مصر في عهد الإخوان: بلد جنازات، لا إنجازات

07:37 صباحًا الأربعاء 30 يناير 2013
شينخوا

شينخوا

وكالة أنباء، بكين

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

 

ميدان التحرير في الذكرى الثانية لجمعة الغضب: لم يتغير شيء

كتبت:  إيمان جيانغ

وسط أجواء مشحونة مع حلول الذكرى الثانية لثورة 25 يناير واعلان الحكم في أحداث ” استاد بورسعيد”، تفجرت أحداث عنف واشتباكات دامية في أصقاع مصر، ما جعل  الرئيس المصري محمد مرسي يسارع بإعلان حالة الطوارئ وفرض حظر التجوال في محافظات القناة الثلاث الأكثر اضطرابا ويدعو إلى إجراء حوار وطني يضم رموز القوى السياسية بغية العبور بمصر إلى الاستقرار والأمان .

ويرى الخبراء الصينيون أن المأزق الذي يمر به نظام مرسي هو الأشد سياسيا منذ صعوده إلى سدة الحكم وأن السبيل الوحيد للخروج منه يكمن في إجراء حوار وطني حقيقى لبناء مجتمع يتمتع بالشمولية والانتعاش الاقتصادي . بيد أنهم يعتقدون أن عملية الإصلاح السياسي في مصر تستلزم جهدا كبيرا وتتطلب وقتا طويلا في ضوء الخلاف العميق بين القوى الدينية والعلمانية.

أسباب عميقة وراء اشتباكات دامية

اجتاحت مظاهرات عارمة العديد من المدن المصرية منذ يوم الجمعة الماضي في الذكري الثانية للثورة، طالب خلالها المتظاهرون باستكمال أهداف الثورة وإقالة الحكومة الحالية. ومع صدور حكم قضائي بالإعدام بحق 21 متهما في أحداث “استاد بورسعيد” يوم السبت، شهدت مصر حالة من العنف اسفرت حتى الآن عن سقوط 56 قتيلا وما يزيد على 1400 جريح.

ومن وجهة نظر خه ون بينغ الباحثة بمعهد دراسات غرب آسيا وأفريقيا بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية ، فإن السبب الجذري وراء ما تعيشه مصر من مظاهرات هو الشعور “بخيبة أمل” تجاه الثورة التي وضعت نهاية لحقبة حسني مبارك التي استمرت نحو ثلاثين عاما.

وقالت السيدة خه إنه بعد مرور عامين على الثورة، لم يشهد المجتمع المصري تغييرات ملحوظة في ظل ما يواجهه مرسي من مشكلات ضخمة على طريق استكمال بناء مؤسسات الدولة وتحقيق النهضة التي ينشدها الشعب.

وأضافت خه بقولها إن انفجار جولة جديدة من المظاهرت المشوبة بالعنف يرجع إلى شعور تراكمي بعدم الرضا لدى المصريين ساهم في تزايده تردى الأوضاع الاجتماعية الحالية وبطء وتيرة الإصلاح وحالة الانقسام المجتمعي والخلاف بين السلطة التنفيذية والقضائية والجدل الأخير حول الدستور الجديد للبلاد .

وأشارت خه إلى أن حالة الاستياء التي تغمر الشارع المصري وتؤرقه وتخيفه من المستقبل يمكن ارجاعها إلى عاملين رئيسيين، أولهما السياسي: فالخلاف حول صلاحيات الرئيس والجيش والصراع السياسي بين القوى الدينية والعلمانية والجدل الشديد الذي سبق إقرار الدستور الجديد تكبل جميعا دون أدنى شك يدي الحكومة المصرية وتعوقها عن تحقيق إنجاز ملموس على الأرض .

أما على الصعيد الاقتصادي ، فلم يطرأ تحسن كبيرعلى مستوى معيشة المصريين الكادحين الذين قاموا بثورة التغيير، إذ تشير التقارير إلى أن معدل البطالة في مصر بلغ 12 في المائة فيما وصل عجز ميزانيتها إلى ارتفاع غير مسبوق وانخفض احتياطي النقد الأجنبي لديها إلى النصف مقارنة بما كان عليه قبل عامين وسجل سعر الجنيه المصري تراجعا قياسيا أمام الدولار ، وهذا كله دفع المصريين إلى التعبير عن غضبهم على هذا النحو العنيف.

ويرى بعض المحللين السياسيين أن مصر تدور الآن في حلقة خطيرة، إذ انه مع عدم استقرار الأوضاع السياسية وتصاعد العنف، يدفع قطاعا السياحة والاستثمار فاتورة باهظة وتزداد صعوبة إخراج الاقتصاد المصري من عنق الزجاجة، ما يؤثر بدوره على الأوضاع المعيشية ويثقل كاهل المواطنين بأعباء أكبر ويدفعهم إلى مظاهرات واعتصامات لا نهاية لها.

ولفتت خه إلى أن حكومة مرسي ترغب في العمل على تحسين الوضع الاقتصادي شيئا فشيئا من خلال خفض الإنفاق وزيادة الضرائب ورفع الدعم عن بعض المواد البترولية، وجميعها شروط للحصول على قرض بقيمة 4.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، ولكنها تواجه في تنفيذ ذلك عقبات بسبب اضطراب الوضع السياسي بين الفنية والأخرى، ما يجعلها غير قادرة على تحقيق إصلاح اقتصادي حقيقي.

ضحايا اشتباكات بورسعيد على النعوش: مشهد تكرر في عهد مرسي أكثر مما حدث خلال عقود من عهد مبارك

مصر قادرة على تجاوز مفترق الطرق

وفي الوقت الراهن، هناك آراء تقول إن مصر وصلت الآن إلى مفترق طرق بعد عامين على اختلاج قلوب شعبها بآمال كبيرة في دفع عجلة تنمية البلاد للأمام ، وهو ما يتطلب من أبناء “أرض الفراعنة “توحيد الصفوف والكفاح بلا كلل من اجل حياة أفضل في بلادهم .

وفي ضوء الوضع الصعب في مصر ومطالبة بعض قوي المعارضة بتنحية الرئيس الحالي، أكدت المحللة السياسية خه أن إمكانية اسقاط نظام مرسي ضئيلة للغاية وأن مصر ليست بحاجة لثورة أخرى، ولكنها أوضحت إنه إذا ما أصرت هذه القوى على مطلبها هذا، فستصبح استعادة الهدوء في مصر مسألة بالغة الصعوبة.

وشاطرها الرأى وانغ جينغ ليه الباحث في معهد دراسات غرب آسيا وأفريقيا بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية ، قائلا إنه من السابق لأوانه الحكم على نظام مرسي أو التكهن بأنه سيسقط.

وأوضح وانغ يقول أن هذه الاشتباكات أو الأزمات تعد نتيجة حتمية لعملية الاصلاح السياسي والتنمية الاجتماعية وأن الخلاف و المواجهة بين القوى الدينية والعلمانية سيستمران لوقت طويل.

ويرى آن هوي هوه سفير الصين السابق لدى مصر أنه نظرا لاقتراب موعد الانتخابات التشريعية المصرية التي من المقرر أن تجرى في أواخر فبراير، يعد ظهور منافسة سياسية محمومة أمرا متوقعا ومعتادا.

وقال السفير آن إن تنظيم المعارضة لتلك المظاهرات والاحتجاجات في هذا الوقت يهدف في المقام الأول إلى كسب المزيد من الأصوات في الانتخابات المقبلة.

وقد شاركت 16 جماعة سياسية على الأقل، من بينها جبهة الإنقاذ الوطني، في المظاهرات التي اقيمت بمناسبة الذكرى الثانية لثورة 25 يناير ورفعت شعارات ترفض حكم الإخوان وتطالب بالغاء الدستور الجديد وحل حكومة قنديل وطرح جدول زمني للاصلاح الاجتماعى وغيرها.

وفي رؤيتهم لهذه الأحداث، يعتقد بعض المحللين أن هذه الجولة من المظاهرات قد تعمل على إحداث توازن جديد في نسبة التأييد الشعبي لمختلف الأحزاب المصرية خلال الانتخابات التشريعية المقبلة.

وقالت الخبيرة خه إنه ينبغى على مرسي مواصلة الحوار مع جميع القوى السياسية في مصر والتخفيف من حدة قلقها والعمل معا من أجل مواجهة التحديات والصعوبات المقبلة بغية بناء مجتمع مصري يتمتع بالشمولية والاستقرار، ما يمهد الطريق للانطلاق نحو نهضة مصر.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات