لندفع معًا عجلات السعادة

03:19 مساءً السبت 2 مارس 2013
أشرف أبو اليزيد

أشرف أبو اليزيد

رئيس جمعية الصحفيين الآسيويين

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

مشروع بحثي مشترك بين آسيا إن (The AsiaN) ومؤسسة تاريخ شمال شرق آسيا (Northeast Asian History Foundation )

المحرر: يتعرض الأمن في شرق آسيا لبحر هائج أججته الأزمة النووية لكوريا الشمالية  التي تبرز وسط النزاعات الإقليمية القائمة والصراعات عميقة الجذور بين الدول في المنطقة. تبحث كل من كوريا الجنوبية والصين واليابان والبلدان المعنية بشكل مباشر عن نظام جديد وسط عملية انتقال السلطة. وبحثا عن حلول عقلانية للصراعات التاريخية في شرق آسيا، فإن آسيا (The AsiaN) ومؤسسة تاريخ شمال شرق آسيا (Northeast Asian History Foundation ) تقدمان بشكل مشترك سلسلة من الأعمدة التحليلية لخبراء حول القضايا الراهنة في شرق آسيا. وسيقدم المساهمون رؤاهم المتعمقة وحلولا استراتيجية بأربع لغات هي الانكليزية والكورية والصينية والعربية. هذه هي مقالة رئيس التحرير:

“يبدو نهر تائيدونج أكثر جمالا عند الغروب.

يمنح النهر مدينتنا الحياة.

نهر تائيدونج!

لقد وهب القائدُ الأب حياته كلها له.

لذلك هو أثمن من الأشياء جميعا.

جعل القائد العام منه كنزا غاليا.

لذلك يبقى اسمه مبجلا.

حين نخدم أرض الآباء بكل إيمان.

بكل ما في عزمنا.

حينها نجد السعادة الحقيقية للحياة”.

تلك سطور أغنية نسمعها مع نهاية فيلم كوريا الشمالية “عجلات السعادة”، الفيلم الذي كتبه كيم سونج أوك، وأخرجه الفنانان المكرمان جونج كون جو، وريم تشو هو، وألف موسيقاه كيم يونج سونج. يروي الفيلم قصة مهندسة متزوجة هي جي هيانج (تقوم بدورها الممثلة ري مي يانج)، التي اضطرت لترك عملها عشر سنواتٍ كي تربي طفليها وتساعد زوجها، قبل أن تقرر العودة مجددا إلى عملها.

كمهندسة تصميم موهوبة وحريصة كان صراع العودة لمكانها ومكانتها في المكتب شاقا. أدركت أنها ارتكبت خطأ فادحًا حين ابتعدت عن مسيرتها العملية بينما كانت البلاد كلها ـ تحت رعاية الجنرال العام والقائد الأب ـ لا تتوقف عن بناء الوطن. حتى أنها اضطرت إلى إعادة تصميم مشروع هندسي ضخم كانت قد أنجزته بعد أن اكتشفت أن الهندسين الآخرين خلال غيابها قدموا لوطنهم الحبيب مشاريع معمارية أفضل.

في النهاية، تعين لجنة الحزب المهندسة جي هيانج رئيسة لقسم التصميم. ينال ستودي الفيلم الكوري وسام شرف باسم الزعيم كيم إل سونج، ويمثل الفيلم كوريا الشمالية في أسبوع للسينما عرض في الكويت قبل عدة أسابيع.

ينال مني العجب، حين أسأل كيف يمكن لهذا الفيلم أن يكون نبراسا هاديا لقراءة المجتمع الكوري الشمالي من الداخل. لأنه خارج ذلك البلد نتصرف عوضا عن هؤلاء الكوريين الشماليين؛ ونرى أنفسنا أكثر قدرة على فهم مواقفهم ودوافعهم منهم أنفسهم، بل ونتصرف ببساطة كما لو كنا الوجه الآخر لعملة الديكتاتورية!

لا ينظر أحد إلى كوريا الشمالية بعيدًا عن صورتها النووية التي لا تمل وسائل الإعلام من تكرارها والتركيز على السلوك “الشرير” لهذا البلد الصغير. ولا يوجد بين هؤلاء المثاليين الناقدين من يسأل: “لماذا تفعل كوريا الشمالية ذلك؟”

بجانب هذا الأمر، والأكثر دهشة، يمكن أن يثار في الشرق الأوسط نفسه بين العرب، الذين ربما يتساءلون: “لماذا تعد كوريا الشمالية (مع إيران) رمزين للشر، بينما تعطى دولة الإحتلال الإسرائيلي الحق بأن تفعل مثلهما (امتلاك الأسلحة النووية) دون أن تلام، أو تعاقب؟

لذلك، إذا ظننا أن صورة البلد الشرير ستظل لصيقة بكوريا الشمالية أمام العالم، فعلينا إعادة التفكير مرة أخرى، لأن هذا البلد قد يمثل أقطارا أخرى كثيرة تريد أن تقلد كوريا الشمالية، ولكن، ولأسباب عديدة، لم تنجح في فعل ذلك.

وبينما تركز الولايات المتحدة على استهداف “محور الشر” عبر الإعلام العالمي، فإن الأمريكيين أنفسهم لن يستطيعوا تجميل صورتهم “الشريرة” الخاصة بهم، لدى الملايين المتظاهرين في كل مكان، بسبب ما تقترفه الولايات المتحدة من أفعل كغزو البلدان والعمل على زعزعة الاستقرار في بلدان أخرى.، بل وحتى تدمير الطبيعة.

فالمظاهرات لا يقوم بها فقط مسلمون غاضبون يعارضون قتل مدنيين أبرياء بطائرات بدون طيار ترسلها الولايات المتحدة في سماء الباكستان، لكن التظاهر يحدث أيضا في الفلبين فنجد تظاهرات فلبينية تتجمع وفوق رؤوسها أشرطة تمثل السلاحف البحرية أمام السفارة الأمريكية في مانيلا، بعد تعرض الحوض البحري الشعابي للتدمير من قبل كاسحة ألغام أمريكية في توباتاها، وهو موقع يعد في قائمة التراث العالمي الجدير بالحماية، جنوب غرب الفلبين، في يناير الماضي.

ما أعنيه هو أن الولايات المتحدة لن تربح الحرب الإعلامية للأبد، كما لن يتقبل العالم أن يستدرج إلى أو ينخرط في حروب لا يريدها، مرة بعد أخرى، بدى من الولايات المتحدة، ليكتشف، بعد فوات الأوان، أنه لم يكن هناك من سبب لبدء الحرب، كما حدث في العراق، حين كان السبب في الغزو الأمريكي هو التحكم في وتدمير الأسلحة النووية، لنكتشف عدم وجود تلك الأسلحة بعد 10 سنوات، من الحرب المدمرة. إن طريقنا الوحيد للتعامل مع هذه القضية في شرق آسيا هو إيجاد طريق بديل، طريق ثالث عوضا عن حروب الكلام، ومعارك الميدان.

هذا الطريق البديل لن يكون العقوبات، وأجدني متفقا مع السيد زسو يانج، الباحث الأول في معهد الصين للدراسات الدولية (CIIS) ونائب رئيس معهد باؤو لمنتد آسيا البحثي، الذي أكد في واحد من لقاءاته على شاشة التلفزيون المركزي الصيني (CCCTV) يوم 17 فبراير الماضي، على أن العقوبات لا تجدي لمعاقبة كوريا الشمالية.

لم يشر إلى أن الصين ستبقي الباب مفتوحا لمساعدة كوريا الشمالية العقوبات ضد مثل هذه العقوبات.

لكنني على يقين أنه ـ حتى بدون الصين ـ كما حدث في الماضي بالبلدان المعاقبة الأخرى (مثل كويا، وجنوب أفريقيا، وإيران، وليبيا، وسورية) لن تجدي العقوبات لأن هذه  البلدان كانت دومًا قادرة على إيجاد سبيل سري ما لتجنبها.

هذا لا يعني أن الصين تدعم كوريا الشمالية كي تواصل طريقها في الحقبة النووية، الواقع أن العكس هو الصحيح، لأن السيد زياو يانج يشرح ذلك عبر القضايا التي تجمع بين الصين وكوريا الشمالية.

الفرق الرئيسي بين الصين وكوريا الشمالية يتعلق بالقضية النووية حين تقول كوريا الشمالية إن التخلي عن أسلحتها النووية يجعلها أقل أمنها القومي أكثر تعرضا للخطر، في حين أن الصين تميل إلى القول خلاف ذلك، حيث تذكر الصين أن كوريا الشمالية سوف، تصيح أكثر أمنا في الواقع، إذا تخلت عن أسلحتها النووية، وسوف تكسب فرصة تحقيق الرخاء يفتح لكوريا الشمالية الباب نحو الموارد الدولية من خلال نزع الأسلحة النووية. لكن ما يحدث في الوضع الدولي يميل إلى تشجيع كوريا الشمالية على ألا تصدق الصين. تتذكر كوريا الشمالية حالتي ليبيا والعراق كلما رددت الصين يجعل هذه الاقتراحات. ويعتقد السيد يانج أنه من أجل إقناع كوريا الشمالية بنزع السلاح النووي، على المجتمع الدولي يؤسس لهيكل واضح للفرص البديلة، فعدم وجود مثل هذا الهيكل وراء فشل المجتمع الدولي إقناع كوريا الشمالية. إنهم يوضحون ما على كوريا الشمالية أن تقوم به، ولكن الفوائد التي سيحصلون وراء ذلك ليست واضحة بالمثل.

وإذا كان العديد من الصينيين يقولون إنهم محاطون بدول تمتلك أسلحة نووية بالفعل، وأنه لا يهم إذا كانت لدينا دولة أخرى، سنجد الأمر يختلف جدا لدى المسؤولين الصينيين؛ لأن كوريا الشمالية نشرت مخزونها النووي قرب الحدود الصينية المأهولة بكثافة بشرية كبيرة، لذلك، تحرص الصين على مواصلة نزع السلاح النووي في الهند، ولكن الهند النووية بعيدة جدا، سواء عن الجاذبية المركزية للسياسة أو الاقتصاد. ولكن الأمر مختلف تماما مع كوريا الشمالية، حيث تعد منطقة شمال شرق آسيا واحدة من القواعدا الاقتصادية ذات الكثافة السكانية العالية، ولا يمكن للصين أن تقبل قوة نووية دائمة لعقود أو حتى لقرن من الزمان. وهذه هي فرصة لجميع الأطراف كي تفكر معا، لإعطاء كوريا الشمالية فرصة لاختبار الفوائد بدون الطاقة النووية.

إنني أرى ذلك المجال في السياحة، والتعليم، والثقافة، والأنشطة الإجتماعية. يجب تشجيع المزيد من الجهود لإشراك كوريا الشمالية مع الدول المجاورة الأخرى. يجب أن يكون هناك قطار للسلام يعبر بلدان الصين واليابان وكوريا كل سنة وشهر ويوم، مع مسافرين من مختلف البلدان، يضم بينه حتى الروس والفلبينيين، والجنسيات الأخرى في منطقة شرق آسيا، مع معسكرات لاستضافة المجموعات الرياضية من جميع الجهات، وعلى الجامعات أن تقبل جنسيات متعددة أكثر من ذي قبل، وأن تعرض الأفلام بحرية. يجب أن يحدث التغيير في مستويي القيادة، وأبناء الشعوب كذلك.

في شهر أغسطس الماضي كنت أزورالهند، ورأيت اكتساح فيلم “Ek the Tiger”  لجميع دور السينما القصة من تأليف وإخراج كبير، عن الشرس تايجر (الممثل: سلمان خان) الذي ذهب كعميل في مهمة استخباراتية هندية لاسترداد معلومات من باحث في دبلن. هناك يرى مساعدة ذلك العالم: وهي عميلة المخابرات الباكستانية، زويا (تمثيل: كاترينا كايف). يقعان في الحب، ويحاولان الزواج، والعيش بعيدا عن الاستخبارات في بلديهما.

جيل الشباب ممثلة في تايجر وزويا يعتقدان أن كلا مننهما ينتمي للآخر، ولهذا فإن عليهما توحيد حياتيهما. لكن أعضاء الاستخبارات في الهند والباكستان لا يجتمعان في الفيلم إلا لمحاربة هذين المواطنين اللذين يريدان للحرب أن تتوقف.

حين سئل تايجر من رئيسه في الاستخبارات عن عودته أجابه تايجر:”سأعود عندما يعتقد كل واحد أنه لا يوجد سبب لخوض حرب غير مرغوب فيها”.

هذا صحيح، يمكن أن يكون المستقبل لنا، عندما نصبح مؤمنين بقوة السلام. لذلك دعونا نعيد بناء الطرق الحرير الجديد، طريق تسلكه رسل السلام ولا تمضي به قوافل الغزاة. إن عجلات السعادة حقيقية، ولكن يجب أن يدفعها كل واحد منا.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات