتروني أو الادب الرقمي؟
ـــــــــــــــ إن إنسان الحداثة، يبدو مشغولاً ومهووساً جداً بأدواته الحديثة (الموبايل،الكمبيوتر،الآيباد) وغيرها..كما أنه مهموماً،بثقل الحروب المتكاثرة حواليه..مشغولاً بتأمين الطعام والماء واللباس أو محاصراً بما هو دون التاريخ..
لذا يوماً بعد آخر بات يفتقد أهم عنصر تكويني فيه”الطيران”أعني حركته الداخلية التي يوجدها القلق والبحث الدائم..
أين أدب المستقبل؟ من الهواتف الذكية، والالواح الرقمية،أتساءل لماذا على الآلة أن تلغي تواجد الكتاب والقراءة الورقية..لماذا لا يتعايشان جنباً الى جنب دون أن تنفي خصوصية أحدهما الآخر.
الادب الرقمي أو الالكتروني،قد يحل أزمة القراءة لدى البعض،لكنه يفتح الباب على مصراعيه لمن هب ودب..لنشر نصوصه بأخطائها الكتابية والنحوية والفنية.
للورق، رائحة تصحبني دائماً لأعثر على زرقة السماء.الورق مصنوع من نشارة الخشب المأخوذ عن الشجر،شيء ما فيه يخص نبضاتنا في القراءة التي تختلف عنها خلف لوح زجاجي….
أقلب الصفحة من اليمين إلى اليسار،أو العكس معها يمر هواء..يحرك أنفاساً يتلقاها القاريء فتشتد العلاقة بين الكاتب والمتلقي..
هناك إشعاعات خفية تنفذ الى فضاءاتها عبر الورق،لتصنع تكوينات في وعاء الروح وتوثق العلاقة بين البشر..
في النهاية:
اتمنى ان يصبح نصي مقروءاً،وأن يترجم لتتسع دائرة القراءة ..لأرى
الآخر ويراني..اللوحة تحتاج الى ناظرها وكذلك النص يحتاج لمن يقرأه..
ـــ ماذا تتمنين في بداية هذا العام؟
ـــــــــــــــ أتمنى في بداية هذا العام أن أملك حدقة طفل يلهو فوق رمال ساخنة..
اتمنى قوة شراع يتحدى الاعصار وقوة مياه تدفع الشر..
أتمنى نظرة صقر ثاقبة..
أتمنى أن تعلو ألسنة النار في موقد الذين لايملكون ثمن المازوت..
أتمنى أن تؤمن الأدوية للمرضى المحتاجين، الذين لايملكون ثمن الدواء..أن يعم السلام العالم.
وان أستطيع أن ألد نفسي عبر الشعر واللون..
أن أستقر في بلدي وأشعر أنني أكتمل أن أكتب أكثر وأن تكون كلماتي كثيفة الايقاع والتوهج والايحاء.
أصف نفسي:
بأنني إمرأة “ثري دي”ولست مسطحة.
أنا ربة منزل وأم ومعلمة..رسامة وشاعرة ، أعد مختلفة بعد كل كتابة أو عمل إبداعي..
تسكنني الأمكنة التي أحتفي بها..
متفائلة مع علمي أن التفاؤول يكون أحياناً بلاهة فظيعة..
متمردة على عصرٍ صار خلواً من الدهشة والمفاجأة شا كرة لنعم الله عليّ وأسعى لأتوحد مع كائناته..
أما الآن وقد قطعت شوارع وأرصفة كثيرة وودعت إناساً كثيرين..
رغم كل شيء لن أكف عن نداء الفرح وأطمح للمصالحة مع ألذات ومع الكون.
وكورونا لم تذكريها؟
لأنها سبب وأساس العلة التي تواجهها البشرية في زمن السرعة القصوى باتجاهات الأسى

One Response to الشاعرة ليلى عساف تتجلى في مرآة الذات: لستُ من هذا العالم الصاخب بالأجهزة والماكينات

  1. محمد درويش الاعلامي الشاعر رد

    15 مارس, 2021 at 12:03 م

    شاعرة حياة هي ليلى عساف بل شاعرة وجود انها قامة فنية تستحق كل التقدير لأنها كتبت في هذا الحوار الجميل مع الشاعر الرائع اسماعيل فقيه قصيدة مشتركة
    لقاء الشاعر والشاعرة في هذا الكلام المشترك والهمس الابدي ما أجمله .
    الف شكر للشاعر الراقي اسماعيل فقيه على هذا الحوار التاريخي لشاعرة تعيش حياتها كما تكتب الحياة و ذاتها في الكثير من الاعجاب والدهشة تنشره مجتمعا على مداخل بيت قصيدتها بل انها الحياة التي في حروفها سحر لا يضاهى والكنز فيها مشعاع الى ما حدود الكون
    .جميلة هي ليلى عساف شاعرة وأكثر….

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات