ثورة.. ودمار

08:56 صباحًا الأربعاء 19 ديسمبر 2012
محمد سيف الرحبي

محمد سيف الرحبي

كاتب وصحفي من سلطنة عُمان، يكتب القصة والرواية، له مقال يومي في جريدة الشبيبة العمانية بعنوان (تشاؤل*، مسئول شئون دول مجلس التعاون في (آسيا إن) العربية

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

هل اقتلاع أنظمة الحكم في بلادنا العربية مؤلم إلى الحد الذي لم يتوقع (جهنمه) أحد؟!

دار السؤال في خاطري كثيرا، منذ أن سمينا ما حدث ربيعا عربيا، مع أنه لم يكن ربيعا كما تعرفه الأزهار والطيور، بل شتاء ثقيلا، يهبط بجليده على جميع فصول السنة، ومفاصلنا، وإن شئنا اختيار مسمى لفصل آخر فليكن الصيف الحارق، إنما ليس ربيعا إلا من باب التشفي.. بالأنظمة المتساقطة.

هرب زين العابدين بن علي.. لا بأس، خبر جيد..

تنحى حسني مبارك وهو في السجن في دراما ساخرة، جاءت بالمسجون إلى كرسي الرئاسة ورمت الرئيس إلى السجن.. ومع ذلك فهو خبر جيد جدا.

سقط معمر القذافي، وقتل بوحشية قد تتناسب مع وحش مثله.. خبر آخر يضاف لأخبار النهوض العربي لجموريات الأنظمة الاستبدادية..

وعلي عبدالله صالح لم يعد رئيسا، مع أنه وطّن نفسه أن يبقى الرئيس الخالد.. وفي ذلك نبأ عظيم للباحثين عن الحرية، أو بالأحرى للزاعقين بها.

جاء الدور على بشار الأسد، اقتلاعه ليس بسهولة ما حدث لأول التاركين للكرسي الرئاسي، ومع ذلك فإن الأخبار لا تسير كما يشتهي هذا الربيع العربي.

انتفضت الشعوب ضد هذه الأنظمة، بعضها أو غالبيتها، وحققت الهدف الأول من غضبتها، تغيّر الرجل القابع على الكرسي، لم يعد الحزب الحاكم نفسه الذي تمدد على البلاد والعباد عقودا طوال، تغيرت المعادلة، خرج المارد من قمقمه، قويا، به حدة الخوف أكثر من تبني الشعارات المرفوعة طوال أيام الانتفاضات الشعبية، لا يريد العودة للقمقم مرة أخرى، ولا أن يدفع به أحد خارج دائرة السيادة التي يظن أنه حصدها ليبقى فيها.. سيدا، مطاعا.

لكن الانفلات يحدث ثقوبا في الثوب الجميل الذي حلم به الجميع، تونس لم تذق طعم الراحة بعد، ولا شعبها الذي يريد حل مشاكله عبر لغة الشوارع وقد رأى أن السياسيين الذين وصلوا إلى دفة القيادة خطفوا منه ثورته وأحلامها، وأن دماء الشهداء تبخرت فلم تشفع لشاب أن يجد وظيفة، ولا لمعسر أن يتبين اليوم الأبيض من اليوم الأسود، والاقتصاد يترنح تحت وقع الاضطرابات والاعتصامات، والبلدان المعتمدة على نفط السياحة تدفع الثمن مضاعفا عن كل يوم ينهض فيه القلق قبل أن يستيقظ زعيم الأمة من مرقده.

تخلصت البلدان من أسماء الذين مكثوا على عروشهم عقودا، لكنها غرقت في الفوضى.. وسوريا تعيش متاعب مؤلمة، تسترجع نظرية المؤامرات والشعارات ذاتها التي ارتفعت كلما ارتفع صوت (لا) في شارع عربي.

هي فوضى الرؤية لما حدث، وسيحدث.. لا استبعاد لمؤامرة (إن رغبنا) ولا لثورة مطالب شعبية (إن شئنا) مع أن الهدفين متناقضين، في سوريا: مؤامرة أو ثورة؟.. قد نتسمك بالمفردتين حتى يقضي الله أمرا (كان مفعولا) لحاضرة عربية يقتل فيها السوري أخيه، يموت الشعب بين قصف جيش (نظامي) وآخر (حر).. ولا حرية للمواطن العادي إلا أن يموت برصاصة أحد الطرفين.

ماذا تبقى من سوريا ليتقاتل عليه الرفاق؟ تعددت المقابر وأرقام الملاجيء.. ومع ذلك فإن المواطن العربي يبحث عن ربيعه!

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات